18 ديسمبر، 2024 12:11 م

شغلنا بهدايا جدي وكان لي النصيب الاوفر منها فأنا اكبر الاحفاد ولهذا السبب كان يعتبرني عميد الاحفاد مثلما يعتبر والدي عميد الاولاد الذين اصبحوا الان رجالا ونساء وكانت بين الهدايا المقدمة لي ساعه يدويه كامله اختارها لتلائم الزي المدرسي الذي يتكون من بدله زرقاء وقميص ابيض ورباط عنق ازرق قصير ووعدني بأن يشتري لي دراجه جديده مع حذاء وحقيبة بعد شهر من التاريخ اي عند بداية العام الدراسي الجديد واضاف بنبره حنون لقد اصبحت تلميذ ا في الصف الخامس الابتدائي فأنت رجل يا عبد الله عليك ان تنتبه لنفسك واهلك واولاد عمك فأنت عميدهم ….كانت تلك الكلمات تشعرني بالفرح وشيء من الغرور ولكنها تكلفني ان اجعل نفسي مسؤولا عن رعاية اخواني الصغار واولاد عمي وكنت اتألم كلما رأيت زوجة عمي سميه تداعب الصغار وتلاطفهم وادعو الله تعالى من اعماقي ان يحقق لها امنيتها في ان يكون لها ولد تفرح به وتكتمل سعادتها وزوجها الذي ارى دائما نظرة حزينة ومشاعر قلقه وكثير ما سمعته يناجي الله تعالى قائلا (الهم لا تذرني فردا وانت ارحم الراحمين) .
………
ها….ها انا استعيد تواجدي وانظر الى ثوب الحج الذي سأقف به بين يدي بارئي ضيفا , بياضه الناصع اخذني بعيدا الى قميصي الذي اهداه لي جدي وارتديته في أول يوم دراسي في الصف الخامس حيث اكتملت اناقتي التي نالت استحسان اصدقائي حيث قال لي محمود (انك تبدو طبيبا او مهندسا ) واردف:( هنيالك يا عم ليت لي جدي يذكرني ولو بقطعه قماش يوم العيد) …
شعرت بالألم ,فانا بطبيعتي عاطفي ومحب للأخرين لذا قلت له اني سأطلب من جدي ان يهديه بدله كبدلتي لكنه اعتذر واعترض اعتراضا شديدا قائلا كنت امزح معك فقط … لا تعرضني لهذا الامر فهذا مالا ارضاه لصداقتنا….
انه رجل اذكره حتى هذه الساعة رغم مرور تلك السنوات الطوال …
اعود لأتم احداث أول يوم دراسي إذ عدت الى المنزل فرأيته مزدانا بالورود وقد اوقدت شموع في صواني معدنية صغيرة و عدد من النساء
يتلين آيات من القرآن الكريم وتم تعليق رايات بيضاوات على سطح الدار كهذا الثوب الابيض وابتسامة فرح تملئ الوجوه عامة وزوجة عمي (سمية)خاصة ,وقفت مذهولا متحيرا لهذا بادرت والدتي بإخباري بالخبر السعيد قائلة:-(سيأتيك ضيف جديد بعد ثمانية أشهر هو ابن عمك بهيج وعمتك سمية)…..
شعرت بفرح غامر لم اشعر به في حياتي قط …آه لقد أذن الله تعالى بأن يهب عمي بهيج وزوجته طفلا بعد اربع سنوات من الحرمان وجعل الله تعالى وقوفها تلك اللحظات التي امتدت يدها لتحل حزام احرام جدي الحاج جعفر سببا لفك عقدة عدم الانجاب …هذا ما قالته جدتي والعلم عند الله تعالى.
……………..
مرت الاشهر الثمان وكان الجميع يعدون ايامها على اصابعهم وكانت البشائر تتوالى حول صحة الام والجنين ولكن شاءت الارادة الالهية ان يكون بكر عمي بهيج وزوجته سمية (بنتا) لكن ذلك لم ينقص الفرحة او ينغضها بل كانوا اشد تلهفا لرؤية الوجه المبارك الذي سيطل عليهم بعد حين.
كان الجميع يتسابقون لإتاحة المناخ المناسب وتهيئة وسائل الراحة التامة للأم الجديدة ,حتى انني كنت ارى جدتي او اي من زوجات اعمامي او والدتي يقمن بالأعمال التي كانت تؤديها زوجة عمي سمية .
………………

للقصة بقية ستكتب لاحقا