أكثر الأقلام ترى أنها تنويرية الطباع والتوجهات , وبعضها يميل إلى الإنغماس بدنياه وحسب ولا يغنيه ما حوله , لأنه أعجز من التأثير فيه.
والحقيقة أن معظم الكتابات تضليلية , هروبية وأحيانا تخديرية , لا تشير إلى بيت الداء , وتتساءل عن الأدواء , لحالات سرابية في وعيها وتمثلها.
ويمكن القول أن أقلامنا تطارد خيط دخان!!
ومن الأمثلة الصفحات متخومة بالكتابات عن الفساد , ولا يوجد تعريف واضح له , فهو عند القائمين به (الإستحواذ على ثروات البلاد والعباد) , لا يعتبر فسادا , بل عملا مشروعا مسوّغا بفتاوى معروفة , ويراه غنيمة أو من الأنفال , وما أكثر الذين ينادون : “إعطني ما أريد أفتي لك بما تريد”!!
والذي لا يمتلك القدرة على وضع يده على المال العام , يعتبره فسادا , أو سرقة ونهبا وما شاكلها.
وبهذا فأقلامنا تكتب عن حالة غير موجودة في عرف القائمين بها!!
الفتوى أقوى من الدستور والقانون , والذين يقلدون رموزهم , لا يعترفون بهما , وينفذون ما تملي عليهم إرادة قدواتهم.
والمثال الآخر , الصفحات تزدحم بالكتابات عن الوطن والوطنية والمواطنة , وهذه مفردات لا وجود لها في أدبيات الحالات المؤدينة بأنواعها , ومرة أخرى تكتب الأقلام عن موضوعات لا وجود لها في عرف القابضين على مصير البلاد.
فهل أن أقلامنا تنويرية حقا؟
لا يمكن الإجابة بجزم , فكلما زادت كتاباتنا تراكمت وتعقدت مشاكلنا.
فالسيئ يزداد سوءً , والمجرم إجراما , والمستبد إستبدادا , والإلتصاق بالكراسي في ذروته , والتخنيع والتركيع والترويع على أشده.
فعن أي تنوير نتحدث؟
التنوير: حركة تعتمد فكرة التقدم وإعمال العقل في فهم واقع المجتمع والتخلي عن أفكار الماضي.
التضليل: إخفاء بعض الأمور لمنع الإهتداء إلى الحقيقة.
د-صادق السامرائي