18 ديسمبر، 2024 10:57 م

التوقيت الامريكي الخبيث في مفاوضات تحديد العلاقة الامريكية العراقية

التوقيت الامريكي الخبيث في مفاوضات تحديد العلاقة الامريكية العراقية

في منتصف الشهر المقبل، ستشهد بغداد، مفاوضات حاسمة، لرسم مجالات وحدود العلاقة بين العراق والولايات المتحدة. قبل الخوض او قبل استقراء ما سوف ينتج او ما سوف تخرج به هذه المفاوضات؛ من المهم كمدخل لهذه القراءة، الاشارة الى عدة نقاط مهمة، تشكل عوامل فاعلة في هذه المفاوضات:

– السيد الكاظمي جاء بضغط امريكي، وقبول ايراني، قبول مر اي قبول على مضض، لانعدام الخيارات الاخرى.

– التوقيت الامريكي للمفاوضات، توقيت مبيت، توقيت ذكي جدا، في ظرف اقتصادي يمر به العراق، صعب للغاية، وفي ظرف أمني قلق بسبب نذر عودة العصابات الارهابية.

-في ظرف اشتدت فيه، انتفاضة شباب العراق، المطالبة بأحداث تغير جوهري، والقيام بإصلاحات جذرية.

-العراق يحتاج الى الدعم الامريكي، بالمساندة الامريكية لجهة التوجه الاخير لحكومة الكاظمي، الى دول الخليج العربي وبالذات الى المملكة العربية السعودية، للاستعانة بها للتغلب او لعبور الضائقة الاقتصادية، بقرض سعودي. وهذا لا يتم الا بموافقة امريكية اي بتنسيق امريكي سعودي. وهو ومن البداية ما كان له ان يتم الا بإشارة امريكية

– قسم من (العرب السنة؟!) والاكراد اعلنوا بوضوح معارضتهم لجلاء القوات الامريكية المحتلة من العراق.

هناك سؤالان مهمان؛ اولا، هل ان المفاوضات تجري على اساس تثبيت الوجود الامريكي او تثبيت العلاقة الامريكية العراقية على اسس ثابتة وبعيدة المدى، وتتضمن التزامات متقابلة، وقانونية في معاهدة واضحة ومحددة الاهداف على ارضية قانونية، وعلى بنود تتكافي فيها الالتزامات.( من وجهة نظر كاتب هذه الجمل المتواضعة، لا توجد هكذا معاهدة بين دولة عظمى واخرى من العالم الثالث، تتكافي فيها الفرص بل هي سيف مغروس في قلب الاستقلال.) ثانيا، هل المفاوضات تجري على اساس او الهدف منها هو مساعدة العراق في محاربة الارهاب الى ان يتم القضاء النهائي عليه، ومساعدة الحكومة في اجراء الاصلاحات وما اليها من انتخابات مبكرة ونزيهة كما يقول ويردد الامريكيون كذبا وخداعا في كل ساعة وحين. ومناقشة وجودهم الوقتي لهذا الغرض اي ان يكون هناك تعهد باتفاق مكتوب بخروجهم حال انتهاء مهمتهم. وهذا امر غير وارد بالمطلق وبكل تأكيد.

هناك صعوبة بالغة في المفاوضات، فهي وكما اسلفنا فيه القول، سوف تجري في ظروف قاسية جدا، وهي مختارة بعناية امريكية فائقة، واستعمارية في غاية الخبث، لهذا الهدف. هذه الظروف القاسية لم تكن ابنة اليوم بل هي ابنة سبعة عشر عاما من الفساد وسوء الادارة، والفشل الذريع في بناء مؤسسات الدولة، وفي التنمية، وفي الخدمات، وفي الصناعة والزراعة، وفي بناء جيش قوي يعتمد عليه وعابر للطائفية والاثنية، بإعادة الخدمة الالزامية التي تنصهر فيها جميع ألوان الطيف العراقي التي لم يجري العمل بها. لا يوجد سبب واحد لعدم اعادتها. ان الموقف الامريكي سوف يكون هو الموقف الاقوى من موقف الحكومة العراقية اذا افترضنا جزافا ان الحكومة العراقية جادة في ايجاد طريق ما لإخراج القوات الامريكية المحتلة من ارض العراق. اما لماذا الموقف الامريكي هو الاقوى؟ لأن الامريكين اذا لم يحصلوا على ما يرمون اليه من هذه المفاوضات وحدثت القطيعة، فأنهم سوف يفعلون الاوراق التي هي في حوزتهم، في الاقتصاد والمال والنقد، والعصابات الارهابية، والآنك من كل هذا، هو احداث شرخ كبير في الجغرافية السياسية للعراق باستثمار الرفض لقسم من (العرب السنة؟) والاكراد اي احداث شرخ كبير في كتلة المجتمع العراقي. نعتقد ان المفاوضات سوف تحاط بالسرية التامة وما سيتمخض عنها الا القليل الذي يشكل الغلاف الذي يحمي المهم المضموم بصياغة انشائية.