المفارقة المؤلمة التي نعيشها ولا يحس أو يشعر بها الكثير من أبناء شعبنا بسبب ما يتعرض له يومياً من المشاكل المتعددة والمتنوعة تستنفذ من وقته وجهده وتفكيره الكثير من المهمات والتوجهات و “الترشيد”!
تلك المفارقة هي أن العراق –والعراقيين- صاحب أقدم وأعرق حضارة في العالم ويشهد لها العالم نفسه!؛ العراق الذي بدأ القراءة والكتابة وسن القوانين وعلم العالم الكثير من العلوم والفنون منذ أكثر من ثلاثة آلاف سنة؛ هو اليوم يتمتع! بنسبة كبيرة من الجهل بالقراءة ولا يعرف الكتابة! ولا يعلم الكثير من القوانين والتعليمات والتوجيهات ونسبة الأمية فيه تكاد تتخطى الـ 50% وهذا الحال هو من أهداف أعداء الشعوب من الدول المستعمرة التي تسعى إلى تجهيل الشعوب وعدم مساعدتها في أن تكتسب الكثير من الوعي والمعرفة حتى لا تقف ضد مشاريعها الاستعمارية الاستغلالية؛ ولا تتعلم كيف تعالج أمورها ومشاكلها بالأساليب الحضارية والعلمية.
وبمناسبة حملة “الترشيد” (الكهربائية) الجارية والتي بدأت من قناة “العراقية” في مجال صرف واستهلاك الطاقة أو الكهرباء فإن أكثر المواطنين لا يتابعون هذه القناة أو غيرها وليس لهم الوقت الكافي لمشاهدتها وربما الكثير منهم لا يفهم ما يكتب أو لا يعرف القراءة! – ولا الكتابة- وهو أبو الكتابة والقراءة ومعلمها ولكن في “قديم الزمان” (كان ياما كان)!؟ ولا يحق لنا التفاخر! بتلك الحضارة العظيمة ونحن في هذا الحال من الأوضاع المتخلفة والمتعبة!؟ ويتحمل هذا الجُرْم الذين حكموا وقادوا هذا البلد العظيم وفرطوا بتلك الحضارة المشهود لها بالعظمة والسمو؛ و الذين سمحوا لموجات الغزو الهمجية على مدى التاريخ إلى الغزو “الداعشي” اليوم والذي أنيطت له مهمة الإجهاز على ما تبقى من تلك الحضارة العظيمة!!؟
لذلك نسترعي اهتمام المسؤولين الكرام أن يطالبوا كل الجهات المعنية في حملة توعية وتوجيه من أجل “الترشيد” (سواء في مجال استهلاك الكهرباء أو غيره) بواسطة الصورة والصوت وبأسلوب مبسط ومفهوم ابتداءً من المدارس الابتدائية! إلى هيئات ومنظمات المجتمع المدنية في اجتماعاتها وتواصلها مع الناس في أماكن عملهم وحتى في بيوتهم!؛ إلى خطباء المساجد والحسينيات والكنائس وغيرها, الذين يجتمع عندهم وحولهم مستويات متفاوتة من الناس, وخاصة جهلة القراءة والكتابة والفهم! لتوصيل الفكرة والمطلوب وباستمرار وفي كثير من القضايا التي تتعلق بحياة الناس وعيشتهم وأعمالهم ولا نكتفي ببضعة سطور نشاهدها على شاشات التلفاز من خلال موجة من الاهتمام ثم تتلاشى و يُهْمَل الموضوع ويُنْسَى الناس! ويُتْرَكُون في جهلهم وتخبطهم في الحياة اليومية وما تحمله لهم من المشاكل والمتاعب والهموم!
والشئ بالشئ يُذْكَر!.. فإننا ننبه ونؤكد على الإستمرار الجاد! في حملة مكافحة الأمية التي لا نسمع ولا نقرأ ولا نشاهد عنها ما يتطلب دعوة المواطنين من الذين يجهلون الكتابة والقراءة وتشجيعهم على الحضور والمتابعة وتقديم كل ما يحثهم على تعلمهم وتوعيتهم وتذليل كل الصعاب لهم وتخصيص المبالغ الكافية وبأيدي أمينة! في هذا المجال ومتابعة التطور فيه وتقديم التقارير المستمرة والإشراف الدائم لإدامة زخم هذا المشروع الاجتماعي الإنساني الهام.والسلام!