23 ديسمبر، 2024 5:14 ص

الثورة الإيرانية بعد كل هذا الزمن

الثورة الإيرانية بعد كل هذا الزمن

كنت صغيرا الى الحد الذي يعيق فهمي لطبيعة مايجري من تطورات في المنطقة حينها. وكان ذلك أواخر السبعينيات حين تفجر غضب الشارع الإيراني خاصة وإن الثورة الإيرانية كانت تندفع بطريقة غير تقليدية لتحقق التغيير وتطيح بالشاه. كان الفضل في ذلك للشارع الإيراني الذي تعاطف مع قادته، وتحدى قامعيه، وحقق ماكان يريد، وهو الأمر الذي حول إيران من دولة تدور في فلك بعض القوى الكبرى، الى دولة تمتلك فلكها الخاص، ومدارها الذي تحلق فيه، وتكون دولة مختلفة منحت شوارعها دفقا إستثنائيا هائلا كان من الصعب وقفه، والتأثير فيه، وكان طبيعيا أن يحدث هذا الذي نسميه ثورة، ويسميه الإيرانيون وفقا لتقاليد لغتهم إنقلابا. لكن كلمة إنقلاب قد تكون سبة في عالمنا العربي. فإذا أعجبتنا ثورة سميناها ثورة، وإذا أزعجتنا سميناها إنقلابا.

تذكرت صور تلك الثورة وأنا اتابع عبر تقنيات بث حديثة مجريات ثوراتنا العربية، وخيباتنا في مواجهة الواقع. ففي تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا والبحرين والعراق حصل مالم يكن في الحسبان فماأراده الشعب تحول الى وجهة مختلفة غائمة وضبابية ولم تعد الناس تؤمن بالتغيير خاصة حين تحولت تلك الثورات الى هزائم وأحزان ومهازل وهروب جماعي الى المجهول وهجرات الى احضان أنجيلا ميركل بحثا عن دفء مفقود.

الثورة الإيرانية صنعت دولة قد لايحبها بعض العرب، ويناكفونها ويحملونها بعض مشاكلهم، ولكنها دولة يحسدها من يزورها، أو يغبطها وهو يرى أن هناك إنضباطا عاليا، وتحولا مختلفا. إيران دولة تعيش افقا مختلفا وفي حين نهرول لسلام واهم مع من أذلنا ومسح بنا البلاط تفاوض على ملفها النووي، وتسعى لإمتلاك المزيد من التكنلوجيا.

إيران عام 1978 وإيران عام 2011 مكان للتغيير والتأثير وإذا كانت للعرب حسابات خاصة معها فلابد من فهم لطبيعة هذه الدولة وديناميكيتها، والتوقف عن شتمها، والبحث عن طريقة ما للتعاطي معها بأسلوب يجعلنا نتحداها في ميادين نجحت فيها، ولانستمري عداءها لأننا في الآخر سنخسر. فأدواتنا صالحة للتفاوض وليس لهزيمة الطرف الآخر.

الإيرانيون يحتفلون بعيد الثورة التي فجرها قائد مختلف في زمن كان القادة فيه بالفعل من معدن خاص سواء الطيبون منهم، أو الأشرار.