23 ديسمبر، 2024 8:27 ص

التواجد الأمريكي في العراق .. إنتظار لأخطار !

التواجد الأمريكي في العراق .. إنتظار لأخطار !

شهدا الأسبوعان الماضيان تصريحات مشددة من جانب بعض فصائل الحشد الشعبي ” اولاً ” تهدد وتتوعد القوات الأمريكية في العراق بأخلاء قواعدها والرحيل , وتكرّر تصريح الأمين العام لعصائب اهل الحق السيد قيس الخزعلي بهذا الشأن وبسخونةٍ أشد , وبالمقابل , صدرت عدة تصريحات امريكية لمسؤولين سياسيين وعسكريين يؤكدون فيها أنهم لن يسحبوا أيّ جنديٍ من العراق . < وكان بائناً وكأنّ هنالك عملية تحديّ بين الطرفين من إحدى الزوايا على الأقل > .

ومن خلال رصدنا والمتابعة لما بين السطورِ غير الموجودة ! , فأنّ نقطتين لفتتا بعض الأنظار , فخلال اشتداد وتأكيدات بعض فصائل الحشد بأنّ عدم استجابة الأمريكان للمغادرة , فأنّ قواتهم وقواعدهم سوف تتعرّض الى ضرباتٍ لا يتوقعونها , فصدر إثرَ ذلك تصريحٌ لمسؤولٍ عسكري امريكي رفيع المستوى بأنّ القيادة الأمريكية سوف تسحب المدفعية الثقيلة وذخيرتها من العراق وتنقلها الى افغانستان < وهذا اوّل تراجعٍ امريكي أمام تهديدات الحشد , حتى لو لمْ يسحبوها بالفعل ! > , النقطة الأخرى التي قد لم يلاحظوها الكثيرون هي أنّ القادة في الحشد الشعبي الذين توعّدوا الأمريكان , فأنهم لم يحددوا تأريخاً محدداً واخيراً لإرغام الأمريكان بالرحيل , ولا شكّ أنْ لديهم حساباتهم في ذلك .! ولعلّ هذا ما يسبب قلقاً أشد للإدارة الأمريكية وقيادتها العسكرية < ولعلّ الزيارة العجلى لقائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال ” جين جوزيف فوتيل ” الى اربيل ولقائه بالقيادة الكردية المتمردة وما وعدوهم فيها بأستمراية ضخّ المزيد من كميات الأسلحة الثقيلة والنوعية المتطورة , فقد يغدو لهذه الزيارة علاقة ما بهذا الشأن > , وقد يمسى تصريح السيد علي اكبر ولايتي مستشار مرشد الثورة الأسلامية في ايران , بأنّ بلاده لا تسمح بوجود قواعد او حضور امريكي شرق الفرات ” وهذا تصريحٌ ينبغي حسابه في الحسبان مهما كان ” كتعزيزٍ لما اعلنوه قادةٌ في الحشد < وننوّه هنا أنّ شرق الفرات يقع داخل الأراضي السورية , لكنه مشمولٌ في الإمتداد الجغرافي والجيوبوليتيك الى داخل الأراضي العراقية ايضاً > .!

قبل الإسترسالِ ببعض التفصيلات او الجزئيات , نؤشّر هنا ! بأننا لسنا بصدد عرض موقفٍ ” سلباً او ايجاباً ” من مسألة تواجد القوات الأمريكية في الأراضي العراقية , لكنما هي محاولة لتفكيك بعض الحيثيات المبهمة في الحالة المعلّقة القائمة بتواجد القوات الأمريكية وأبعاد مدياتها .

لابدّ من الإعتراف أنّ بعض القوى في العملية السياسية ومعها ايضاً شرائح من الجمهور او المجتمع تؤيّد بقاء القوات الأمريكية بهدف مقابلة النفوذ الأيراني في العراق وإقامة التوازن السياسي في ذلك , لكنّ الأمريكان احرجوهم وخذلوهم بوقوفهم ودعمهم للجانب البرزاني وبالضدّ من الدولة العراقية وحتى بالضد من الأحزاب الكردية الأخرى وعموم شعب كردستان الذي لمسوا عن كثب النتائج العكسية التي افرزها الإستفتاء .! , ومن الجهة المقابلة , ومع استشعار الأمريكان لخطورة الموقف , سارع وزير الدفاع الأمريكي بأرسال رسائلٍ خاصة الى وزراء دفاع دول حلف الأطلسي يحثّهم فيها لحضورٍ وتواجدٍ عسكريٍ – اطلسي في العراق لتدريب القوات العراقية ” شرطة وجيش ” .! وكأنّ القوات العراقية لمْ تتدرّب بعد , وكأنها ما برحت في المهد , وهي خاضت اشرس المعارك ولقادتها وضباطها من خبراتٌ قتالية في ثلاثة حروب , ويرافق ذلك تركيزٌ إعلاميٌّ رسميّ للأمريكان بأنّ داعش لا زالت تشكّل خطراً أممياً كأنه ينطلق من العراق ! وكأنّ ايضاً أنّ داعش سوف تولد من جديد ! , وفي الواقع فأنّ مسألة داعش قد جرى تضخيمها ونفخها ” بعد القضاء عليها ” وبشكلٍ مبتذلٍ ورخيص , ولم تعد قابلة للتصديق حتى من بسطاء القوم .

بين المنظور واللامنظور على صعيد التوجهات الأمريكية , وبما قد يتعلّق ” تكتيكياً بنتائج الأنتخابات المقبلة في العراق , فأنّ الإستقراءات الأولية لبوصلة وقائع الأحداث , فأنها تشير وتؤشّر الى هندسةٍ جديدة في المِنطقة العربية , فما معنى أن تعمل وتسعى امريكا الى إخضاع الشريط الحدودي بين العراق وسوريا لسيطرتها المطلقة عبر إنشاء قواعدٍ ثابتةٍ على طول الحدود , حيث أنشأت قواعدأً عسكريةً في كلا الجانبين العراقي والسوري , ويجهدون الأمريكان على ترسيخ وتثبيت قواتهم في منطقة اعالي الفرات المشتركة بين سوريا والعراق , فبعد قاعدة ” التنف ” التي اقاموها على الاراضي السورية , فأقاموا قاعدة اخرى في وادي ” القذف ” ضمن الأراضي العراقية , وهو ما يعني أنّ المنطقة الحدودية بين القاعدتين لا تخضع إلاّ للسلطة الأمريكية المطلقة , كما أنّ الأمريكان ليسوا لوحدهم يخططون ويجهدون في ذلك , فحلف الناتو يؤكّد ” عبر الإعلام ” أنه يواصل جهوده الجهيدة في العراق الى إشعارٍ آخر .! بذريعة وحجّة تدريب القوات العراقية .!!

الأمريكان وعموم افرنجة سياسة الغرب يدركون مسبقاً أنّ وسيلتهم في التحجج والتذرّع لم تعد قابلةً للإنطلاء ولا حتى بالطلاء , وهم لا يكترثون لذلك .!

هذا , وما يجري من مجرياتٍ جارية في مجرى المنطقة العربية , فأنه لا يقتصر على الجزء الآسيوي او الشرقي من المنطقة العربية , ففي الجزء العربي من الدول العربية في شمال افريقيا له صلة ايضاً .! وليست الإضطرابات الأمنية في ليبيا ومصر وتونس وسواها منفصلةً عن ” الضمائر العربية المتصلة والمنفصلة ” .! , وياليت الصبح العربي ليس بقريب .!