سنبحث في هذا الجزء مايلي
(1)- موجز لموقف عبد الناصر والأحزاب العراقية من مطالبة العراق بضم الكويت في 25 حزيران 1961.
(2)-انقلاب 8 شباط 1963 الدموي والسماح باستقلال الكويت بدس وتامر من عبد الناصر.
(3)-كيف انضمت الكويت للأمم المتحدة؟
(4) تفاصيل عن موقف الأحزاب العراقية الفاعلة يومذاك من المطالبة بضم الكويت التي لاتجد فيها نسمة اوعطر وطني!
(5)-الازمة العراقية مع الكويت من عام 1961 ,ونزول القوات البريطانية مع العروبية الشريفة, حتى سقوط الزعيم قاسم عام 1963.
(6) كيف خدع عبد الناصر القوميين والبعثيين العراقيين في مسالة الكويت!
لزوم مالايلزم
-المبدع هو رجل أكثر بدائية، أكثر تحضراً، أكثر تدميراً، أكثر جنوناً، وأكثر عقلانية من أي رجل عادي.
(فرانك براون)
-لا يرى القائد المحنك طريقه إلى النصر فحسب، وإنّما يعلم متى يكون هذا النصر ممكناً.
(بوليبيوس)
-لايمكن تعريف القادة العظماء من خلال غياب الضعف، بل من خلال إظهار القوة بطريقة واضحة للجميع.
(جون زنجر)
-عقل المتعصب يشبه بؤبؤ العين، كلما زاد الضوء المسلط عليه زاد انكماشه.
(أوليفر وندل هولمز)
(1)
-انكم لاتعرفون مدى حساسية الغرب في موضوع الكويت!… إن ما تطلبونه شيء فات أوانه بحكم الحقائق العربية والدولية!.. أن هذه المعركة فوق طاقتنا، وأقول لكم أيضاً إنها ضد مصلحتنا!
(جمال عبد الناصر لنائب رئيس مجلس قيادة الثورة العراقي في نيسان 1963 عندما بين له الاخير بالادلة تبعية الكويت للعراق)
يبدو ان عبد الناصر كان مهتما جدا لحساسية الغرب ان تكون الكويت جزءا من العراق, ولكن عبد الناصر غير مهمتم بحساسية الغرب للوحدة العربية ولتحرير فلسطين من البحر للنهر!
وحتى نعرف طريقة تفكير الأحزاب العراقية في وقت الزعيم قاسم, انظروا من موقفها من دعوة الزعيم لضم الكويت وماتخبئه من فنطازيا وانتهازية ونفاق او على الأقل عدم القدرة على فهمها الان!
حزب يريد موافقة الدول العربية للضم! واغلب تلك الدول تكره العراق ودوره وحجمه وثرواته, وقد استلمت أموال الكويت الطائلة كرشاوي واخر لايريد دعوة وحدة إقليمية, بل وحدة عربية ولااعرف ماهو وجه التناقض بين الدعوتين! الا المزايدات فقط! والاستهانة بالمصالح الوطنية!
واخر, اهم شي بالنسبة له هو تحرير الكويت من الاستعمار! حتى أصبحت دول الخليج مرابط للاستعمار وقواعد عسكرية واقتصادية دائمية له! ونقاط انطلاق لتهديم باقي الدول التقدمية!
وثالث يعتبرها دعوة اقليمية! وان الوحدة يجب ان تتم بموافقة ابناء الامة! فاذا بصاحبه يغير على الكويت بليلة ظلماء دون موافقة اهلها بعد 29 عاما من كلامه!
(2)
في الثامن شباط عام 1963 سيطر القوميون والبعثيون على السلطة في العراق بعد انقلاب عسكري لم تكن احتمالات نجاحه كبيرة.
ولو احسن الزعيم قاسم التصرف وتوجه الى معسكر الرشيد بدلا من وزارة الدفاع بمشورة من الزعيم طه الشيخ احمد, لقدر ربما للانقلاب ان يفشل.
كان الزعيم يرتكب الأخطاء تلو الأخطاء, واخرها إعادة كل الضباط القوميين والبعثيين المتامرين المشتركين في انقلاب الشواف عام 1959 بعد طردهم الى الوحدات الفعالة, كمحاولة فاشلة منه لاعادة التوزان مع نفوذ الحزب الشيوعي المتنامي في البلاد وداخل القوات المسلحة!
بدا البعثيون بتنفيذ مجازر مروعة ضد القاسميين والشيوعيين بدات بإعدام الزعيم وطه الشيخ احمد وغيره بعد استسلام الزعيم حقنا للدماء وبعد ان ايقن ان قادة الفرق لن يتحركوا لنجدته, فيما منع توزيع السلاح على الشعب!.
وفي ظل اخلاق العسكريتاريا العراقية والمجتمع العراقي عامة التي تنامت مع الزمن, فان القسوة المفرطة والخوف المفرط والمراقبة الدائمة والمخابرات القوية والتصفيات المتلاحقة, هو مايبقيهم تحت الامرة والسيطرة! ولم يكن قاسم من تلك المدرسة, كما لم يكن من ضمن مدرسة عبد الناصر الذي تمكن بفعالية القمع والاعلام والمنجزات, من الاستحواذ على السلطة وابقائها تحت سيطرته حتى وفاته!
وكما لم يعد العراق بعد 14 تموز 1958 كما كان قبله فانه لم يعد بعد 8 شباط 1963 كما كان قبله!
لقد تم تصفية جيل وتقاليد واخلاق وعلاقات اجتماعية بسرعة بعد القمع الوحشي ضد المعارضين او من يشك بمعارضته وقد خول الحرس القومي إبادة الشيوعيين أينما ثقفوهم!
كانت ثورة تموز 1958 قد جلبت ظاهرة جديدة للعراق لم تكن في الحسبان وهي ظاهرة المليشيات التي استفحلت الان في العراق وأصبحت دولا داخل الدولة ولصالح دولة أخرى خارجية! وهذا الامر لم يكن موجودا ولا في الاحلام!
لقد تحالفت ضد نظام الزعيم, أمريكا وبريطانيا والمصالح الغربية وعبد الناصر وشركات النفط التي بدا الزعيم بالعمل ضدها, والاقطاع الذي فقد الأرض والسلطة والمال, والملكيين ممن فقدوا السلطة والمصالح, وشاه ايران والصهيونية والقوميين من الناصريين والبعثيين وغيرهم ممن أرادوا تنفيذ الوحدة الاندماجية الكاملة على الرغم من فشل تجربة الوحدة مع سوريا عام 1961.
كانت الوحدة والاشتراكية والقومية وفلسطين هي مجرد شعارات بإمكانها ان تلهب الشارع- مع وجود عدد كبير من المومنين بها حقا- أي انها كانت ماركة مسجلة كما هي اليوم شعارات الإسلام والقران والحسين وفلسطين – مع الفارق الشاسع فان أصحاب الفئة الأولى هم رجال دولة مهما حدث, وكان الغرب والاقطاع والرجعية الدينية والشركات الأجنبية ترتعب منهم, واما الفئة الثانية فهم لارجال, ولا رجال دولة بل ابواق فارغة وطبول مهترئة, وزحف شيطاني من عصور الانحطاط لنا, ووسائل لتدمير وتخريب البلدان العربية والإسلامية صنعت في دوائر الصهيونية والماسونية العالمية, لايقاف زحف التقدم والوحدة والاشتراكية الحقيقية التي كانت الضامن الوحيد لبقاء العرب تحت الشمس!
(3)
من المصادر:
(متى انضمت الكويت الى الامم المتحدة – ويكي الكويت (wikikuwait.com))
كان الزعيم قاسم قد طالب بالكويت, فنزلت القوات المصرية والسعودية والبريطانية وغيرها, جنبا الى جنب لحماية الكويت من أي غزو عراقي محتمل!
وقبل عبد الناصر الكويت في الجامعة العربية, بعد رشاوي كبيرة قدمها شيوخ الكويت للعرب وللاخرين مما اضطر العراق للانسحاب من الجامعة العربية, وقطع العلاقات مع أي دولة تعترف بالكويت!
مامن اثم ضد العراق الا ويبدا بعمل من الجامعة العربية تحت قيادة مصر, حتى يقنعوا العالم ان هذا هو قرار العرب وعلى العالم المضي به!
وهذا ماحصل بعد الغزو عام 1990 اذ قررت أولا الجامعة العربية اعلان الحرب على العراق بإدارة حسني مبارك ولم يكن القرار باجماع الأعضاء, وكانت احدى أخطاء صدام انه أعاد مصر للجامعة العربية!.. كان قرار الجامعة العربية هو الشرط الأول لكي يقرر العالم ويقوم بتدمير العراق!
ولكن الكويت لم تصبح دولة معترفا فيها في الأمم المتحدة ولاعضوا فيها حتى ارتكب القوميين والبعثيين جريمة الاعتراف بها بعد انقلاب شباط 1963.
وتم قبول الكويت في الأمم المتحدة بتاريخ 14 مايس 1963 بناءً على القرار رقم 1872، وبهذا أصبحت الكويت العضو رقم 111 في الأمم المتحدة, بعد ان اقنع عبد الناصر قيادة البعث بالسكوت وقبول استقلال الكويت ولاندري ماهي مصلحته في ذلك عدا كراهية العراق القوي العظيم الموغل في التاريخ والحضارة.
قدمت الكويت كما قيل للانقلابيين 12 مليون إسترليني ثمنا لذلك!
وقد قدمت الكويت بعد ان رفض طلب انضمامها للأمم المتحدة الكثير من التنازلات للزعيم, على مايقال منها الاتحاد الكونفدرالي وان يكون الحيش والخارجية والتعليم وغيره تحت سلطة العراق مقابل حكم ذاتي او اكثر للكويت ولكن الزعيم رفض كل ذلك وقال ان ارض العراق لاتتباع ولاتشترى بالمال!
كان الاتحاد السوفيتي يرفض الاعتراف بالكويت كدولة ويرفض انضمامها للأمم المتحدة تضامنا مع موقف العراق الذي يعتبر ان الكويت جزء لايتحزا من العراق ولايمكن المساومة عليه.
قدمت الكويت عروضا كبيرة للعراق في محاولة انهاء الازمة والخوف المستدام من العراق!
بعد سقوط الزعيم وموافقة النظام الانقلابي الجديد وافقت موسكو على ضم الكويت للأمم المتحدة!
(4)
المصدر
(Al Moqatel – أزمة الحدود العراقية ـ الكويتية، من استقلال الكويت حتى انضمامها إلى الأمم المتحدة، ( من 19 يونيه 1961 إلى 14 مايو 1963)
((موقف الأحزاب العراقية من المطالبة بضم الكويت
كان موقف الأحزاب العراقية متبايناً، إزاء قضية ضم الكويت إلى العراق. فقد أيد الحزب الوطني الديموقراطي مطالبة عبدالكريم قاسم بضم الكويت إلى العراق، على أساس أنها جزء من العراق، فصلها الاستعمار البريطاني عنه، وأقام فيها كياناً شكلياً، لخدمة مصالحه. وعليه، فإن الكويت لا تستوفي مقومات الدولة، وإنها مرتبطة، اجتماعياً واقتصادياً، بالعراق، من طريق البصرة. غير أن الحزب لم يؤيد ضمها، من دون موافقة الدول العربية الأخرى، ورأى في تهديد عبدالكريم قاسم، بقطع العلاقات الدبلوماسية بأي دولة تعترف بالكويت، سياسة غير مجدية، بل متهورة، لأنها تؤدي إلى عزل العراق، عربياً ودولياً.
أمّا الحزب الشيوعي، فكان يعارض الطريقة التي حاول عبدالكريم قاسم اتّباعها، لضم الكويت، ويؤكد أن المسألة الأساسية، آنذاك، هي مسألة تحرير الكويت من الاستعمار، وهي جزء من قضية العرب الكبرى، قضية التحرر العربي، وإن كانت أكثر مساساً بالعراق، نظراً إلى العلاقات الخاصة، التاريخية والاجتماعية والاقتصادية. ولهذا، رأى أنه ينبغي التركيز في هذا الهدف الرئيسي، والمباشر، الذي من شأنه أن يجمع تحت لوائه كل القوى العربية، المعادية للاستعمار، ولا يدع مجالاً لدسائس الاستعمار ضد هذه القضية العادلة، وضد التضامن العربي.
ولم يصدِر حزب البعث العربي الاشتراكي، في العراق، بياناً حول الموضوع. وقد فسّر موقفه علي صالح السعدي، نائب أمين سر الحزب، بقوله: “إن أسلوب عبدالكريم قاسم الدعائي، في المطالبة بالكويت، جعل القوى والأحزاب القومية، ترى في دعوته هذه، أنها مجرد ضم إقليمي، لأن الوحدة لا تتحقق إلاّ بالأسلوب الشعبي، وبالاستناد إلى الجماهير.
كما استنكرت الأحزاب والقوى القومية الأخرى، مطالبة عبدالكريم قاسم بالكويت، بكون دوافعها إقليمية وشخصية، يراد بها بعث الروح في حكمه الموشك على الانهيار. وأصدرت حركة القوميين العرب بياناً، في 10 يوليه 1961، في هذا الشأن، جاء فيه: “إن لهذه الدعوة، في جوهرها، دوافع إقليمية وشخصية، كان النضال العربي قد لفظها، منذ زمن طويل، وأن هذا الادعاء لا يمت إلى دعوة الوحدة العربية بصِلة”.))
(5)
المصدر:
(الأزمة العراقية الكويتية (1961) – ويكيبيديا (wikipedia.org))
(في 19 حزيران 1961 الغيت اتفاقية الحماية بين شيخ الكويت وبريطانيا, وفي اليوم التالي (20 حزيران) بعث الزعيم قاسم برقية لحاكم الكويت يهنئه فيها عن إلغاءه الاتفاقية مع بريطانيا دون ان يشير إلى استقلال الكويت بل عمد إلى اثارة المطالب التاريخية للعراق في الكويت إلا ان الموقف العراقي أصبح واضحا في 25 حزيران يونيو 1961 حينما عقد الزعيم عبد الكريم قاسم مؤتمرا صحفيا في مقر وزارة الدفاع يطالب فيهِ بضم الكويت للعراق وان الكويت أرض عراقية فصلها الاستعمار البريطاني عن العراق,ومعلناً عن تعيين الشيخ عبد الله الصباح قائممقاماً للكويت تابعاً لمحافظة البصرة.
وكجزؤ من التاريخ
بعد اتمام مدحت باشا ضم منطقة الاحساء جعل كل من إمارة قطر وإمارة الكويت أقضية عثمانية تتبع ولاية البصرة، ومنح حكام الامارتين منصب قائم مقام وبذلك أصبحت الكويت منذ عام 1870 قضاءًا تابعا لولاية البصرة.
في عام 1899 طلب حاكم الكويت الحماية البريطانية لتصبح الكويت محمية بريطاية تحت الحكم العثماني، وبعد اندلاع الحرب العالمية الأولى وانهيار الإمبراطورية العثمانية أصبحت تحت الحماية البريطانية، استمر هذا الوضع قائما حتى 19 حزيران يونيو 1961 حينما ألغيت إتفاقية الحماية الموقعة لعام 1899 بين بريطانيا وشيخ الكويت.
تقدمت الكويت بطلب إلى جامعة الدول العربية في 23 حزيران للانضمام أي قبل يومين من إعلان الزعيم قاسم مطالبته بضم الكويت إلى العراق، وقد تقرر البت في الطلب بتاريخ 4 تموز إلا ان الجامعة أخفقت في اتخاذ قرار في الموضوع، وقرر تأجيل الجلسة إلى يوم الأربعاء، 12 تموز ، ريثما ينتهي أمين عام الجامعة العربية من الاتصال مع الحكومات المعنية بالأزمة.
في 20 تموز يوليو أصدرت الجامعة العربية قراراً بقبول الكويت في الجامعة وطلبت الكويت من بريطانيا ان تسحب قواتها لإحلال قوات عربية محلها ووصلت قوات من الجمهورية العربية المتحدة والأردن والسودان.
قرر العراق قطع علاقاته الدبلوماسية بعدة دول منها لبنان، وتونس والأردن وإيران لأعترافهم بالكويت.
تأخر أمير الكويت 6 أيام قبل أن يطلب المساعدة العسكرية من بريطانيا في 30 حزيران يونيو 1961 والسعودية
ووصلت في 1 تموز يوليو قوة سعودية مؤلفة من 100 مظلي، وقد بلغ مجموع القوات السعودية 1,200 فرد
ووصول القوات البريطانية في 2 تموز, حيث نفذت بريطانيا عملية فانتاج العسكرية وقد بلغ مجموع حجم القوات البريطانية بالكويت 5,000 عسكري.
-القوة السعودية: تتكون من 1281 جندياً (كتيبة مشاة 785 جندياً + كتيبة مدرعة 496 جندياً + سرية مدفعية ميدان «6 مدافع 105مم» + وحدات خدمات فنية.
-القوة الأردنية: تتكون من 785 جندياً (كتيبة مشاة + فصيل مدفعية مضادّة للطائرات «6 مدافع 40مم» + وحدة خدمات طبية).
-القوة السودانية: تتكون من 112 جندياً (سرية مشاة).
-قوة الجمهورية العربية المتحدة: تتكون من 159 جندياً، (سرية مهندسين عسكريين + سرية إشارة + وحدة سكرتارية عسكرية).
في 28 أيلول سبتمبر 1961 أنفصلت سوريا عن الجمهورية العربية فسحبت مصر قواتها من الكويت في 12 تشرين الأول.
وفي كانون الثاني يناير 1963، قلصت هذه القوات لتحل محلها قوات رمزية من 15 إلى 20 جندي من جميع الدول العربية.
أنتهت الأزمة بمقتل الزعيم قاسم في 9 شباط فبراير 1963، وجراء ذلك انسحبت القوات العربية نهائياً من الكويت في 20 شباط من نفس العام.
(6)
المصدر:
(تحميل كتاب حرب الخليج – أوهام القوة والنصر pdf تأليف محمد حسنين هيكل – فولة بوك (foulabook.com))
قال محمد حسنين هيكل في كتابه (أوهام القوة والنصر)
((فبعد تغيير نظام حكم عبد الكريم قاسم في العراق لصالح حزب البعث العربي الاشتراكي وما تلاه من القضاء على نظام الانفصال في سوريا وسيطرة حزب البعث أيضاً على النظام الجديد في دمشق، دخل البلدان في مفاوضات مع الجمهورية العربية المتحدة (مصر) لإقامة وحدة ثلاثية بين الأقطار الثلاثة جرى اجتماع تمهيدي في بيت الرئيس عبد الناصر حضره رئيسا وفدي سوريا والعراق وكانت المفاجأة أن وفد العراق، ورئيسه يومئذ علي صالح السعدي نائب رئيس الوزراء ونائب رئيس مجلس قيادة الثورة، فتحَ موضوعَ الكويت من زاوية تعيين حدود دولة الوحدة الجديدة، فإذا هو يطرح قضية الكويت وحق العراق الذي لا ينازع فيها، وكان الوفد العراقي يحفظ عن ظهر قلب كل الحجج والوقائع التاريخية والوثائق التي تعزز دعاويه وكان لجمال عبد الناصر رأي مختلف وقد شرحه على النحو التالي قال : إنكم تعلمون بالطبع إننا لنا رأي آخر في هذا الموضوع فنحن وقفنا ضد عبد الكريم قاسم عندما أراد ضمّ ،الكويت، إننا لم نفعل ذلك عن عداء لعبد الكريم قاسم كما قال البعض في العراق وقتها، وإنما اتخذنا موقفنا على أسس موضوعية أريد أن أشرحها لكم الآن لأن فيها ما لم يكن ممكناً الجهر به علناً في ذلك الوقت. ثم مضى جمال عبد الناصر يعدد أسبابه … وانتهى إلى القول: وقد سمعت وقرأت الكثير من وثائفكم، ولكنني أقول لكم بمنتهى الوضوح إن ما تطلبونه شيء فات أوانه بحكم الحقائق العربية والدولية، إن الإنجليز لم يعودوا وحدهم في السيطرة على بترول الخليج وإنما هذه السيطرة انتقلت أكثر إلى يد الأمريكان، فإذا أراد أحد أن يضم دولة في الخليج على غير رضا أهلها، فيجب أن يعرف سلفاً أنه سيواجه قوة الولايات المتحدة. وقال : إن الاتحاد السوفياتي نفسه سلم للغرب وللولايات المتحدة بأهمية بترول الخليج بالنسبة لهم وبالتالي يجب أن تعرف أن هذه المعركة فوق طاقتنا، وأقول لكم أيضاً إنها ضد مصلحتنا …وواصل جمال عبد الناصر حديثه قائلاً : إنكم تعرفون مدى حساسية الغرب في موضوع الكويت، إن علاقتنا مع إنجلترا بعد السويس كانت مقطوعة وبعد اتصالات طويلة بعثوا إلينا دبلوماسياً بريطانياً يشرف على شؤون الرعايا، وأرسلنا نحن بدورنا دبلوماسياً مصرياً إلى لندن ليقوم بنفس المهمة، واعتبروا واعتبرنا أن هذه خطوة أولى في سبيل إعادة العلاقات بين البلدين، وأثناء هذه العملية قرّر الإنجليز فتح خمس قنصليات بريطانية لهم في الجمهورية العربية المتحدة وأرادوها في القاهرة والإسكندرية وبورسعيد ودمشق وحلب، ولم يكن لدينا مانع من الموافقة شرط أن يكون لنا خمس قنصليات مقابلها في بريطانيا وممتلكاتها، وطلبنا أن تكون هذه القنصليات العربية في لندن وليفربول ودار السلام وعدن والكويت، وعندما ذكرنا له اسم الكويت انتفض كأن عقرباً لدعه، وقال لنا أبداً .. كله إلا الكويت. لم يكونوا على استعداد لقبول قنصلية لنا في الكويت فهذه بالنسبة لهم مناطق ليس فيها هزار.((