22 ديسمبر، 2024 8:30 م

الثــــورة النبيلـــــــــة . وخيـــــار …  الدولة المدنيــــــة – 3

الثــــورة النبيلـــــــــة . وخيـــــار …  الدولة المدنيــــــة – 3

ليس من بلــــد .. على سطح هــذه المعمــــورة , كالعـــــراق , في عراقتـــه وتنوع كل شيئ فيه . فمنذ أن بدأت الخليقة الى اليوم , وتأكيــــدا , ليس من بلد , عاش مــا عاش , ولا عرف ما عرف , ولا عانى ماعانــــــــــاه . ومع كل هذا الكم من الموروث , الهائل والمتنوع , من التجارب والخــبرات , فهــو ضائع متخبط , وفي وضع كارثي , على مدى أكثر من عقـــــد من الزمـــــان . هذا العقــــد الذي لا يعادله أو  يســـاويه قرن بطولـــــــه , بثــقل موازينه , من مآسي وكوراث وخيبـــات أمل فاجعــــــة  .

قامت أولى أنواع الدول في هذا البلــد العريق الجميــــــــــل .. وبلغت الأوج في امبراطوريات لا تغيب الشمس عن أطرافهــــا . ومرت الدولة , بما يشبه الفصول في تنوع أوضاعها وأحوالها , على مدى قـــرون , لتـنتهي الى ما انتهت اليه اليـــــــــــــوم . في حال من الفشــل الذريع في كل جانب من جوانب الحيـــــاة فــيها .

تأسست في العراق كل أنواع الأحــــــــزاب , وطنية , قومية , أمميــــــة . وحملت أسماء كل ما ظهر على سطح المعمورة من أحزاب وحركات وتنظيمات .. , وفي الــــفكر لم يبق فـــــكرا الا وكان له نوع من وجــــــــود , في غابة الأفـــكار والأيديولوجيــــــــات . وتصارعت الى أن افنى بعضـــها بعضـــا , في حروب داحس والغـــبراء , ولم يبق الا البقايــــــــــــــا , من هـــــذه وتـــــلك .

وظهر في العراق كل اصناف الرجـــــــــال , رجـــال دولة , رجال حـــرب , رجال اقتصــــاد , اجتماع , وعلـــــــوم وفنــــــــون … ورجال ديــــن . وبمستويات عالية في الكفاءة والقدرة والأخلاص والوطنيـــة . وفي المقابــــل كان النقــــــيض , من كل أنواع ..” أشــــباه الرجــــــــال “.

ليس من جنس من البشر الا وله حظــــــــــور , في هذا البلــد الجميل العريق , ليس من دين الا وله أتبـــاع , وليس من فــــكر الا وله مشايعون , وليس من حزب الا وله مؤيــــــــــــدون . هــــذا هو العــــراق وفي كل ما فيه  , فهو .. عراقــــــي , في الهـــــواء والمـــــاء والســـــــــماء …. والــــــتراب .

العـــــــــــراق الغني بما أغنــــــــــــــاه الله من كل شيئ , بما كفى وفـــــــــــــــاض . وكان له أن يكون , وقد كان . عندما كان الناس يقدرون أنهم ينتمون الى العـــــراق العظــــيم . فعندما يقدر المرأ نفسه ويعزها بأحـــترام الـــذات والأنتســـــاب , يكون هذا التقدير والأعــتـزاز للوطن , أولا , وللأمــــة التي وجدت على أرض هـــــذا الوطن .. ثانيــــــا . فتـــــكون المواطنــــة وحب الــــوطن . ويكــون البــــذل والعطـــــــاء , ويكون الأمن والأمـــــــــــــان . والحيــــاة الحرة الكريمـــة على مداها ولكل المســـــــتقبل .

اليـــوم .. وفي أجـــــواء الصراع , مع اليأس والأحـــباط … وخيبات الأمـــل المريرة , وبين الأصــــرار على التحــــدي والصمــــود , يعـــود ليقف انسان العـــــراق وقفتـــــه المعهــودة و المشهودة , التي كثيرا ما أنجــدته في الملــــمات , وأعادتــه الى الحيــــاة , في مواجهــة صعابها وتحدياتــها . عندما تتحرك في أعماقـــه مشاعر العزة والنخـــوة والــمروءة , وفي أصعب الظروف وأدقــها وأعقدها , يقف ليكون هــو ” المنقــــذ ” . وهو يواجــــه ما حل بالوطن والأهــــــــــــــــل , وتكون الثــــــــــــــورة . الثورة النبيلة في أسبابها وبواعثها , وفي أهدافها ومراميهـــــا .

قراءة لكل ما مر على العراق من نــظم سياسية و تجارب حــكم , وما استطاعت ان تأتي به وما حققــته , وما لم تحققـــه , وما ثبت منها وما لم يثبت , وما نجح منها بقدر وما خــــاب , الى ان وصلنا الى ما وصلنا اليـــــــــه , لنرى ما هي النتيجـــــــــــــة . أليس أكثر حتى من صفر على الشـــمال … أمــــام واقع ما نعيشـــه اليــــــــوم . ؟؟؟.

من هنا الحديث عن .. خيــــار ” نظــــام الدولة المدنيــــــــــة ” . وهذا ما يتطلب العرض بما يمكن من ايجــــــاز . مع بقــــاء الباب مفتوحا على كل رأي يمكن أن يثري ويغني الأفكار التي يمكن ان تقدم من أجل اقامة نظـــام يليق بالعــــراق و يســـــتحقه ويعبـــر عنه أصدق وأدق تعــبير . لينعم أهلــــــــــــه بما أنعم الله عليهم من نعـــــــــــــــــــــــــــــــيم .

 فما هي هـــذه ” الدولة المدنيـــــة ..؟.

ـ الدولة المدنيــــة : هي دولة تحافظ وتحمي كل أعضاء المجتمع , بغض النظر عن انتماءاتهم القومية أو الدينية أو الفكرية .

ـ تقوم الدولة على السلام والتسامح وقبول الآخر , والمساوات في الحقوق والواجبات , وضمان الحقوق لجميع المواطنين .

ـ التأكيد على مبدأ ـ المواطنــة ـ الذي يعني أن الفرد لايعرف بمهنته أو بدينه أو بأقليمه أو بماله أو سلطته . وانما يعرف تعريفا قانونيا اجتماعيا بأنه ـ مواطن ـ أي انه عضو في المجتمع له حقوق وعليه واجبات . وهو يتساوى فيها مع جميع المواطنين .

ـ الدولة المدنية .. لاتتأسس بخلط ” الدين بالسياسة ” . كما لاتعادي الدين أو ترفضـــه , فالدين يظل عاملا في بناء الأخــلاق , وخلق الطاقة للعمل والأنجاز والتقـــــدم . ان ما ترفضه ـ الدولة المدنية ـ هو استخدام الدين لتحقيق أهداف سياسية . ذلك  لأنه يتنافى مع مبدأ التعدد الذي تقوم عليه .

 ان هذا الأمر قد يعتبر من أهم العوامل التي تحول الدين الى موضوع خلافي وجدلي والى تفسيرات قد تبعده عن ” عالم القداسة ” وتدخل به الى عالم المصالح الدنيوية الضيقة .

ـ وترتكز الدولة المدنية على ” مبدأ الديمقراطية ” التي تمنع من أن تؤخذ الدولة من خلال فرد أو نخبة أو عائلة أو نزعة أيديو لوجية  .

ويبقى الحديث مفتوحـــا على العديد من القضايا التي تخص الدولة وبما آلت اليه الحال في الوطن , فلابد من اعادة تأسيس , بتمهيد ارضية جديدة , تبــــــــــدأ من اصلاح ما جرى تخريبــه أولا . كي يصار الى اعتماد نظام الدولة المدنيــــــــــــــة المنشــــــــودة . وذلك بــ :

ـ الغــــــــاء كل كل القرارات والأجراءات التي جاء بها المحتل واعتمدها وكــــــــــلاءه .وهي لاتعــــد ومنها :

ـ المحاصصـــة , بما تسببت به من تفتيت للوحدة الوطنيـــة .

ـ قرار حل الجيش الوطني , بما أدى الى تسريح جيش بني على العقيدة الوطنية على مدى قرن . وهذا ما يتطلب فيه الأمر من اجل اعادة بناءه .. تشكيل لجنة عليا من قادة هذا الجيش وتكليفة بمهمة اعادة البنــاء .

ـ الدســــتور , الذي ليست له علاقة بالعراق , ولايعبر ولا بأي قدر كان عن هوية شعبه وارادته .

ـ اجتثـــــــــاث البــعث .. هذا القرار الجائر , الى ابعد الحدود . فعلى مدى خمسة وثلاثون عاما من حكم البعث, لم يبق بيت في كل العراق الا وكان فيه من هو منتمي أو منتسب الى البعث او له علاقة به , من خلال هذه المنظمة أو تلك , بهذه الواجهة والعمل أو ذاك , وبهذا الشكل والطريقة أو تلك . بهذا المستوى أو غــــيره . وما ترتب عن هذا القرار من ظلم واجحاف … لاحدود له . والحديث يبـــدأ وليس من السهولة أن ينتهي .

ـ المـــادة ـ 4ـ ارهـــــاب , والمخــبر السري … والمليشيات ………

ـ الأعتقال العشـــــــــــوائي … والذي تركز على مكون دون غير , ليصبح ممارسة طائقية بأمتيـــاز …و …

والى كل الذين يهمهم أمر العراق وأهلـــه , الذين نذروا أنفسهم لــه , مؤمنين به وبحقـــه في حياة آمنة مستقرة حـــرة كريمـــــــة . أن يضعــوا القلـــــم في مســار واحد ولو لزمان ما يتمكنوا فيه من وضع اسس لنظام يخرج بهم وبوطنهم من هذه الحـــال التي لاتسر صــــــــــــــديق . وليكن عقــدا اجتماعيـــا جـــديدا , يبذل فيه كل جهد من أجل أن يأتي كاملا متكامــــــلا . لتبــدأ مســـيرة العــراق الظافــــــرة الى المجــــــد .

الثــــورة .. انطلقت ولن تقف الا بعد أن تحقق كل أهدافــــــــــــــــها النبيلـــــــــــــــة . ” وما النصــر الا من عنـــــد اللــــــــــــه ” .