18 ديسمبر، 2024 10:19 م

الثورة بلغة الحسين

الثورة بلغة الحسين

مالذي يجعل البشر متعلقين بالدنيا بهذا القدر، مالذي يدفعهم نحو إقتناء القصور و الدور وزخرف لماع، مالهدف الذي من أجله يتبارون ويتقاتلون، ثم يكيدون لبعضهم الآخر، هل هو إحساس؟ أم شيء ملموس؟ أم لحظات انتشاء جربوا حلوها، قبل أن يعوا أخرها المر.

بين طبول الحرب وصليل سيوف الموت، ومع أقتراب خيط فجر أبيض ليوم أسود، لم يشهد التاريخ مثيله، كان هناك من فرق بين الحق والباطل بفكرة، من زهد بما في الدنيا ليشتري إحساس لم يصله الملوك وجناة الأموال، هؤلاء خيروا النفس بين الرضا والنشوة، فكانت الأولى دائمية والثانية وقتية.

الحسين بن علي ( عليه السلام ) وثلة راكزة العقيدة، واضحة المبدأ، تمتلك مقومات التغيير مما يؤهلها للقيادة في ظل تنافر الأفكار، وتوحيد المطامع في المجتمع، كانوا على موعد مع المجد.

رجال ونساء، شباب وشيبة، يقودهم رجل مهيب، له من التاريخ والارث العائلي والحسب والنسب، ما لم يزاحمه فيه بشر، تتبارى فيه صفات القيادة والإنسانية لتتغلب واحدة على الأخرى بفخر، رفض الخنوع في وقت كان الحاكم ظالم وجائر، والدولة الإسلامية التي أسسها ربيب السماء محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم) بين فكي مفترس، والنفاق قائم على قدم وساق.

أول مابدأ الحسين بتصحيحه هو الفكر، خرج داعيا لإعادة النظر في أمور دينهم ودنياهم، لم يرفع سيفا، بل رفع شعار الإصلاح في أمة افسدها خليفتها و حاشيته الصعاليك، دعاهم للتأمل حولهم، هل هذي الحياة الكريمة التي ينشدون؟ هل أخرجهم الإسلام من الجاهلية و الأستعباد، ليفرض عليهم القتل والتنكيل بأسم الدين وعلى يد حماة الدين؟

حاشى لله ولرسوله ذلك، أرادهم أحرار كما خلقهم يرجعون، يقولون الحق ولو على أنفسهم، يسعون للدولة العادلة بكل الطاقات، اسلوبهم الحوار بالحسنى، والمصلحة العامة فوق الخاصة تحت أي ظرف كان.

مارفع الحسين بن علي ( عليه السلام ) سيفا، ولا سدد رمحا، بل كان داعيا الناس للوقوف مع أنفسهم، وتشخيص نقاط الخلل التي أوصلتهم لتلك الحال، فهو مؤمن بأن حيث توجد المشكلة يكون الحل ماثلا، لكنه يغيب عن النظر بسبب غلبة الإحساس بالظلم، التي تدفع الإنسان نحو التقوقع على ذاته، منتظرا اليد التي تمد إليه، دون أن يعلم أنها يده في داخل صدره.