لسنا في وارد سرد جرائم الثوار الذين اصبحوا مجرمين كبار والتي لا تحصى ولا تعد, التي ارتكبوها في حق الوطن(ساحة للصراعات الاقليمية) وحق المواطنين الذين هللوا وكبروا وكانوا يتوقون الى حياة افضل وفق الوعود التي اطلقها الثوار وانبرى الاعلام الحكومي في دغدغة مشاعر الغلابة,تبخرت الآمال لأنها لم تكن سوى شعارات زائفة براقة, ومع مرور الوقت انكشف المستور وتساقطت اوراق الخريف.
وفقا للشرعية الثورية حكموا البلاد بالحديد والنار فكانت ولا تزال اعمال القتل والتشريد, نهبوا مقدرات الشعب واعتبروها ملكا لهم, اموال الدولة لم تكفهم فعمدوا الى الخطف لأجل كسب المال وان بطرق خسيسة .رغم انهم ورثوا ترسانة هائلة من مختلف انواع الاسلحة والذخائر, إلا انهم قاموا باستيراد المزيد منها من الدول التي دعمتهم, لاستعمالها بالداخل, وأحداث فتنة بين مكونات المجتمع.
الفدراليون وبعض المتعصبين الامازيغ وجهان لمنشار تفتيت الوطن, الفدراليون يذرفون دموع التماسيح على اسقاط دستور 1951 الذي لا ننكر انه كان الاساس في تكوين الوطن ,لكن دستور 1963 كان مطلبا نخبويا وشعبيا لصهر مكوناته في بوتقة لتوحيد الوطن, المؤكد ان هناك اخطاء اثناء ممارسة السلطة والحل هو لا مركزية السلطة وتنفيذ المشاريع بالمناطق النائية ليستفيد الجميع من خيرات الوطن.
أما المتعصبون الامازيغ فانهم يطالبون بدسترة لهجتهم التي يحاول الانفصاليون (الذين اتخذوا من اوروبا مقرا لهم)ان يجعلوا منها لغة, عديد الدول بها اكثر من لهجة ولكن لها لغة رسمية واحدة يتحدث بها الجميع ويكتبون بها, لا باس ان تدرس اللغة العرقية لأصحابها, لكن لا ان تفرضها على بقية الاعراق,لم نعد نكترث بمن جاء اولا الى ليبيا الامازيغ ام العرب, المهم ان المتواجدين بها عاشوا على بها وعلى مدى اجيال متآخين متحابين ولم نسمع عن حوادث بينهم, عندما نقول ليبيا دولة عربية نعني بذلك الثقافة العربية وليست الاثنية, وجود اكثر من راية الى جانب الراية الوطنية, ينبئ بتفتيت الدولة وانشاء مكون سياسي جديد, أن يلتحف مسؤول براية عرقية نعده في اطار الحملة الانتخابية لتولي رئاسة الدولة.
استبدال خيم العزاء بخيم الافراح, فرضها توافق الدول المتدخلة في الشأن الليبي, رسمت خطوط حمراء ولكن بدماء الليبيين, وليس بإرادة من هم في السلطة, لأن هؤلاء اتوا لأجل الاثراء وخدمة اجندات الخارج, لأجل البقاء في السلطة فإن الأطراف المتصارعة اجبرت على استجداء الدول الداعمة للخصوم وان لم يفعلوا فمصيرهم الازاحة,انهم مجرد بيادق يحركها الاخرون, المتدخلون في الشأن الليبي يريدون قطف ثمار تدخلهم, عبر برنامج اعادة الاعمار والتي تقدر بمئات المليارات من العملة الصعبة, إنها الحقيقة التي يجهلها العامة .
لقد راهن الدبيبة على الخلاف بين البرلمان ومجلس الدولة للاستمرار في الحكم كما سلفه السراج, لكنه خسر الرهان الى حد ما بتوافق المجلسين, لم يعد امامه الا التسليم, وان يحظى بزيارة لمكتب النائب العام والادلاء بما حررت يمينه من عقود مختلفة وتعيينات لغير مستحقيها.
جميل ان يعترف الثائر في ليبيا بانه أخطأ, فأن تأتي متأخرا افضل من لا تأتي, الاعتراف يجب ان يكون مقرونا بالعمل للم الشمل ورأب الصدع, والتعويض عن تدمير الممتلكات. نتمنى ان يكون الاعتراف نابعا من مصلحة الوطن والمواطن الذي عانى لأكثر من عقد من الزمن من هول الخلافات بين الثوار, وان يحدث تغييرا للمسار الذي لم يخلف سوى القهر والظلم.