22 ديسمبر، 2024 7:34 م

حينما يسألوني كيف تكتب ..؟ إجابتي بسيطة جدا ،ما أحس به أكتبه ربما إحساسي لا يعجب الكثيرين لكني أكتبه من أجل الموقف والإنسانية كصورة ظاهرة للعيان فالتواضع القيادي عند الغرب قد يكون سهلا فترى الرئيس يذهب إلى عمله بدراجته – البايسكل – أو يصعد الباص ويجلس في المقعد مع الناس أو يصطف خلف الناس ينتظر دوره في الشراء وكثير من الصور الإنسانية التي تكسر الحواجز المرسومة بين الرئيس والناس وليس عيبا أن نجسد التواضع الذي فينا ولا يمنعنا ” الكرسي ” في النزول إلى الشارع العام ولا يمنعنا ” المنصب ” من الاقتراب من الشعب والتواصل معهم ومعرفة حياتهم ومعيشتهم ولو الجزء اليسير وهي رسالة موجهة للقادة بأن التواضع يرفع الشأن ولا يقله ،يكرمه ولا يهينه ،يوسع قدره ولا ينقصه ،يقربه إلى الناس ولا يبعده ،فالتساهل والبساطة والنزول من الصروح العاجية ليس بالأمر الصعب والتاريخ مليء بصور التواضع ،فالتواضع والحكمة والوعي والإرشاد والتوجيه ليس جديدا، هذا الاستهلال أحسه وأنا أنظر كيف رئيس حكومة إقليم كوردستان السيد مسرور البارزاني يمشي براحته وبساطته في ساحة ” قلعة أربيل ” بين الجماهير ويبتسم لهم ويأخذ صور مع الناس ويجلس في جايخانة ( مجكو ) الشعبية لا شك التواضع أمر مهم للقادة بل هو من يصنع القائد الحقيقي ، فالقائد المتواضع يشارك موارده، سواء في العوز والأزمات أو في الوفرة وأن يكون بناة جسور، رافض تشويه صورة الآخر أو إهماله وتجاهل الشائعات لكونه من الحكماء بالقدر الكافي ليعرف أن هناك دائما جانب آخر للشائعة وأن يكون من صانعي القيادة ، بدون المطالبة بأن يكون هو نفسه ملكا ويميل إلى الاحتفال بإنجازات الآخرين وليس بإنجازاته الخاصة لأن انجازات الآخرين تعتبر إنجازاته بصورة عامة وإلى حسن الظن، عالما أنه لا يمكن لأي شخص أن يكون دائمًا وبشكلٍ مستمر في أفضل حالاته وإلى تقدير الفروق البسيطة والآراء المتجددة، بما أنه يدرك أنه كان على خطأ عدة مراتٍ من قبل فليس هناك إنسان كامل وإلى أن يكون متعاطف لين ، معطي عادة الأولوية للأشخاص أكثر من الأفكار البناءة وإلى الترحيب بالمساءلة، لأنه يعرف كَم هو بحاجة إليها فهي مصدرا للتقييم والتقدم وإلى الاعتراف بأخطائه، بما أنه يعرف أنه أبعد ما يكون عن الكمال حيث أصبح التواضع أمرا مهما للقادة كخلق رفيع وحميد ولأهميته أصبح موضوعا شائعا بين المهتمين والباحثين والدارسين كونه أدرج تحت التيار الأخلاقي في الإدارة حيث تسود القيم الفاضلة والأخلاق السامية ومنها تجلت القيادة الأخلاقية والقيادة الأصيلة ، وقد يسأل سائل هل هناك قيادة متواضعة ؟ نعم ليس الآن بل من العقود الماضية ومازالت في عصرنا الحاضر بصور عصرية مناسبة لتطور العصر وتقدمه،يقول الدكتور عبد العزيز القدسي في مقاله ” تواضع تكن قائدا ” ” يمكن القيادة المتواضعة تعرًف على إنها تلك القيادة التي تقدر الناس وتمنحهم الاحترام والتقدير والعرفان الواجب لهم، وتعترف بمساهماتهم وعطاءهم وتميزهم ونقاط قوتهم وتمدهم بالاستمرار والإبداع ، كما أنها تظهر استعدادها للتعلم والاعتراف بالخطأ وتصحيحه، والاستفادة من خبرة الآخرين، وتسعى لتوفير التوجيه السليم والدعم الكريم والتطوير اللازم وتمكينهم والتعاطف معهم “. فالتواضع القيادي يؤدي إلى تفوق في الأداء ملموس في كافة الدوائر الرسمية وغير الرسمية وزيادة التعاون والمشاركة في كافة المجالات الإنتاجية وزيادة رضا الناس وتمكينهم في زيادة التقدم والعطاء ورفع مستوى الابتكار والإبداع ، وقد تظهر نظريات رأيا مضادا يقلل من أهمية التواضع ويرى أنه قد يرتبط بمشاعر عدم الجدارة وقلة احترام الذات، على أنه نوع من التراخي والضعف ، لا يمكن أبدا أن يكون ” التواضع القوي ” عدم جدارة وقلة احترام أو نوع من التراخي والضعف بالعكس بل هو طاقة ايجابية ومستوى عالي من الثقة والخلق الكريم وفي حكمته الشهيرة يقول الفيلسوف الصيني لاو تزو: ” إذا كنت تريد أن تحكم الناس فيجب أن تضع نفسك تحت تصرفهم وتخفض جناحك لهم، وإذا كنت تريد أن تقود الناس فيجب أن تتعلم كيف تتبعهم “، وقد علّم الرسول محمد صل الله عليه وسلم أتباعه أن ما تواضع أحد إلا رُفع قده، وما كان اللين والرفق في شيء إلا زانه. (( وما تواضع أحد لله إلَّا رفعه الله ))
والخلاصة إن التواضع القيادي مهم جدا للقائد والبلد والعباد .