22 ديسمبر، 2024 8:25 م

التوجيه من بين مدلولات التمثيل في الفكر الرافديني القديم

التوجيه من بين مدلولات التمثيل في الفكر الرافديني القديم

أشارت النصوص المسمارية الرافدينية القديمة , إلى لفظة ممثل وأن وجود ممثلين , يستلزم وجود فعل التمثيل( ) , وقد أقترن النشاط التمثيلي : بالأعياد , والطقوس( ) ؛ لأن الفكر الرافديني القديم , وجد بالإمكان استحداث الشيء ذاته , من خلال تقليده بوساطة الطقوس , بحسب المعتقد السائد آنذاك( ) , وأن نظرة الإنسان في العصور القديمة إلى تاريخه على انه من صنع قوى خارقة , وأن هؤلاء الأبطال , الذين صنعوا هذا التاريخ , آلهة , لذا تستلزم قدسية هذا التاريخ , إعادة انتاجه من وقت لأخر( ) , وفي ظل هذا التفسير يرجح أن تكون قصيدة رثاء أور , قد تم تمثيلها( ) , والتوجيه أن ثبت صحة ذلك تكمن في الحث على عدم الإساءة إلى الآلهة أو الانتقاص من شأنها. 
وفي عيد رأس السنة البابلية الاكيتو( ) , وبالتحديد اليوم الرابع من هذا العيد , يقوم الكاهن بترتيل قصة الخليقة البابلية ؛ استذكارا لانتصار الإله مردوخ على الإلهة تيامت( ) , والذي يعتقد أن إلقاء هذه القصيدة يتم بمصاحبة مشاهد تمثيلية ؛ للتأكيد على حتمية وضرورة انتصار قوى الخير , على قوى الشر( ) , وحتمية انتصار الخير الذي تظهره قصة الخليقة المعاد انتاجها تمثيلياً هي التوجيه الذي تم قصده من وراء إعادة إنتاجها تمثيلياً , وبالنتيجة أن الغرض من وراء ذلك كله يتلخص في ضمان الاستقرار الروحي عند البشر المتولد عن الاعتقاد بسعي الآلهة الدائم إلى ضمان الخير وهزيمة قوى الشر وإن إعادة التمثيل لواقعة الانتصار يضمن ما يمكن ان نسميه بالصيرورة المتجددة للتاريخ او على وجه الدقة لهذه الواقعة.   
وإذا ما علمنا بأن القرابين المقدمة في هذا العيد , تقدم على حساب الملك( ) , نجد إن من بين انماط التوجيه التي سعى ملوك بلاد الرافدين إلى إظهارها نصرته ومساندته لقوى الخير , التي انتصرت بانتصار الإله مردوخ , على قوى الشر الممثلة بالإلهة تيامت , وبالنتيجة يكون الملك قد أوحى بأنه يقف ضمن معسكر الخير , مما يجّرم مناوئيه , الذين يناصبونه الكره , والعداء , في حالة خروجهم ضده.