23 ديسمبر، 2024 12:13 ص

“…وما اجتمعت بأذوادٍ فحول”
في الفيزياء الأقطاب المتشابهة تتنافر , والمختلفة تتجاذب , ويبدو أنه قانون يمس البشر , فلكثرة مفردات تشابهنا تعاظم تنافرنا , حتى وصلنا إلى ميادين التقاتل والتماحق المبيد.
دين واحد , كتاب واحد , لغة واحدة , عادات وتقاليد متقاربة , تأريخ مشترك , والكثير من المفردات الأخرى المتشابهة , كلها تساهم في تنمية طاقات التنافر بيننا وشحننا ضد بعضنا.
ولهذا مجتمعاتنا في تصارعات لا تنتهي , وأنظمة حكمنا في إنقلابات تخريبية متواصلة , والعسكر يمثل وحشيتنا , وما عندنا من طباع غابية تدفع للتأسد والإنصيال.
فواقعنا السلطوي , دموي عدواني لا يرحم , فما أن يجلس الواحد منا على كرسي القوة , حتى يرفع رايات الريبة والشك , وتحوطه المخاوف والتوجسات العدوانية , ويصل به الأمر إلى توجيه طاقاته نحو كيفية الحفاظ على موقعه , فلا يقدم خيرا للبلاد والعباد , لأنه مأسور بالكرسي الذي سيحترق فيه.
وما يحصل في السودان هذه الأيام , والأحداث التي بدأت (15\4\2023) , ينطلق من مفهوم العرين الذي يستبد فيه ذكر واحد وحسب , فالأقوى يستبيح , وتكون له اليد العليا ومطلق الصلاحيات , والآخرون ينفذون ويذعنون , ومن لا يكون كذلك فعدو لدود وعليه أن ينمحق فورا.
وهذا صراع بدائي وتفاعل أولي , لا يفترق فيه البشر عن أبسط المخلوقات الساعية فوق التراب.
أما الحيوانات اللبونة فأكثر تطورا من البشر , ذلك أنها لا تقاتل أبناء نوعها إلا فيما ندر , وتصطف كفرد واحد ضد النوع الآخر.
فالجوع يدفعها للقتل , ولكل نوع نوع يعادية , وهكذا يتحقق التوازن والدوام الحياتي.
أما البشر فعدو نوعه , ويقتل منه ما لا يقتله منه أي نوع آخر.
فالحيوانات المفترسة بأنواعها لا تستطيع قتل إلا بضعة قليلة من البشر , والبشر إخترع ما يقتل الملايين في رمشة عين.
فهل سنؤسس لإختلاف تجاذبي فعال؟!!
د-صادق السامرائي