6 أبريل، 2024 11:00 م
Search
Close this search box.

التناحرية!!

Facebook
Twitter
LinkedIn

التناحر يعني التعادي والتنافر , ويبدو أن الواقع العربي يخضع لآليات تناحرية متراكمة , ومتطورة بدرجات معقدة ومتشابكة , حتى لتمضي الأمور بتسارع على سكتها ذات التواصلات والتداخلاتالمتنامية.

فلا توجد حالة إلا وتمسكت بآليات التناحرية , مما يدفع بها إلى مزيد من التعضيل والتعويق والتدمير والتخريب.

ولا يوجد معنى للحل أو مفهوم حل في أيام العرب , والقائم هو التعقيد المتوالد الراسخ في أعماق السلوك , والتفاعل المتنوع المشارب والتوجهات , أي أنهم يتناحرون , وبتناحرهم يهونون ويتساقطون في مهاوي الخسران.

فهل وجدتم دولة عربية غير متناحرة مع دولة عربية , أو نظام حكم عربي غير متناحر من نظام حكم عربي آخر؟!!

إنها عاهة سلوكية قابضة على المصير منذ بدايات القرن العشرين وحتى اليوم , مما يؤكد أن العرب ربما غير مؤهلين لحكم أنفسهم بأنفسهم , ويستلطفون التبعية والإستعباد من قبل الآخرين , ولهذا تأكد الإستعمار والإنتداب والحكم بالنيابة , والعمل الجاد على تحقيق أقصى حالات التبعية والإذعان للآخرين.

فكأنهم يتلذذون بأن يُحكَموا بغيرهم , لكنهم يتظلمون ويتشكون من حكم الآخرين لهم , وهذا ما حصل بعد سقوط بغداد عندما عاشوا لقرون تحت حكم الأتراك , وقبلهم تحت حكم العديد من الأقوام , وحينما إنتهت الحرب العالمية الآولى وجدتهم كالأسرى الذين أطلقوا من زنازينهم التي أقاموا فيها لقرون.

ولايزال العرب لا يعرفون معنى الحرية والمسؤولية الذاتية , والعمل الجاد لبناء ذاتهم وموضوعهم , وما يُجيدون عمله التأسد على بعضهم , والإمعان بتدمير وجودهم والقسوة على العرب في مدنهم وقراهم وأينما كانوا , فحكوماتهم تتمرغ بدماء مواطنيها الأبرياء.

إن التناحرية تعكس حاجات نفسية منحرفة كالتلذذ بإيلام الذات وتحطيمها , أي أن العربي ربما يبحث عمّن يعذبه ويهينه ويستعبده , ليطلق العنان لقريحته الماهرة بالتوجع والتشكي والتظلم , وذرف الدموع وجلد الذات بقسوة المجانين.

وهذه العاهة علينا وعيها ودراستها , والتخلص من تأثيراتها التدميرية الضارة بوجودنا أجمعين , فلن ينفع العربي الإيقاع بأخيه العربي , وإنما يوفر موطئا للطامعين بالعرب , ويفتح لهم بوابات , ويمنحهم تأشيرات دخول إلى أعماق وجودهم , ونخر ذاتهموموضوعهم , وإسقاطهم في مواقد المفترسين الذين يتربصون لأكلهم كعجلٍ حنيث!!

و”مَن يزرع النار لم تسلم أصابعه…ومَن يعشْ أهوجا أودى به الهوج”!!

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب