ضعف الاستقرار السياسي وتردي الاوضاع الامنية من العوامل التي اسهمت في شح الاستثمارات في البلد وهروب رأسمال الى خارجه وعدم عودة الكثير من الاموال العراقية المستثمرة في الاسواق العربية والاقليمية والدولية الى البيئة الوطنية والسوق المحلية الواعدة.
ان العراق يعاني من ازمة مالية خانقة جراء الحرب على الارهاب، وقد فاقمها الاداء السياسي واخيراً التوتر بين الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم.
ان هذا الخلاف الذين يبدو مستعصياً على الحل في الافق المنظور او ان تسويته ليست هينة ضاعف من المصاعب الاقتصادية وصار عاملاً طارداً للاستثمارات في الاقليم والعراق ككل، ولطرق تسوية الخلاف شأنها ودورها في اعطاء الانطباعات والمعطيات السلبية المثيرة لمخاوف الرأسمال المحلي والاجنبي.
ان أي مستثمر مهما كانت جنسيته لا يجازف في الاستثمار او الاستمرار في تشغيل المنشأة الاقتصادية التي يديرها في ظل الاوضاع الاستثنائية واجواء التوتر او الحرب ويلجأ الى تشغيلها بالحد الادنى، وربما التفكير في نقلها اذا امكنه ذلك الى مكان آخر وتوطينها في بيئة اكثر اماناً واستقراراً ولا يتهدد رأسمالها بالحرب، وهذه مسألة بديهية، المستثمر يبحث عن الامان والظروف المناسبة لتعظيم موارده، واصلا المناطق العراقية في الجنوب والشمال كانت تتسرب منها الصناعات والمنشآت الاقتصادية الى بلدان الجوار التي تقدم لها شتى الاغراءات لنقل المنشآت الوطنية اليها، بل حتى النقد اصبح يودع لدى جارتنا الشرقية لقاء اسعار فائدة مرتفعة.
اما المناطق الغربية، فالحياة الاقتصادية شلت بها جراء الحرب ضد الارهاب، بل ان كثيراً من منشآتها قد دمرت تماماً وتحتاج عملية اعادة تأهيلها الى مبالغ هائلة لا تستطيع الحكومة الوطنية توفيرها، لذلك انها تمني نفسها وتترجى من الدول المانحة مساعدتها على اعادة دوران عجلة الاقتصاد في هذه المناطق وتقديم المساعدات الانسانية وتتأمل من عقد المؤتمرات لمنحها بضعة مليارات لعلها تعالج بعض الجراح الغائرة.
اجواء التوتر بين الحكومة والاقليم وجهت ضربة قوية للحياة الاقتصادية في كل البلاد، وان كانت المشكلات بدأت تتضح في كوردستان بشكل بائن وجلي ولمسها في ارتفاع اسعار المواد الاستهلاكية وتوقف بعض المنشآت وارتفاع اسعار المنتجات النفطية، وكلما طال امد الخلاف وعدم معالجة آثاره وقرع طبول الحرب تتدنى الاحوال الاقتصادية وتتدهور، وتنعكس ضغوطها على ضيق فرص العمل احالة فئات واسعة من السكان واضافتها الى ما دون خط الفقر المتعارف عليها، سواء بفقدان موردها الاقتصادي او عرقلة دفعه.
هذا التوتر يدفع ثمنه وتبعاته الفقراء من ابناء شعبنا، بل عمومه من كل القوميات والاديان والطوائف، لا يستفيد منه الا تجار الازمات الذين يحاولون ادامته بكل الاشكال والمسوغات.
ان اللجوء الى الحوار لحل هذا الخلاف على الصعيد السياسي هو السبيل لانهاء انتكاساته الاقتصادية على العراقيين بكل مكوناتهم وتجنيبهم الحرمانات القاسية التي يعانون منها.