26 نوفمبر، 2024 10:16 ص
Search
Close this search box.

الثورات العفوية لا تغيّر!!

الثورات العفوية لا تغيّر!!

التغيير قرار سياسي ولا يمكنه أن يكون منطلقا من الأسفل إلى الأعلى , وإنما يجب أن يكون إرادة مفروضة من الأعلى على ما تحتها , وهذا يعني أن الثورات العفوية مهما بلغت من القوة والقدرة فأنها لن تُحدث تغييرا , إذا إفتقدت للقيادة والعقل الرائد المستوعب لتطلعاتها والقادر على إستحضارها والعمل بموجبها , فالثورات العفوية الخالية من القيادة الموجهة لها هي ثورات مقطوعة الرأس.
وهذا يفسر كيف تم الإلتفاف على الثورات العربية العفوية وإمتطاؤها من قبل قوى لم تشارك في إنطلاقتها , وإنما جنت ثمارها وإدّعتها لها , وقد رأينا ذلك واضحا في الثورة المصرية التي تواصلت لبضعة أيام , ثم إستولت عليها قِوى كامنة في المجتمع , فحصل الذي حصل.
وكذلك الثورة التونسية من قبلها , لكن هذه الثورة أخذت تفرز قادة حقيقين بعد سنوات من تجربتها الصعبة وتحدياتها المتجددة.
أما في الدول العربية الأخرى فأن الثورات قد تحولت إلى مآسي وويلات , لفقدان القيادة المنسجمة مع إرادة الثائرين , والمنظمة لطاقاتهم وتوجيهها نحو الهدف المطلوب.
ولا تزال الثورات العربية في محنة المخاض الحقيقي الذي سيأتي حتما , بعد أن تختمر التجربة وتنطلق الإرادة بوعي معاصر وبقيادة ذات قيمة حضارية وتأريخية , فليست كل قيادة تصلح لبناء الحياة , وإنما القيادة المتصالحة مع نفسها ومكانها وزمانها , والتي تمتلك رؤية إستشرافية ذات وضوح وآليات عمل وقدرات إنجاز.
قد يقول قائل إن ما جرى ليس بالثورات , ومهما قلنا وأولنا وبررنا , فأنها ثورات بكل معنى الكلمة , لكنها بلا مفكرين ومنورين وفلاسفة ومنظرين , أي بلا قيادات تؤهلها لتحقيق التغيير الإيجابي الصالح للأجيال , ولهذا وجدت نفسها أمام متاهات وإندهاشات دفعت بها إلى الإرتداد أو الندم والخوف , لأن البديل لم يكن جاهزا , ولولا القوات المسلحة في بعض الدول العربية لتحطمت تلك الدول وتمزق المجتمع , لأن من أعظم ما يصيب المجتمعات أن يحصل التغيير ويغيب البديل الفاعل القادر على تأكيد صناعة المستقبل الأفضل.
ويمكن القول بأن الثورات العربية قد إستحضرت الأمل , وستتعلم الأجيال منها وستصنع قياداتها المتوافقة مع رؤيتها المعاصرة للحياة.
وإن أمتنا لقادرة على التمخض والإنطلاق بما فيها من طاقات نحو أبهى مستقبل ومجد أثيث!!

أحدث المقالات