لم تعد أيديولوجيات الأحزاب الحاكمة للبلاد تتحكم في توجهات ومصالح الأوطان التي تحكمها. ولم تعد لعبة السياسة تختار العدو والصديق، بل أصبحت المصالح المشتركة والمنافع المتبادلة هي من يسيّر عجلة العلاقات الدولية وخياراتها المشتركة.
هاهو الحزب الشيوعي الحاكم في الصين يلتقي مع حزب البعث الحاكم في سورية في تلاقي المصالح وتوحد الأهداف بعد إعلان سورية الإنضمام أخيراً إلى مبادرة الحزام والطريق الصيني في مباحثات ومفاوضات جرت بين قيادات البلدين المختلفين والتي أثمرت عن وضع اللمسات والخطوط العريضة للتعاون المشترك في مجالات عدّة تسهم في إنعاش الأقتصاد السوري المتهالك الذي دمرته الحرب وتطوير البنى التحتية التي مزقتها الأنفجارات.
وكان من بين المشاريع المقترحة للتنفيذ في أطار الحزام والطريق الممتد إلى سورية هو إنشاء طريق بري يربط جنوب سورية بشمالها وكذلك إنشاء ربط سككي بين مرفأ طرطوس وإلى الحدود العراقية.
أما المشاريع الأستثمارية الأكثر أهمية لهذا البلد المدمر والمثقل بآثار الحروب فيتمثل بمبادرة الصين لأنشاء محطات توليد الطاقة الكهربائية في سوريا وأستكشاف النفط والغاز إضافة إلى أنشاء مناطق حرّة صينية في سوريا.
اللاعب السياسي السوري (المتمرّس) أدرك أهمية بلده كموقع أستراتيجي لنقل البضائع والشحن من الصين إلى أفريقيا بعد أن أستوعب السوريون أن طموحات التنين الصيني تهدف إلى الوصول إلى أفريقيا وهي فرصة إستغلها هؤلاء لمنفعة بلدهم وتطويره مع وجود حليف قوي يدعم هذا التوجه وإعادة الأعمار لدمشق وتنشيط الإستثمار وتطوير قدرات البنى التحتية لبلد مزقته الأنفجارات والتدخلات الخارجية.
أما في البلد المجاور لسوريا ويطلق عليه أسم (العراق) والذي سبقه في الدمار وتحطم بنيته التحتية جراء الأحتلال والصراعات والفساد فلا زال غارقاً في شخيره ينتظر من يُوقظه من هذا النوم العميق.
في بلد مثل العراق يعيش أيامه بظلام دامس مستدام بسبب الفساد واللصوص وصراع الإرادات بين شركتيّ جنرال ألكتريك الأمريكية وشركة سيمنز الألمانية على من يظفر للفوز بعقود الطاقة لهذا البلد الذي يعيش لياليه بظلام دامس ومحاولاته البائسة لتسوّل الغاز وتشغيل محطاته الكهربائية من دول الجوار أو الخليج بينما هو يمتلك أكبر خزين للغاز، ولنتصور كم هي المفارقة وحجم النكتة التي نضحك بها على أنفسنا ويضحكون بها علينا عندما ننظر إلى تلك الصورة، العراق ذلك البلد الضائع في متاهات الفوضى والفساد بقيادة صبيان سياسة ربما لايدركون أو قد يدركون ولكنهم يتغافلون عن حقيقة أن هذا البلد كل مافيه يعج بالخيرات والثروات والنعم ولكن ينتظر من يكتشف خيراته ويوظفها لخدمة الشعب وليس من يسرقها وتلك مصيبة العراق والعراقيين في أنهم ابتلوا بلصوص وجهلة وذلك هو المشهد الأسوء.