الثورات بحاجة لقيادات ثورية تستوعب تطلعات الجماهير وتوظف طاقاتهم , لتحقيق الإرادة الوطنية القادرة على تأمين المصلحة العامة , وأي ثورة مهما كانت صادقة وعفوية تتحول إلى عدوان شديد على الذات والموضوع , كما حصل لثورات العرب في مطلع العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين , فبرغم ما قيل عنها من سلب وإيجاب , لكنها ثورات بلا قيادات , فركبتها القِوى المؤدينة المسخرة لتدمير البلاد والعباد , ونجحت في الدول التي ضعف فيها الجيش وفقد دوره الوطني.
فمهما قيل عن تلك الثورات , فأن غياب القيادة الثورية الواعية والرؤية الراجحة , والنخب المستوعبة للحاجات الجماهيرية من أهم أسباب تحولها إلى نكبات.
في مصر تمكن الجيش من إنقاذ البلاد من وعيدها , وكذلك في تونس , أما الدول الأخرى فأصابتها بمقتل , كما في ليبيا واليمن والسودان وسوريا , وباقي البلدان التي تحقق تدمير الجيش فيها أولا , لتعم الفوضى وينتصر أعداء الدولة والدين , بإسم الدولة والدين.
فالثورات المعروفة الناجحة في العالم , ومنذ الثورة الفرنسية , لها قادتها ومفكريها ونخبها ومثقفيها , وإبداعاتها الفكرية والثقافية التي تحدو مسيرتها وتحقق أهدافها.
وفي مجتمعاتنا إنتفى وجود أدوات الثورة القيادية وعناصرها التنويرية الرائدة , صاحبة الرؤية الواضحة , والراسمة لخارطة طريق الصيرورة والنماء.
ولهذا فأنها تجردت من معاني الثورة الحقيقية , وتحولت إلى ورطة كبيرة مجهولة النهايات.
فهل لنا أن نثور بصدق على واقع يستهلكنا بالبهتان والضلال والأوهام الخرافية؟!!