هناك امران مهمان حدثا في الساعات القليلة المنصرمة وهما؛ تصويت البرلمان العراقي على اخراج القوات الامريكية من العراق وفي اقرب وقت ممكن والثاني هو انسحاب ايران من الاتفاق النووي، هذان الامران يشكلان تحولا خطيرا ومفصليا في الصراع الايراني الامريكي مع ان الامر الاول يخص العلاقة بين امريكا والعراق. الامر الثالث والذي لايقل خطورة بل ربما هو الاخطر؛ تهديد ترامب بضرب 52هدفا ثقافيا ايرانيا ان تجرأت ايران وهاجمت قواتنا في اي مكان. لقد كتبنا قبل ايام من ان ايران سوف لن ترد ردا ستراتيجيا في الساحة العراقية او الساحة اللبنانية ولا زلنا نعتقد بانها لن تستخدم الساحتين في الرد الاستراتيجي الحتمي. اما لماذا هذا الاعتقاد الذي لم ياتِ من فراغ او نتيجة لما يقول لنا، فتاح الفأل بل هو نتيجة لقراءة متأنية وهادئة للوضع المعقد جدا وبما لايقاس في اي مرحلة من مراحل الصراع الايراني الامريكي على مدار السنوات السابقة؛ وبأختصار شديد، فان لبنان في وضع حرج للغاية وفي خانق اقتصادي وهبة شعبوية كبيرة ومضادة لجميع اقطاعيات الحكم في لبنان، وفي ظل هذا الوضع وظرف الواقع المفروض عليه بشكل او باخر، ان اي حركة ايرانية او بعبارة اكثر دقة وصدق وموضوعية؛ اي حركة او عمل عسكري ضد الكيان الصهيوني من المقاومة العربية الاسلامية اللبنانية، وفي ظل هذه الظروف التى اسلفنا في ذكرها، سوف تجابه بالرد الصهيوني، مما يؤدي الى الفوضى والاضطراب اللذان لايخدمان حركة المقاومة باي شكل كان بل يضران بها ضررا ستراتيجيا اي يعطيان المبرر لمهاجمة حركة المقاومة وتحميلها وزر ما سو ف يحصل. نعتقد ان قيادة المقاومة العربية اللبنانية ( حزب الله..) اذكى من ان يقومان بفعل من هذا النوع وفي هذا الظرف المعقد والخطير. لذا فأنها سوف تفوت الفرصة على دهاقنة الاجرام في واشنطن وتل ابيب. الا في حالة واحدة حين تصل الامور الى حافة الهاوية اي التهديد الوجودي والمصيري وفي هذه الحالة تتغير قواعد الاشتباك تماما. اما من جهة العراق وهو الاكثر تعقيدا والاخطر بكثير؛ ان ابناء العراق الابطال كما عرفهم التاريخ في سفره، ابطال لاينامون على فراش الذل ابدا حتى ولو كان هذا التيقظ والمجابهة تأتي على الرقاب التى لم تعرف في كل تاريخها؛ ان تنحني للمهانة حفاظا على الرقاب ان تظل سليمة. بناءا على هذا فان القواعد الامريكية لامحال سوف تهاجم ان تمسكت بالبقاء ولم تنسحب من ارض العراق وبالفعل بدأت الهجومات عليها. لكن هذه المقاومة رغم توائمها مع الصراع الامريكي الايراني واشتداد المواجهة بينهما، لكنها وفي الاول والاخير وفي الاساس والمنطلق، هي إرادة عراقية لجلاء قوات الاحتلال التى تخطط ومنذ زمن الاحتلال على بلقنة العراق.. للتخلص من عقل الفتنة التى يحملها الرأس الامريكي. ( كتبنا في مقال سابق نُشر في صحيفة الراي اليوم الغراء؛ ان ايران سوف لن تستخدم الساحة االعراقية في الرد الاستراتيجي الحتمي، لحسابات الوضع في العراق.. الشيء الذي لم نقله في حينه؛ ان القسم الاكبر والفاعل في الاحداث لم يكون او يسمح لنفسه ان يكون اداة بيد الغير وحتى وان كانت ايران على الرغم من العلاقة القوية معها، الا بيد العراقي لهدف عراقي صرف وان تخادم مع الاخر بالنتيجة.. هذا اولا وثانيا اهداف الرد الايراني لايقع في العراق او في لبنان. وهذا ما سوف نأتي عليه في هذه السطور المتواضعة..) وفي العودة الى موضوع جلاء القوات الامريكية؛ ان إمريكا لن تتحمل الهجمات الصاروخية والتى ربما تكون يومية بعد قرار البرلمان العراقي باخراجها من العراق اي فقدانها شرعية البقاء. لذا، هي من سوف تقوم بترحيل قواتها من وسط وجنوب وشمال وغرب العراق، خصوصا وان هناك اصوات في الداخل الامريكي تطالب بسحبها، هذا اولا وثانيا هناك البديل الارضي لتواجدها بالقرب من وسط وجنوب وغرب وشمال العراق، في كردستان او في الكويت، في قاعدة على السالم. أما من جهة الانسحاب الايراني من الاتفاق النووي، فهو اجراء ذكي وفي توقيت مناسب جدا كما فعل ويفعل الزعيم الكوري الشمالي في كل مرة يكون فيها الظرف مناسب لمجابهة امريكا. ربما تفقد ايران التأييد الاوربي لها او مساندتها اللفظي، لكنها في النهاية وجهت ضربة معلم شديد المراس للعنجهية الامريكية، ضربة في صميم الكبرياء الامريكي. الولايات المتحدة وفي هذه الحالة لاتستطيع عمل اي شيء ضد ايران في الذي يخص الاتفاق النووي، لأن ايران اعلنت التزامها بشروط الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ان هذا الامر لامحال سوف يسبب احراجا كبيرا على ترامب وحملته الانتخابية، ربما هذا هو ما تسعى له ايران؛ في تقليل حظوظ ترامب في الفوز في ولاية ثانية. يظل في هذه الظروف الخطيرة، السؤال المهم كيف ترد ايران وفي اي مكان وهو رد لابد منه وفي جميع الظروف والاحوال؛ نعتقد ان ايران سوف تستهدف اهداف عسكرية بحتة كما اعلن اكثر من مسؤول من مسؤوليها. وفي السياق ماهي الاهداف العسكرية،وربما هذا القول الهدف منه هو التمويه والتغطية على الفعل الحقيقي الذي سوف تقوم به ايران ثأرا لقائدها ولكرامتها وهيبتها في الداخل وفي المنطقة. ساحة الرد الايراني ربما تكون في مياه الخليج او في دول الخليج التى تأوي قواعد امريكية ومصادر الطاقة والاخيرة مرجحة كأهداف ايرانية. يبقى السؤال الاهم؛ متى؟. حتى نعرف زمن الرد الايراني علينا الانتظار طويلا. ان الامريكيين يخشون من الرد الايراني وفي هذا الوقت، وقت الانتخابات الامريكية؛ لذا، جاء التهديد الترامبي من انه سوق يقصف 52هدف ايراني ثقافي لزرع الخوف والرعب في صانع القرار الايراني. على ذات السياق هدد وزير خارجية الولايات المتحدة الامريكية؛ من ان امريكا سوف تضرب رؤوس القرار الايراني وهذه هي السياسة الامريكية الجديدة كما قال بومبيو. توقفنا كثيرا في فحص وقراءة هذا التهديد وهو تهديد جدي وليس الغرض منه التهديد لهدف التهديد فقط بل هو لفعل على الارض. نعتقد والله اعلم بإمريكا وساستها وما ينون ويخططون؛ ان الهدف الثقافي المقصود منه هو مقر على خامنئي او مقرات اخرى ذات صلة. أذا ما صحت هذه القراءة، تكون الولايات المتحدة قد اقدمت على فعل كارثي يجر كل المنطقة الى اتون النار.