18 ديسمبر، 2024 8:58 م

التيارات الاسلامية الصاعدة ورؤيتها في مفهوم الديمقراطية

التيارات الاسلامية الصاعدة ورؤيتها في مفهوم الديمقراطية

اختلفت التيارات الاسلامية الليبرالية والتقليدية في تفسير الديمقراطية تبعاً لتجربتها الانسانية وخبرتها العملية في الادارة والتنظيم والعمل الجهادي وخوضها النضال كمعارضة في الداخل والخارج  وقدرتها على بلورة فهم جديد للرأي العام لتقبل افكارها واراءها .
وتنقسم هذه التيارات الى قسمين ، الاولى تؤكد على أن الديمقراطية ليست مبدأ وانما اداة ، والاخرى تؤمن ان الديمقراطية مبدأ اساسي للنظم السياسية للتعامل مع المواطن بحقيه المدني والسياسي  مما ينبغي التمسك بها كمبدأ يمكن اعتمادها في الحياة السياسية والمدنية المعاصرة ، وكلٌ منهما له حجته في تفسيرها واعتمادها في نهجه وسلوكه لمفهومي المبدأ والاداة .
فالاولى تنظر الى نجاح أو فوز عدد من المرشحين وتبوأ مراكز في السلطة والقرار، بالرغم من وجود نقاط سوداء في حياتهم السياسية ، فلو كانت الديمقراطية مبدأ لما سمح لهؤلاء بالصعود ، لذا فانها اداة للوصول الى السلطة والحكم . اما الاخرى فتعتبرها مبدأ كونها يرتكز عليها الحكم الرشيد وبدونها لا يمكن أن تتحدد العلاقة بين المواطن والسلطات أو بين الفرد والحاكم . وامام هذه التصورات لمفهوم الديمقراطية  كونها مبدأ   تؤكد التيارات الاسلامية المتشبثة بأستلام الحكم  ان الصعود الى السلطة ليس هدفاً وانما وسيلة لبناء وادارة الدولة وتقديم الخدمات للمواطن . في المقابل تنامى دور التيارات الاسلامية المسيسة وتأثيراتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية على المجتمع من خلال توفير بعض متطلبات وحاجات الناس  باستقطاب اعداد كبيرة من الشباب العاطل عن العمل واعطائهم الوعود بايجاد منافذ عمل لهم وتعينهم  في دوائر الدولة او في المكاتب والفروع التابعة لها ، اوجد نوعاً من عدم الولاء المطلق والايمان بفكر وطروحات هذه التيارات مما يشكل تحدياً لاستقرار وتطور النظام السياسي وبناء الدولة المدنية  ، فضلاً عن التشكيك في قدرات واراء هذه التيارات . ومن هنا ينبغي على التيارات الاسلامية الصاعدة  تبني طروحات معتدلة تمزج بين الماضي المتمثل بالارث الفكري التنويري للاسلام كدين ورسالة لخدمة المواطن وليس  استلام السلطة  ، والحاضر بالانفتاح على كافة طوائف المجتمع وتبني الوسطية والحيادية بالتعامل مع الاحداث والوقائع السياسية والفكرية التي تجتاح البلد  ، واستشراف المستقبل الذي يحمل في طياته امال وطموحات الشعب ورفض النظرة البائسة التي تنظر الى الواقع بيأس وتراجع ونكوص ، والنظر الى الماضي بالرغم من جراحاته  المريرة في الاجساد والنفوس  والعقيدة  الا انه  شكل مرحلة مهمة من مراحل الرأي في عصر العولمة  . لذا ينبغي على التيارات والاحزاب الاسلامية انتهاج  الطرق حتى غير المعبدة و عدم القفز على الحاضر وان كان متعثراً والسير الحثيث لاثبات قدرتهم على بناء الدولة المدنية  ، والاستفادة من اخطاء حزب النهضة التونسي والاخوان في مصر  .