18 ديسمبر، 2024 7:57 م

الثعابين والا دولة

الثعابين والا دولة

تتمايل يمينا وشمالا، وهي تتناغم مع عزف الناي، تارة ترتفع وأخرى تنخفض، تجيد المراوغة، وتلدغ بسرعة البرق، ثم تعود الى جحرها، لتنتظر عازفا آخر ولحن جديد.. هكذا هي الأفاعي.
الراقص مع الثعابين، لا يعي جيداً، أن الرقص لن يبني دولة، ولا ينهي الانفلات الحاصل، فمازالت تلك الثعابين تفرخ وتتكاثر، بل وحتى تتقوى، وباتت باب قوسين او أدنى، من ابتلاع الدولة و وزاراتها.
نحن لا نحتاج الى راقص مع الثعابين، بقدر ما نحتاج الى سم قاتل للثعابين، او ننفيها عنا الى جزيرة الثعابين، فلا يمكن ان يعيش الإنسان، في ارض مستقرة مع ثعابين غادرة، تملك المال والسلاح والقوة، مقابل ضعف وتقهقر لاجهزة الدولة، وما يشوبها من خروقات وتنصل قادتها عن المسؤولية.
لا خيار أمام العراق إلا أن يبني دولة، ذات سيادة حقيقية، تقوده قوى سياسية متزنة، تفهم الساحة الإقليمية، وتنظم أوراقها مع الساحة الدولية، ضمن حدود تحفظ للعراق هدؤه، وتبعد عنه الصراعات الخارجية، وتلتفت لبناء الوطن، وتأهيل شبابه لمستقبل زاهر.
تحالف سياسي قوي، يحمل مفاهيم بناء الدولة، ويجيد التحكم بأوراق اللعبة الخارجية، ويعمل على تنظيم الداخلي، مع حصر السلاح بيد الدولة، وخفض معدلات الاحتكاك، وتقليل حدة النزاع على المغانم، كفيل بأن يخرج العراق، من عنق الزجاجة، نحو صناعة وطن مثلما يحصل في كثير من الدول، التي أنهكتها الحروب، وتصدعات الداخل وتدخلات الخارج.
لا أمل أمام العراقيين، إلا بتوجيه بوصلة أصواتهم، نحو الدولة التي نحلم بالعيش تحت ظلها، وقوى تؤمن بهذا الطرح وتطبق هذا النهج، و إلا فنحن مقبلين على سنوات قد تكون أصعب من تلك التي مضت، وما يجري الآن، ما هي إلا نزعات الموت لبعض القوى السياسية الكبيرة، و ولادة لقوى جديدة، وحلقات وصل تتبنى رؤى بناء وطن، وفق رؤية المواطنة، بعيداً عن كل ما يطرح من تخندقات طائفية، وأصوات انفصالية، تنتهي مع الريح، ولن يصح إلا الصحيح.