23 ديسمبر، 2024 5:49 ص

الثورات الإنتحارية!!

الثورات الإنتحارية!!

المجتمعات العربية قامت بثورات فتاكة ضد الذات والموضوع , الذات هم الذين قاموا بالثورة والموضوع الوطن اذي تحققت من أجله الثورة.
الثائرون فتكوا بأنفسهم وتماحقوا حتى تفرد واحد منهم بمقدرات الأمور , والوطن تحول إلى مسرح للتداعيات والتخبطات والإضطرابات والإنهيارات القيمية والأخلاقية , ومرتعا للحركات المؤدْيَنة التي وجدت ضالتها في تجارة ما تسميه بدين.

الثورات العربية أكلت رجالها بوحشية مروّعة!!

قد يأتي البعض بأسباب لا تعد ولا تحصى وتبريرات جمة , وتحليلات وتعليلات مكررة لا تطعم من جوع ولا تغني من برد , لكن الحقيقة المريرة أن العرب من المجتهدين بالإجهاز على ثوراتهم والإتيان بما يعارض أهدافها وشعاراتها المطروحة للإستهلاك والإغواء والترويض.

تستيقظ صباحا على بيان رقم واحد يعلن قيام ثورة ضد نظام حكم يصفه بأبشع التوصيفات , ويقضي على رموزه بقسوة وإنتقام مروّع , وتتوالى البيانات وتنتهي المسيرة إلى مزيد من الويلات والتداعيات , حتى لتتمنى بقاء الحكم الذي كان قبل ما أسموه بالثورات.

وبعد دوران الأيام بسنينها وعقودها تقف أمام ما أنجزته الثورات , فتكتشف أنها زوابع في فناجين الويلات , وصراخات بلا صدى , وأعاصير تمكنت من إقتلاع هوية وجودها وقيمتها في حياة الأجيال , التي أضاعت بوصلة مسيرها وتاهت في دياجير الإنتكاسات والإنكسارات العارمة المتواترة بلا إنقطاع.

فهل هي حقا ثورات , إذا قورنت بالثورة الصينية والروسية والكوبية وغيرها من الثورات؟!!

يمكن القول بأنها كانت حركات وفقا للعبة تبادل الأدوار , لخدمة مصالح القابضين على مصير البلاد والعباد من القوى الإقليمة والعالمية , ولا يمكن الجزم بأنها ثورات أصيلة ذات قيمة إنجازية تواصلية تفاعلية , تواشج الأجيال وتستثمر طاقاتها لبناء الحاضر والمستقبل , فثوراتنا دمّرت حاضرا وألغت مستقبلا ودحرت الأجيال في الغابرات.

فمن غير المقبول التبجح بأن لدينا ثورات سبّاقة وأحوالنا على ما هي عليه من نكد وبلاء!!

ففسروا وعللوا وحللوا ما جرى في العراق وليبيا واليمن وفلسطين ومصر , وأتونا ببرهان ثورة ذات أنوار!!!

فهل تزدحم الكراسي بالأجراء؟!!