23 ديسمبر، 2024 12:22 ص

الثقافة واللغة الاجنبية وعقدة الدونية

الثقافة واللغة الاجنبية وعقدة الدونية

ان عددا من المثقفين والصحافين والتدريسيين من حملة الدكتوراه الذين لا يلمون كثيرا اومن لهم معرفة بسيطة بلغة اجنبية عالمية غير لغتهم كالإنجليزية او الفرنسية او الالمانية او غيرها من اللغات مصابون بعقدة الدونية عندما يتصادف وجودهم في سياقات فيها مثقفون يتقنون اكثر من لغة واحدة غير لغتهم. لا يظن المرء اننا نقول هنا ان اتقان الانجليزية او الفرنسية اتقان كاملا هو محدد اساسي ووحيد من محددات ثقافة الفرد وانما نريد ان نقول انه عامل مساعد واساسي في توسيع افق المثقف. و لكن هناك من يرى غير ذلك وهم كثر. وهذا الذي نقوله هو بمثابة دعوة لعدم اهمال ثقافة الاخر ولغته وبذل المزيد من الجهود لتصحيح الوضع.
المعروف ان الثقافة هي حصيلة تفاعل وتبادل الافكار والمفاهيم بين اللغات والتزود بما يكفي من المعلومات والمهارات والاطلاع على مجريات الامور ماضيا وحاضرا والقدرة على التوقع مستقبلا والتخلق نسبيا بما هو محمود والتنكر نسبيا لما هو مذموم من اجل التناغم و التجانس مع مختلف انواع السياقات والاستعدادات لمواجهة الطوارئ.
اللغات الاجنبية هي الادوات التي تمكن ممتلكها ومستعملها من اقتحام الصعاب والتعامل الصائب مع من لهم سابق اطلاع ومعرفة بمجريات ومكونات سياق ما. ثنائيوا اللغة من المؤكد انهم مطلعون على افكار ومفاهيم اللغة الثانية وهذه الاخيرة اساسا ليست حصينة ضد ما تتأثر به من لغات وثقافات .
لنأخذ سياق العمل والتعامل الهرمي الصحافي مثالا فعندما يتقدم صحافي هاو او محترف بعمل كتابي الى هيئة التحرير و ترد في العمل بعض الافكار والمفاهيم مترجمة ومكتوب بلغة غير لغة الام او منقولة من لغة غير لغة الام نرى وجه المسؤول او وجوه المسؤولين عابسة مكفهرة ويتطايرون خوفا وغضبا ويجد العمل مكانه بسرعة هائلة في سلة المهملات . والمعتقد ان هذا التغاضي المقصود جاء نتيجة:
* عقدة الدونية المهيمنة على العقول
* او محدودية الثقافة والمعرفة والابقاء على تجهيل المتلقي
* او اللجوء الى احلى الامرين او اهون الشرين وهو الاعتقاد نتيجة الاسقاط الفردي القائل ان المتلقي غير متعود على لغة غير لغة الام وهنا ظاهريا تحسب المسألة حسابا تجاريا.
وهذا اعتقاد خاطئ في نظر كاتب هذ العمل في عصر لم تعد فيه الامية ( عدم المقدرة على القراءة والكتابة ) تعيق عملية الاتصال . ان الامية في هذا العصر هي عدم القدرة على كيفية التعلم والتجاوب مع المستجدات كما تنبئ الكاتب ( الفين توفلر) قبل ما يقرب من نصف قرن .
The illiterate of the future will not be the person who cannot read. It will be the person who does not know how to learn.” — Alvin Toffler (1970)
فترى حاليا اناس اميين يجيدون استخدام الهاتف الذكي اكثر من غيرهم من المتعلمين وهذه حقيقة يعرفها الجميع كما اعتقد . وبهذا يقصى او يهمش الكثير من الكتاب ويحرمون من فرصة نشر اشياء جميلة يكون المتلقي في حاجة اليها.
ناهيك عن ذكر بعض سياقات العمل الاخرى حيث يسود الفاشلون من اصحاب عقدة الدونية وفقا لقانون المحسوبية و المنسوبية الذي تعرض نتيجة له الكثير الكثير من ابناء ادم الطبين النجباء الكفء الى الظلم والتعسف وغدر الكثير الكثير من الابرياء .يا له من زمن سيء.