كانت العملة الوطنية الايرانية قد عانت في السنوات الاخيرة من ميل انحرافي نحو التردي في قميتها التبادلية مع العملات الصعبة وفي مقدمتها الدولار واليورو ،لكنها بعد انسحاب الولايات المتحدة الاميركية من الاتفاق النهائي مع ايران على اغلاق ملفها النووي ،ترنحت العملة الايرانية وارتفعت معدلات التراجع الى فقدانها اكثر من خمسين في المائة من قيمتها التبادلية مع الدولار ،وفي هذين اليومين الاخيرين ،تراجعت بحدة موجعة متجاوزة الرقم الذي توقفت عنده – الدولار يساوي 90 الف ريال – حتى بات الاقتصاد الإيراني على حافة الانهيار مع استمرار الانهيار السريع للريال الذي وصل، امس الأحد، إلى مستوى قياسي جديد، وسط تأهب الإيرانيين للسابع من أغسطس، عندما ستقوم الولايات المتحدة بإعادة فرض دفعة أولى من العقوبات الاقتصادية.
وانخفض الريال الإيراني إلى 112 ألف مقابل الدولار الواحد بعد أن كان 98 ألفا مقابل الدولار السبت، في حين بلغ سعر الصرف الذي حددته الحكومة 44070 ريالا مقابل الدولار الواحد، مقارنة بنحو 35186 في الأول من يناير الفائت.
وفقد الريال نحو نصف قيمته منذ أبريل 2018، نظرا لضعف الاقتصاد والصعوبات المالية في البنوك المحلية، والطلب المكثف على الدولار بين الإيرانيين، الذين يخشون من أثر العقوبات الأميركية الجديدة.
وفي مايو الماضي، انسحبت الولايات المتحدة من اتفاقية 2015 بين القوى العالمية وإيران، التي رُفعت بموجبها العقوبات عن طهران مقابل تقليص برنامجها النووي.
وقررت واشنطن إعادة فرض العقوبات، متهمة طهران بأنها تشكل تهديدا أمنيا، وأبلغت الدول بضرورة وقف جميع وارداتها من النفط الإيراني، اعتبارا من الرابع من نوفمبر، وإلا ستواجه إجراءات مالية أمريكية.
ووصف الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الاتفاق النووي مع إيران بأنه من أسوأ الاتفاقات في العالم، لكن في محاولة لإنقاذه، يُعد الشركاء الأوروبيون فيه حزمة إجراءات اقتصادية لموازنة الانسحاب الأميركي.
غير أن فرنسا قالت، في وقت سابق هذا الشهر، إن من المستبعد أن تستطيع القوى الأوروبية وضع حزمة اقتصادية لإيران، من أجل إنقاذ الاتفاق النووي قبل نوفمبر المقبل.
ويعاني الشعب الإيراني من تدهور حاد في مستوى المعيشة في وقت يهدر النظام الأموال العامة على تمويل ميليشيات طائفية بالمنطقة، الأمر الذي فجر موجة احتجاجات لاتزال مستمرة منذ ديسمبر الماضي، وسط بوادر بتصاعد حدتها مع تواصل الانهيار الاقتصادي.
وفي تقرير نشره موقع منظمة مجاهدي خلق المعارضة الالكتروني عن إنخفاض قيمة الريال الإيراني 120٪ وإرتفاع التضخم في البلاد بنسبة تتراوح بين 20 و 50 ٪.
قرأنا انه انخفضت قيمة العملة الوطنية بنسبة 120 ٪ في الأشهر الستة الماضية.
وقال الخبير الاقتصادي في النظام، وحيد شقاقي، الذي أعلنته وسائل الإعلام الحكومية استاذًا في الاقتصاد بجامعة «خوارزمي»، إن معدل التضخم سيرتفع بحوالي 20٪ بنهايةالعام في سيناريو متفائل وبنسبة 50٪ في سيناريو أكثر تشاؤماً.
وقال عن فكرة إزالة الصفر: إزالة الصفر من العملة الوطنیة ليس له أي تأثير على متغيرات الاقتصاد الكلي مثل التضخم. إذا كان الاقتصاد ما زال في أزمة، فإن خطة إزالة الصفر، ليس فقط لن تخلق عقلية إيجابية في المجتمع وحسب ، بل سيكون هناك انطباع لدى الناس بأن الوضع مضطرب وسيكون له تأثير سلبي.
· دور المافيا الحکومية
إنها حقيقة أن التطورات السياسية الأخيرة، ولا سيما انسحاب الولايات المتحدة من الإتفاق النووی مع إیران، وانسحاب الشركات الأجنبية، تركت آثارها على ارتفاع أسعار صرف العملة، ولكن عاملا مهما آخر هو العامل الداخلي الذي يكون تأثيره أكبر بكثير من العوامل الخارجية وهو عبارة عن دور الحكومة المعادية للشعب والمافيا التابعة لها في سوق صرف العملة.
أحد مصادر تولید الدخل للحكومة اللاشعبية هو ارتفاع أسعار صرف العملة، ويقر وزير التجارة السابق للنظام يحيى آل إسحاق قائلا: “إرتفاع قیمة الدولار تولد إيرادات للحكومة، لا تريد الحكومة قبول هذه الحقیقة، ولكنها لا تزال جزءًا من عائدات الحكومة من الدولار، ولا يزال عرض العوائد القائمة على الدولار بسعر حر، مولد للدخل بالنسبة للحكومة “.
إن الإرتفاع في سعر صرف العملة هو بسبب الاقتصاد القائم علی التربح لنظام الملالی القذر وتدخل المافيا الحكومیة في سوق صرف العملة الأجنبية، مما یدفع الشعب الإيراني ثمن هذه الخيانة.
وكتبت وكالة «فارس» الحكومية في 14 ديسمبر/ کانون الأول 2016: “كل شيء بید الحكومة، وعندما أعلن البنك المركزي نفسه، بصفته بائع الدولار، اليوم عن سعر دولار الواحد، 3918 تومان، ما الذي تتوقعه في السوق الحرة؟ في الصباح، لا يبقى سعر الدولار على مبلغ معين عندما نرفع مصاريع المحلات، وعندما تبدأ البنوك العمل، وعندما يتم الإعلان عن سعر البنك المركزي، فالدولار بسعر آخر. دعهم یأتون ویجربون ویخفضون السعر حتی نری من الذي يجرؤ على بيع الدولار بهذا السعر. الآن في بلدنا، كل نوع من العملات لديه مافيا لنفسه أی وقت أرادوا، فإنهم یجمعون العملة من السوق، ویرفعون الأسعار بشحة مصطنعة، وأی وقت أرادوا یعرضون العملة في السوق بکثافة لکی تخفض الأسعار”.
*المأزق المعيشي للمواطن
الحقيقة هي أنه نظرًا لارتفاع قيمة العملات وانخفاض قيمة العملة الوطنیة، فإن انخفاض مستوى الأجور وعدم ارتفاعها نسبة إلى معدل التضخم وارتفاع الأسعار من ناحية، ومن ناحية أخرى، نظراً لإرتفاع معدل اسعار السلع التي تحتاجها الأسرة و..، القوة الشرائية للعائلات تنخفض أيضا.
ولذلك، فإن التأثير السلبي لقیمة العملة على معيشة الناس وانخفاض قوتهم الشرائیة، واقع حقيقي بكل وضوح. لأنه عندما تنخفض قيمة العملة الوطنیة بنسبة 50٪، فإن ذلك يعني أن الموظف أو العامل الذي کان یحصل على راتب يصل إلى مليون تومان حتی الفترة القلیلة السابقة، وصلت قيمة راتبه الآن إلى 500 ألف تومان، وانخفضت قوته الشرائية ایضاً.
لذلك، في الوقت الذي تكون الرابحة الرئيسية لإرتفاع سعر صرف العملة هي المافيا الحكومية العاملة في سوق الصرف ووكلاء الحكومة في هذه السوق، فإن المواطنين الإيرانيين هم الذين تصعب معيشتهم ویقعون فی مآزق اکثر من ذی قبل، في حين أن أكثر من 80 في المائة من السكان الآن یعیشون تحت خط الفقر.