الإسكندرية في كتب الرحلات والجغرافية
كتاب الإشارات للهروي
قال الهروي” قيل: إنها كانت في المدينة، وإن المدينة كانت سبع محجات فأكلها البحر، ولم يبق منها غير محجة واحدة، وكانت من موضع يعرف بأبي صير إلى أبى قير، ويقال: إن قبر الإسكندر بالمنارة مع أرسطاطليس، والله أعلم بذلك. يقول مؤلف هذا الكتاب على بن أبى بكر الهروي: إنما ذكروا منارة الإسكندرية من العجائب لما كان بها المرآة التي ذكروا أن المراكب إذا أقلعت من مسيرة أيام تظهر صورها فيها فيستعدوا للقائها، وقيل: إنها كانت تحرق المراكب، وهذا يمكن عمله، فإن المرآة إذا سامت شعاع الشمس أحرقت لا سيما ويعضدها البحر، فإن شعاع الشمس من صقال المرآة وضوء الماء ولمعانه تحرق ولا شك فيه، قيل: كانت المرآةستين ذراعا وطول المنارة ثلاثمائة ذراع، والله أعلم. وإنما المنارةاليوم ليست من العجائب إنما هي على هيئة مثال برج على ساحل البحر على هيئة المرقب، بل المنائر العجيبة بمدينة القسطنطينية، منها منارة موثوقة بالرصاص والحديد في الضرم، وهو الميدان، إذا هبت الرياح تميلها شرقا وغربا وقبلة وشمالا من أصل كرسيّها، ويدخل الناس الخزف والجوز تحتها فتطحنه ومنارة أيضا في هذا الموضع من النحاس قد قلبت قطعة واحدة إلا أنها لا يدخل إليها. ومنارة قريبة من البيمارستان قد ألبست النحاس جميعها، وعليها قبر قسطنطين، وعلى قبره صورة فرس من النحاس وعلى الفرس صورته، وهو راكب على الفرس وقوائمالفرس محكمة بالرصاص على الصخر ما عدا يده اليمنى فإنها سائبة فى الهواء كأنه سائر، وقسطنطين على ظهره ويده اليمنى مرتفعة في الجو، وقد فتح كفه وهو يشير نحو بلاد الإسلام، ويده اليسرى فيها كرة، وهذه المنارة تبين عن مسيرة بعض يوم للراكب فى البحر، وقد اختلفت أقاويل الناس فيها فمنهم من يقول: فييده طلسم يمنع العدو أن يقصد البلد» ومنهم من يقول: «بل على الكرة مكتوب: ملكت الدنيا حتى بقيت في يدى مثل هذه الكرة وخرجت منها هكذا لا أملك شيئا منارة في سوق استبرين من الرخام الأبيض ومن أرضها إلى رأسها صور منبتة نابتة من جسمها أعجب صنعة تكون، ودربزينها من النحاس قطعة واحدة، وبها طلسم إذا طلع الإنسان عليها يقع نظره على المدينة بأسرها. بالإسكندرية في المحجة موضع يقال له: القمرة، به عامود عليه صورة طير يدور مع الشمس، وبها عامود السواري مصقول صقال الفصوص والعمد حوله، ويقال: هذا هو الرواق الذي بنته اليونان، ولهذا يقال في كتبهم: ” قال أصحاب الرواق: وهذا العامود ذرعته وقد شذ عنى الآن بل أظنه ستين ذراعا، والله أعلم، وأظن دائرة ثلاثين ذراعا، وتحته قاعدة مربعة من الحجر المانع قطعة واحدة، وبها الباب الأخضر يزار، وبها مسجد التوبة والرحمة والرباط بها عظيم، وبها دار الإسكندر، وبظاهرها كنيسة أسفل الأرض عمارة عجيبة، ومسجد النحات، عنده شهداء لا تعرف أسماؤهم، وبجلبانتها من الأولياء والصالحين خلق كثير، وبها السمك الرعاد، من أمسكه ترعد يده إلى أن يلقيه منها“. (الإشارات للهروي/45).
رحلة بنيامين التطيلي
قال: إسكندرية هي (نو أمون) أو (أمون نو) الواردة في التوراة. شيّدها الإسكندر المقدوني وجعلها من أجمل المدن وأمنعها فأطلق عليها اسمه. وبظاهر المدينة مدرسة أرسطو أستاذ الإسكندر. كانت مؤلفة من عشرين قسما يقصدها طلاب العلم من جميع أنحاء العالم لدرس فلسفة أرسطو. وبناؤها واسع جميل، معقود على أساطين من رخام. ومدينة إسكندرية مشيدة على طيقان معقودة، تحتها الكهوف والمغاور. وشوارعها مستقيمة لا يحد البصر آخرها لطولها. فالشارع الممتد من رشيد إلى باب البحرينوف على الميل طولا. وفي مرساها رصيف يمتد في البحر إلى مسافة ميل أيضا. وفي إسكندرية برج مرتفع يدعى (المنارة)،ويسميه العرب منار الإسكندرية وقديما كان في أعلى البرج مرايا من زجاج، تراقب بوساطتها مراكب القرصان القادمة من أنحاء الروم وبلاد المغرب، من مسافة خمسين ميلا عن الشاطئ، فتتخذ الأهبة لمنازلتها. وبظاهر المدينة، على شاطئ البحر، يشاهد عمود كبير من رخام. عليه صور الطير والحيوان وكتابات ورموز قديمة، ليس بميسور أحد اكتناه طلاسمها، ويقال: إنها قبر ملك عاش قبل الطوفان، يبلغ طوله خمسة عشر شبرا بالطول وستة أشبار بالعرض“. (رحلة بنيامين/358).
المسالك والممالك للبكري
قال البكري” إنّ الإسكندر لمّا استقام ملكه في بلاده سار يختار أرضا صحيحة الهواء والتربة والماء، فأتى موضع الإسكندرية فأصاب أثر وعمد رخام منها عمود عظيم مكتوب عليه بالقلم المسند- وهو القلم الأول من أقلام حمير وملوك عاد- أنا شدّاد بن عاد شددت بساعدي الواد وقطعت عظيم العماد من الجبال الأطواد وبنيت إرم ذات العماد الّتي لم يخلق مثلها في البلاد. وبنى سورها آزاجا وطبقات قد عمل لها مخاريق ومتنفّسات للضياء يسير فيه الفارس بفرسه وبيده رمح لا يضيق به حتّى يدور جميع تلك الآزاج. وكذلك أسواقها وشوارعها وسككها مقنطرة كلّها لا يصيب أهلها شيء من المطر. وكانت الإسكندرية تضيء في الليل بغير مصباح لشدّة بياض الرخام، وربّما علّق فيها شقاق الحرير الأخضر لاختطاف بياض الرخام أبصار الناس. وقد كان لها سبعة أسوار من أنواع الحجارة المختلفة ألوانها بينها خنادق بين كلّ خندق وسور فصيل. اما منارة الاسكندرية فأمّا المنارة فذهب كثير من الناس أنّ الإسكندر بناها على حسب ما ذكرنا في المدينة، ومنهم من رأى أنّ دلوكه الملكة بنتها، وقال بعضهم إنّ العاشر من فراعنة مصر بناها، وهذه المنارة من دخلها تلف فيهاإلّا أن يكون عالما بها لكثرة بيوتها وحجراتها وطبقاتها، قال البكري في منارة الاسكندرية مسجد في هذا الوقت يرابط فيه المطوّعة. وكان حول المنارة مغاوص تستخرج منها أنواع جوهر يتّخذ منه فصوص الخواتم منها الاسباذ جشم والكركهنوالباقلمون، وهذا الباقلمون، حجر يتلوّن في المنظر ألوانا مختلفةكتلّون ريش الطاووس الهندية، فإنّها تتلوّن ألوانا لا تحصى ولا تشبه بلون من الألوان لما يترادف من تموّج الألوان في ريشها“. (المسالك والممالك للبكري2/634). وتحدث عن القصر الأعظم بالإسكندرية اليوم خراب، وهو على ربوة عظيمة بإزاء باب المدينة، طوله خمسمائة ذراع وعرضه على النصف من ذلك أو نحوه، ولم يبق منه إلّا سواريه، فإنّها قائمة لم يسقط منها شيء، وعدد أساطين القصر أزيد من مائة أسطوانة غلظ كلّ أسطوانة نحو عشرة أشبار. بمدينة الإسكندرية كان الهيكل الأعظم الّذي اجتمع فيه ثلاثمائة أسقف وثمانية عشر أسقفا فأسّسوا القول بالتثليث وكفّروا من خالفهم، وذلك في زمن قيصر يولس. رأيت بالإسكندرية عند قصّاب ضرس إنسان يزن به اللحم زنته ثمانية أرطال. كان بالإسكندرية دار ملعب قد بنيت بضرب من الحكمة لا يرى أحد فيها شيئا دون صاحبه ووجه كلّ فيها تلقاء وجه صاحبه، إن عمل أحد منهم شيئا أو تكلّم أو نفث ونظر إليه جميعهم سماعا ونظرا متساويا قريبهم وبعيدهم. وكانوا يترامون فيها بالكرة، فإذا وقعت في كمّ أحد منهم فلا بدّ له من ولاية مصر“. (المسالك والممالكللبكري2/641). وكان على الإسكندرية سور لا يعدل به في الحصانة والإتقان والمنع. فنذر عمرو لئن أظهره الله عليهم ليهدمنَّ سورها حتّى تكون مثل بيت الزانية يؤتى من كلّ مكان“. (المسالك والممالك للبكري2/644).
د. الاستبصار في عجائب الأمصار للمراكشي
ذكر المراكشي” يقال إن أسقفا كان بالإسكندرية من أهل العلم بالكوائن، لما بلغه قدوم عمرو مع المسلمين إلى بلاد مصر كتب إلى القبط يعلمهم أن ملكهم قد انقطع، ويأمرهم بتلقي عمرو والطاعة له؛ فأطاعه كثير من القبط فاستعان بهم على من سواهم“. (الاستبصار/79). وقال” كان أصل بنائها أن الإسكندر استقام له ملكه في بلاده، وكانت بلاده رومة وما إلى ذلك من بلاد الروم، وكان فيما يقال روميا، فيقال إنه خرج يختار أرضا صحيحة الهواء والتربة والماء يبنى بها مدينة يسكنها، فأتى موضع الإسكندرية فأصاب به أثر بنيان وعمد رخام منها عمود عظيم مكتوب عليه بالقلم المسند، وهو القلم الأول من أقلام حمير وملوك عاد: أنا شداد بن عاد، سددت بساعدي الوادي وقطعت عظيم العماد من شوامخ الجبال والأوطاد، وبنيت إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد“. (الاستبصار/92). ويضيف” اتخذ الإسكندر الطلسمات مصورة على أعمدة رخام على هيئة شجرة السرو، طول العمود منها 80 ذراعا، وهى باقية إلى هذه الغاية. يقال إنها على أعمدة نحاس قد خرقت الأرض فصورت، فيها أشكال وصور تمنع وتدفع. وبنى المنار على طرف اللسان الداخل في البحر من البر، وجعله على كرسي من زجاج على هيئة السرطان في جوف البحر، وجعل طوله في الهواء ألف ذراع، وجعل في أعلاه المرآة.وكانت المرآة قد ركبت من أخلاط غريبة فيبصر فيها ما يأتي من مراكب العدو على مسيرة أيام فيتأهب لهم، فإن قربت المراكب من البلد عملت أخلاط بأدهان يعرفونها وطليت بها المرآة وعكس شعاعها على تلك المراكب فأحرقتها.وجعل في المنار تماثيل من نحاس وطلاسم كثيرة تمنع وتدفع ولها خواص، فمنها تمثال قد أشار بسبابة يده اليمنى نحو الشمس حيث كانت من مشرق أو مغرب أو أفق فيدور معها، وتمثال يشير بيده نحو العدو إذا كان منه على مقدار ليلة، فإن دنا وأمكن أن يرى بالبصر يسمع لذلك التمثال صوت هائل على ميلين أو ثلاثة“. (الاستبصار/94).وتحدث” القصر الأعظم الذي كان بالإسكندرية، لم يكن له على معمور الأرض نظير، هو اليوم خراب. ونحو الشمال منه أسطوانة عظيمة لم يسمع بمثلها، غلظها 36 شبرا وهى من العلو بحيث لا يدرك أعلاها قاذف بحجر، وعليها رأس محكم الصناعة يدل على أن بناء كان عليها، وتحتها قاعدة من حجر أحمر مربع الشكل محكم عرض كل ضلع من أضلاعه 20 شبرا في ارتفاع 8 أشبار. والأسطوانة منزلة فى عامود من حديد قد خرقت به الأرض، فإذا اشتدت الرياح رأيتها تتحرك وربما جعلت تحتها الحجارةفتطحنها لشدة حركتها. وهذه الأسطوانة من إحدى أعاجيب الدنيا، ويقال إن الجن صنعتها لسليمان بن داود عم“. (الاستبصار/99). ويضيف” كان بالإسكندرية دار ملعب قد تهدم أكثرها، وكانت قد بنيت بضروب من الحكمة، وكانوا يجلسون فيها لقضاء حوائجهم، فكان كل جالس فيها إنما جلسوه تلقاء وجه صاحبه ولا يخفى على أحد منهم شيء من حال غيره، يتساوى قريبهم وبعيدهم في ذلك. وكان لهم يوم مهرجان يجتمعون فيه فيهذا الملعب، ويحضره رؤساؤهم وأبناء ملوكهم وعامتهم، ويلعب فيه الصبيان والفتيان بالصوالج وبينهم كرة. فإن دخلت تلك الكرة كم رجل ممن حضر في ذلك اليوم فلابد له من ولاية مصر؛ كان هذا عيدهم معروف لا ينكره أحد“. (الاستبصار/100).
كتاب السفرنامة لناصر خسرو
قال ناصر خسرو” تَقَع الْإسْكَنْدَريَّة على شاطئ بَحر الرّوم وشاطئ النّيل وتصدر مِنْهُمَا بالسفن فَاكِهَة كَثِيرَة لمصر وَفِي الْإسْكَنْدَريَّة مَنَارَة رَأَيْتهَا قَائِمَة وَأَنا هُنَاكَ وَقد كَانَ فَوْقهَا حراقة مرْآة محرقة فَكلما جَاءَت سفينة رُومِية من الْقُسْطَنْطِينِيَّة أصابتها نَار من هَذِه الحراقة فأحرقتها وَقد بذل الرّوم كثيرا من الْجد والجهد وَالْحِيلَة فبعثوا شخصا فَكسر الْمرْآة وَفِي عهد الْحَاكِم“. (السفرنامة/84).
فضائل مصر المحروسة. ابو عمر بن يعقوب الكندي المصري
قال ابو عمر الكندي المصري عن عجائب مصر” من عجائب مصر” بها من الأبنية وآثار الحكمة: البرابي والهرمان، وليس على وجه الأرض بناء باليد حجراً فوق حجر أطول منهم. وبها منارة الإسكندرية، وبها عمود عين شمس“. (فضائل مصر المحروسة/11). ونقل عن عبد الله بن عمرو“ من أراد أن ينظر إلى الفردوس فلينظر إلى أرض مصر حين تخضر زروعها، ويزهر ربيعها، وتكسى بالنوار أشجارها وتغنى أطيارها“. (المصدر السابق/9). ونقل عن ابي عمر الكندي المصري” ذكر أهل العلم والمعرفة والرواية أنه دخل مصر في فتحها ممن صحب رسول اللهصلى الله عليه وسلم مئة رجل ونيف. وقال يزيد بن أبي حبيب: وقف على إقامة قبلة المسجد الجامع ثمانون رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. منهم الزبير بن العوام، والمقداد بن الأسود، وعبادة بن الصامت، وأبو الدرداء، وفضالة بن عبيد، وعقبة بن عامر وأبو ذر ومحمية بن جزء ونبيه بن صؤاب، ورافع بن مالك، وربيعة بن شرحبيل بن حسنة، وسعد بن أبي وقاص وعمروابن علقمة، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعبد الله بن عمر بن الخطاب وخارجة بن حذافة، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح، وأبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومحمد بن مسلمة، ومسلمة بن مخلد، وأبو أيوب وروفع بن ثابت، وهبيب بن مغفل، وكعب بن ضنة، ومعاوية بن حديج، وعمار بن ياسر، وعمرو بن العاص، وأبو هريرة وغيرهم“. (المصدر السابق/5).
تاج المفرق في تحلية علماء المشرق. لخالد بن عيسى البلوي الملقب ابو البقاء
زار ابو البقاء معالم الإسكندرية والتقى بمعظم علمائها وناقشهم في الكتب، ولكن لم يأت أحد منهم على ذكر مكتبة الاسكندرية ولا ابو البقاء نفسه. مما قاله” ذكر من عبد الله بن عمرو ابن العاص أنه قال عجائب الدنيا أربعة مرآة منار الإسكندرية كان الناس يجلسون تحتها فيرون من القسنطينة وبينهما عرض البحر، وفرس من نحاس بأرض الأندلس باسط يديه مقابل بكفييه أي، ليس خلفي مسلك فلا مسلك فلا يطأ أحد تلك الأرض إلا ابتلعته النمل، ومنارة من نحاس عليها راكب من نحاس بأرض عاد، فإذا كانت الأشهر الرحم هطل منها الماء فشرب الناس واستقوا وصبوا في الحياض فان انقطعت الأشهر الحرم انقطع ذلك الماء إلى آخر،وشجرة من نحاس بأرض رومة عليها زرزور من نحاس سودانية فإذا كان أوان الزيتون صفرت تلك السودانية من النحاس فيعصر أهل رومة ما يكفيهم من الزيت لأدمهم وسرجهم في كنائسهم إلى عام قابل، هذا الذي ذكره عبد الله بن عمرو بن العاص خبر مشهور موجود في كتب الحكماء، والمرآة التي كانت بمنارالإسكندرية صح خبرها بالتواتر خاصة، وإنما عمل الروم في إفسادها خوفا منها، ولهذه المدينة من المدارس والمساجد ما لا يستوفيه وصف ذكر الهروي في بعض تآلفيه أن مدينة الإسكندرية احتوت على أثني عشر ألف مسجد، وذكر أبو الربيع بن سالم الكلاعي في كتاب الاكتفاء له قال: كتب عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين فتح الإسكندرية، أما بعد فأني فتحت مدينة لا أصف ما فيها غير أني أصبت فيها أربعة آلاف منية بأربعة آلاف حمام، وأربعين ألف يهودي عليهم الجزية، وأربعمائة حلة للملوك، وعن أبى قبيل، ان عمرو بن العاص لما فتح الإسكندرية وجد فيها أثنى عشر ألف بقال يبيعون البقل الأخضر) انتهى)، إلى غير ذلك من المعاهد والمفاخر والمشاهد والمآثر، وفيها تربة بعض الأنبياء عليهم السلام، وتربة بعض التابعين رضوان الله عليهم أجمعين، استوفيت زيارة جميعهم وتردد إلى مبارك بقعيهم”. (تاج المفرق/24)
نزهة المشتاق للشريف الادريسي
ذكر الادريسي” أما الإسكندرية فهي مدينة بناها الإسكندر وبه سميت وهي مدينة على نحر البحر الملح وبها آثار عجيبة ورسوم قائمة تشهد لبانيها بالملك والقدرة وتعرب عن تمكن وبصر وهي حصينة الأسوار نامية الأشجار جليلة المقدار كثيرة العمارة رائجة التجارة شامخة البناء رائعة المغنى شوارعها فساح وعقائد بنيانها صحاح وفرش دورها بالرخام والمرمر وحنايا أبنيتها بالعمد المشمر وأسواقها كثيرة الاتساع ومزارعها واسعة الانتفاع والنيل الغربي منها يدخل تحت أقبية دورها كلها وتتصل دواميس بعضها ببعض وهي في ذاتها كثيرة الضياء متقنة الأشياء وفيها المنارة التي ليس على قرار الأرض مثلها بنيانا ولا أوثق منها عقدا أحجارها من صميم الكدان وقد أفرغ الرصاص في أوصالها فبعضها مرتبط ببعض معقود لا ينفك التئامها والبحر يصدم أحجارها منالجهة الشمالية وبين هذه المنارة وبين المدينة ميل في البحر وفي البر ثلاثة أميال وارتفاع هذه المنارة ثلاثمائة ذراع بالرشاشيوهو ثلاثة أشبار وذلك أن طولها كله مائة قامة منها ست وتسعون قامة إلى القبة التي في أعلاها وطول القبة أربع قامات ومن الأرض إلى الحزام الأوسط سبعون قامة سواء ومن الحزامالأوسط إلى أعلاها ست وعشرون قامة يدخل الضوء عليها من خارج إلى داخل بحيث يبصر الصاعد فيها حيث يضع قدميه حين يصعد فيها وهذه المنارة من عجائب بنيان الدنيا علوا ووثاقة والمنفعة فيها أنها علم توقد النار بها في وسطها بالليل والنهار في أوقات سفر المراكب فيرى أهل المراكب تلك النار بالليل والنهار فيعملون عليها وترى من بعد مجرى لأنها تظهر بالليل كالنجم وبالنهار يرى منها دخان وذلك أن مدينة الإسكندرية في قعر الجون متصلة بها أوطئة وصحار متصلة لا جبل بها ولا علامةيستدل بها عليها ولولا تلك النار لضلت أكثر المراكب عن القصد إليها وهذه النار تسمى فانوسا ويقال إن الذي بنى هذه المنارة هو الذي بنى الأهرام التي في حد مدينة الفسطاط من غربي النيل ويقال أيضا إنها من بنيان الإسكندر عند بنيان الإسكندرية والله أعلم بصحيح ذلك وبالإسكندرية المسلتان وهما جران على طولهما مربعان وأعلاهما أضيق من أسفلهما وطول الواحدة منهما خمسقيم وعرض قواعدها في كل وجه عشرة أشبار محيط الكل أربعون شبرا وعليها كتابات بالخط السرياني وحكى صاحب كتاب العجائب أنهما منحوتتان من حجر جبل بريم في بلاد مصر وعليها مكتوب أنا يعمر بن شداد بنيت هذه المدينة حين لا هرم فاش ولا موت ذريع ولا شيب ظاهر وإذ الحجارة كالطين وإذ الناس لا يعرفون لهم ربا إلا يعمر فأقمت أسطواناتها وفجرت أنهارها وغرست أشجارها وأردت أن أطول على الملوك الذين كانوا بها بما أجعله فيها من الآثار المعجزة فأرسلت الثبوت بن مرة العادي ومقدام بن الغمر بن أبي رغال الثمودي إلى جبل بريمالأحمر فاقتطعا منه حجرين وحملاهما على أعناقهما فانكسرت ضلع الثبوت فوددت أن أهل مملكتي كانوا فداء له وأقامهما لي الفطن بن جارود المؤتفكي في يوم السعادة وهذه المسلة الواحدة في ركن البلد من الجهة الشرقية والثانية من هذه المسلات أيضا في بعض المدينة وقيل إن المجلس الذي بجنوب الإسكندريةالمنسوب إلى سليمان بن داود أن يعمر بن شداد بناه ويقال أيضا إن سليمان بن داود حجران على طولهما مربعان وأعلاهما أضيق من أسفلهما وطول الواحدة منهما خمس قيم وعرض قواعدها في كل وجه عشرة أشبار محيط الكل أربعون شبرا وعليها كتابات بالخط السرياني وحكى صاحب كتاب العجائب أنهما منحوتتان من حجر جبل بريم في بلاد مصر وعليها مكتوب أنا يعمر بن شداد بنيت هذه المدينة حين لا هرم فاش ولا موت ذريع ولا شيب ظاهر وإذ الحجارة كالطين وإذ الناس لا يعرفون لهم ربا إلا يعمر فأقمت أسطواناتها وفجرت أنهارها وغرست أشجارها وأردت أنأطول على الملوك الذين كانوا بها بما أجعله فيها من الآثار المعجزة فأرسلت الثبوت بن مرة العادي ومقدام بن الغمر بن أبي رغال الثمودي إلى جبل بريم الأحمر فاقتطعا منه حجرين وحملاهما على أعناقهما فانكسرت ضلع الثبوت فوددت أن أهل مملكتي كانوا فداء له وأقامهما لي الفطن بن جارود المؤتفكي في يومالسعادة وهذه المسلة الواحدة في ركن البلد من الجهة الشرقية والثانية من هذه المسلات أيضا في بعض المدينة وقيل إن المجلس الذي بجنوب الإسكندرية المنسوب إلى سليمان بن داود أن يعمر بن شداد بناه ويقال أيضا إن سليمان بن داود بناه وأسطواناته وعضاداته باقية إلى الآن وصفته أنه مجلس مربع الطول في كل رأس منه ست عشرة سارية وفي الجانبين المتطاولين منه سبع وستون سارية وفي الركن الشمالي منه اسطوانة عظيمة ورأسها عليها وفي أسفلها قاعدة رخام في محيط تربيع وجوهها ثمانون شبرا في عرض كل وجه عشرون شبرا في ارتفاع ثمانين شبرا ودور محيط هذه السارية أربعون شبرا وطولها من القاعدة إلى رأسها تسع قيم والرأس منقوش مخرم بأحكم صنعة وأتقن وضع ولا أخت لها ولا يعلم أحد من أهل الإسكندرية ولا من أهل مصر ما المراد بوضعها مفردة في مكانها وهي الآن مائلة ميلا كثيرالكنها ثابتة آمنة من السقوط والإسكندرية من عمالة مصر وقاعدة من قواعدها“. (نزهة المشتاق /321). واضاف ” ولأهل الإسكندرية في بحرهم سمكة مخططة لذيذة الطعم تسمى العروس إذا أكلت مشوية أو مطبوخة رأى آكلها في نومه كأنه يؤتى إن لم يتناول عليها شيئا من الشراب أو يكثر من أكل العسل“. ( المصدر السابق1/344).