18 ديسمبر، 2024 8:17 م

التمن والقيمة والوعي الحسيني

التمن والقيمة والوعي الحسيني

المقولات الشائعة الهابطة في ساحة الرأي الملغم بمفخخات الشذوذ الفكري مفادها (الشيعة الهم اللطم ولنة الحكم , شغلتهم بس يزورون , التمن والقيمة أهم شيء ) هذا التنظير البذيء الذي يحمل في طياته أبعاد ودلائل تقزم دور الأمة الشيعية المعطاءة, والتي صمدت بوجه الطغاة الذين أندثروا بمهب الريح , وهم صامدين على الرغم من كل اساليب البطش التي مورست معهم , يقفون على أرض صلب بفضل ألأرث الذي تركه لهم رموزهم العملاقة ,بدأ بجهل القائلين الذين يجهلون موقعهم من الأعراب, ثم تطور للتجهيل من خلال أسلوب ممنهج ومدروس بدكاكين تمول بالمال لتجعل منه ثقافة مجتمعية يعيشها الفرد الشيعي حتى يؤمن أنه الواقع الذي لا مفر منه, أنها علمية تطبيع مع الانهزامية التي تقودنا للاستسلام في ظل التخبط الموجود , المرددين لهذا الحديث ليس لديهم أي شعور بالمسؤولية , ولا بحجم التحديات التي تعصف بالبلد لأنهم يعيشون حياة الهامش ولا يمتلكون أي قضية يدافعون أو يضحون من أجلها , مصلحتهم مع من يعطيهم ويُغدق عليهم المال أو يقربهم من السلطة ليكونوا عبيد خانعين وخاضعين لهم ولأوامرهم مطيعين , واقفون على التل محايدون مع كل زمان ومكان , لم يأبهوا للدماء التي سالت والارواح التي أزهقت من أجل حماية العرض والمقدسات ضد الهجمات الارهابية من الممسوخين , ثم وجهت سؤالاً لأحدهم ,ماهو دورك تجاه الأزمات التي أبتلينا بها وأنت موظف في مؤسسة رسمية تعنى بتقديم الخدمات للناس ؟ فأجابني : لا يهمني ما يمر به الوطن من هجمات ومآسي وما يعانيه المواطن ثم عبر عن رأيه بمقولة (أشخط يومي وروح للبيت ) , وسألت آخر من المواطنين ماهو دورك ومسؤوليتك عندما يتعرض البلد للسرقة والنهب من السراق وللأعتداء الارهابي ؟ أجابني بكل برود : المهم اتناول التمن والقيمة في عاشوراء ,وما دامت النار بعيدة عني فليذهب الجميع للجحيم ,المشكلة تكمن في الهمج الرعاع كما وصفهم سيد البلغاء الإمام علي (ع) بقوله : (همج رعاع ينعقون مع كل ناعقة يميلون مع كل ريح ) أن القتل والتسقيط المعنوي أشد ألماً وجرحاً وإمضاءً في النفس من القتل الجسدي ,لأنه يستهدف الفكر الذي تقوم عليه الأمم , فعن أبي صالح الحنفي قال : (رأيت علي بن أبي طالب آخذا بمصحف فوضعه على رأسه حتى إني لأرى ورقه تتقعقع ثم قال:
اللهم إنهم منعوني ما فيه فأعطني ما فيه.
ثم قال :اللهم إني قد مللتهم وملوني، وأبغضتهم وأبغضوني، وحملوني على غير طبيعتي وخلقي وأخلاق لم تكن تعرف لي فأبدلني بهم خيرا منهم وأبدلهم بي شرا مني اللهم أمث قلوبهم ميث الملح في الماء) هذا الألم والجرح الذي كابده سيد الوصيين (ع) بسبب عيشه في بيئة لا تريد أن تعرف وتفهم وتدرك أنما قوم أبتلي بهم ,جاءت هذه النظرة المؤلمة بسبب تولي بعض ضعاف النفوس للمناصب وسوء أدارتهم الفاشلة لبعض مراكز الدولة بأعطائهم صورة غير لائقة لكرسي المنصب الذي أعتلوه , جرأ الجهلة لأن يطلقوا هذه المقولات وهم لا يفهمون منها شيء , المهم أنهم يتحدثون عنها , ثم أستقبلها من يبحث عن المكيدة وروضها وشذبها وهذبها بطريقة احترافية ليطلقها بعد ذلك للشارع العام ويُغذي بها العقول الخاوية الضيقة , بصورة مفادها هؤلاء هم الشيعة قادة غير قادرين على أدارة الدولة ,وعليه فأن الآخر بقياداته أجدر بالقيادة وحسم هذه الفوضى التي لا تنتهي, في حين هنالك إضاءات تثلج الصدور وتريح القلب من قيادات شيعية أفذاذ كانت ولا زالت بصماتهم مشرقة عند تسنمهم الأماكن الرسمية , قدموا لنا أنموذجاً يصعب وصفه بالنزاهة والاستقامة والعلمية والموضوعية , وأما الحشد فأنه غير مسار المؤمرات برجالاته وتضحياته وأعاد الأمور لنصابها الصحيح , فالسائرون للأمام الحسين (ع) عليهم أن يدركوا الوعي الحسيني وعناوينه المختلفة ,وأن الإصلاح لا يتحقق وحده ولن يرى النور , إلا بتظافر الجهود مع المصلح ,الحسين نجده يتجسد في الصدق مع العمل ,والثبات والعزيمة , والرفض للظالم المستبد ,والالتزام بالخلق الحسن , والتصدي للمفسد ولو بكلمة , والإيثار لأجل المجموع , وقول الحق ,ونصرة المظلومين, والوقوف مع المستضعفين, وعدم مهادنة ناكثاً للعهد , أذكر جيداً قول الإمام الصادق 🙁 إِنَّ الْحَسَنَ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ حَسَنٌ وَ إِنَّهُ مِنْكَ أَحْسَنُ لِمَكَانِكَ مِنَّا ،وَ إِنَّ الْقَبِيحَ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ قَبِيحٌ وَ إِنَّهُ مِنْكَ أَقْبَحُ) بهذا الخط المتعملق والمنهج يريدوننا أئمتنا أن نتفهم ما يدور في الساحة نحلل ونشخص الخلل وتكون لدينا رؤية استشرافية لما يحيط بنا من مؤامرات ودسائس,علينا أن نخصص وقتاً معين لمتابعة الاخبار في القنوات المرئية والمقروءة والمسموعة نتابع ما يدور من أحداث , نطالع ونداول على قراءة الكتب الرصينة التي ترتقي بمستوى رقينا المعرفي , والتمن والقيمة ستأتي شئنا أم أبينا .