8 سبتمبر، 2024 2:39 ص
Search
Close this search box.

التوغل التركي في العراق . . والسيادة المنقوصة

التوغل التركي في العراق . . والسيادة المنقوصة

تواردت الانباء في الآونة الاخيرة عن توغل الجيش التركي 50 كيلومتر داخل الحدود العراقية .
وهناك اخبار تفيد بأن الجيش التركي قام بنصب 6 نقاط تفتيش في اقليم كردستان .

ان التوغل التركي في الأراضي العراقية يعد تدخلا سافرا وخطيرا رغم انه ليس الاول من نوعه .

وهو مثال بارز على الصراعات الجيوسياسية في المنطقة . ويمكن أن يُعزى هذا التدخل، المدفوع بمجموعة من العوامل، بشكل كبير إلى النفوذ المتزايد لإيران في العراق .
إن فهم الديناميكيات بين القوى الإقليمية يقدم نظرة ثاقبة للصراعات الجارية في المنطقة .

غالبًا ما تشهد الجغرافيا السياسية في العراق، دولًا تتنافس على النفوذ عبر وسائل مختلفة.

واذا عدنا الى السياق التاريخي نجد ان كلا من تركيا وإيران، لديهما اطماع في الاراضي العراقية ، ابتداء” من الصراعات العثمانية الصفوية إلى الصراع الإقليمي على النفوذ في العصر الحديث .

وفي الوقت الذي تعلن فيه الحكومة العراقية النأي عن النفس في اي صراعات اقليمية. نجد ان كثيرا من الفصائل المسلحة التابعة للاحزاب الحاكمة في العراق تشارك في الصراعات الناشبة في المنطقة .

وعلى مدى العقدين الماضيين ، أصبح العراق الساحة الأكثر وضوحا للتدخلات الإيرانية والتركية اضافة الى دول اخرى . وكل ذلك كان نتاجا للغزو الأميركي للعراق عام 2003 الذي ترك آثاره الكبيرة على سيادة العراق . خصوصا بعد تحول الأمور بشكل كبير لصالح إيران مع مرور الوقت . . وبالتدريج بلغ نفوذ إيران ذروته مع اكتساب الأحزاب المدعومة من طهران وجودا” راسخا في العراق .
ويعتقد البعض أن الولايات المتحدة، بعد اطاحتها بنظام حزب البعث “سلمت العراق لإيران على طبق من ذهب”.
وقد اكتسبت الميليشيات المدعومة من إيران قوة اقتصادية ، وسيطرة كبيرة على الدولة العراقية. كما رسخت إيران نفسها من خلال التجارة ومشاريع البنية التحتية وصفقات الطاقة، التي عززت نفوذها .
وبالمقابل زاد ذلك من المخاوف والأهداف التركية ، وخصوصا تواجد حزب العمال الكردستاني المعارض في شمال العراق ، والذي يكتسب دعم إيراني واضح .
ومع تزايد نفوذ إيران في العراق، تخشى تركيا من تهميشها في الجغرافيا السياسية الإقليمية. وتجد في الحفاظ على موطئ قدم لها في العراق أمر ضروري . اضافة إلى اطماعها القديمة .

ان وجود مايزيد على مليون مجند عراقي بين جندي وشرطي وحشد شعبي لايستطيعون الذود عن سيادة العراق !

كما ان الفساد المستشري تسبب في صراعات على تقاسم السلطة بين الفرقاء السياسيين ، مما قوض سلطة الدولة وسيادتها . حيث ان سلطة الحكومة غير نابعة من تفويض الشعب ، بل من خلال مافيات سياسية ومكاتب اقتصادية تحميها ميليشيات حزبية تبيع وتشتري المناصب والمراكز الحكومية بما فيها العسكرية، وتستقوي بجهات خارجية !

إن ضمان السيادة الوطنية، أمر بالغ الاهمية للاستقرار السياسي وهوية أي دولة . وبالنسبة للعراق اصبح مفهوم السيادة هلامي غير واضح لتشابك المصالح الشخصية مع العلاقات الخارجية ، مما عرض امن البلد واستقلاله للخطر الداهم .

وقد كان السبب في ذلك الوجود السياسي والعسكري الإيراني الكبير في العراق، والذي تجسد في دعمها لمختلف الميليشيات الحزبية لتنفيذ اجنداتها السياسية في المنطقة ، فاصبح عاملاً رئيسياً في تآكل سيادة العراق ، كما جعل منه ساحة معركة بالوكالة .

إن نضال العراق من أجل السيادة يشكل تفاعلاً معقداً بين التدخلات الأجنبية، والمنافسات الداخلية، والتبعيات الاقتصادية . وستتطلب استعادة السيادة الكاملة معالجة هذه التحديات المتعددة الأوجه من خلال التغيير الشامل لنظام الحكم ، المبني على المحاصصة والفساد والعمالة للاجنبي .
ومع وجود نظام جديد ملتزم بالوحدة الوطنية والاستقلال الناجز، يمكن للعراق أن يحقق إمكاناته الكاملة كدولة مستقلة قادرة على حماية اراضيها ومستقبل ابنائها .
ادهم ابراهيم

أحدث المقالات