23 ديسمبر، 2024 3:09 ص

التملق خيانة و وسيلة لانهدام المجتمعات

التملق خيانة و وسيلة لانهدام المجتمعات

جلسة التملق لشخص رئيس مجلس الوزراء العراقي في بداية العام الجديد في الفيديو المسرب ، بكيل مديح الوزراء لرئيسهم اثار حفيظة ومشاعر كل مواطن حريص على بلده ،لان مهمة مجلس الوزراء هو انجاز الاعمال التي ينتظرها المواطن وكل الوزراء هم خدام هذا الشعب ويجب ان يتحلوا بالشجاعة من اجل الوصول الى الاهداف لا ان يكون اللقاء هو كيل المديح و ان لا يكون التبريك بالعام الجديد لاهداف خاصة بل بيان المنجزات والمعوقات وخاصة الميزانية العام التي تمثل لقمة الخبز لابناء الوطن وصورة من التملق لشخص الرئيس في ظل غياب المنجزات.

التملق وسيلة يستخدمها افراد من المجتمعات تجاه بعضهم لأسباب مختلفة سواءً لتحقيق مصالح شخصية أو اقتصادية ويصيب النفس البشرية، ويَنخَر في عضد المجتمع وهو من الامراض الخطرة التي تسوسُ نخاع الإنسان القِيَمي، فبه تنهدم المبادئ لمجرد اللهث وراء المنفعة الذاتية، للحصول على ما يراد بدون تعب أو جهد، بل الأدهى والأمرُّ أن بعض الناس أصبح التملقُ عندهم مبدأً، ويعتبرون ما يتحقق من هذا الفعل المذموم إنجازًا ونجاحًا، وينتج عنه خداع المجتمع و وضع الشخص الغير المناسب في المكان الغير المناسب له وهذا مثل ضرر الواسطة ، ربما تصل الى الاضرار بالاخرين من حيث اخذ اماكنهم فمثلا موظف يتملق مع مديره فيضعه مكان موظف ثاني ، وضعف في التنمية الاجتماعية وهو كذلك يطلق عليه في التعبير العام (لغة المجاملة) وينتهي كذلك بانتشار وباء ثان، متمثل في (التملص). فإذا كان (المتملق) يحصل على حقوق غيره أو حتى على حقوقه لكن بطرق مهينة. فإن ولي نعمته، ذاك الشخص الذي تملق إليه من اجل الظفر بتلك الوظيفة أو الخدمة،وهو نتيجة الاتصاف بمجموعة من الاخلاق الذميمة المرتبطة به مثل: الكذب، وقبول الباطل، وتضييع الحقوق، وإقبارا مبدأ تكافؤ الفرص، وفي اعتقادي أن أي شيء بني على هذا الأساس الهش معرض للسقوط لا محالة، لأن بنيانه غير قوي ولا يحمل الصلابة الأخلاقية المطلوبة، وهذا كله ما يؤدي في النهاية إلى تفشي الفساد وضياع العدل وانتشار المحسوبية ويسبب هذه الحالة المداهنة من قبل المقابل ويغضي عن عيوب الطرف المتملق ويعطيه جملة من المميزات التي لا يستحقه و الثناء المفرط الذي يشوبه الكذب والمبالغة في الإطراء غير الحقيقي على شخص بهدف لفت انتباه الشخص الاخر، يكاد ان يكون التملق الوسيلة الآمنة والوحيدة للوصول بالنسبة للانتهازي، لا سيما إذا كانت قيم الإخلاص والنزاهة غير متوفرة عنده، الشيء الذي يجعل التملق دربه الوحيد المتبع، لأنها الطريقة التي تمهد لنفسه التسلق على الأكتاف، دون اعتبار لمن تضرر ومن سيتضرر، المهم في عقيدته أن يصل لما يريده هو فقط، فغايته تبرر له وسيلته المتبعة، ومصلحته مقدمة على حساب كرامته ونحن عندما نتحدث عن التملق هنا ليس بدافع الدعوة إليه أو القيام بحملة لتشجيع ممارسته، ولكنه بغرض بيان حقيقته وتجلياته، عسى أن يكون ذلك سببا لهداية النفوس غير السوية، ورجوعها لجادة الصواب. إن الحياة بلا عزم وصبر ومثابرة تورث صاحبها الذل، ولعل هذا الوصف مما يظهر حقيقة من يقاوم ويكافح ويصابر ليصل إلى ما يطمح له مع الحفاظ على المبادئ الشريفة والقيم الأصيلة، فالمتشبع بالقيم الأخلاقية يأبى أن يمس الخنوع ذاته، ولا يرضى أن يذل غيره ويعيش مهانا، ولا يقوى على التملق ولو كان في أمس الحاجة إليه للوصول به لما يبتغيه.

والإطراء من الآخرين أكثر ضرراً مما يوفره لنا ذلك الذي يجرؤ على الاعتراف بالحقيقة،. عندما تكون في وسط قطيع من المتملقين، لن تكون المزايدة لصالح أحد، تبقى الخطورة عندما يصدق الناس المُتملق إليهم ما يقال عنهم باعتباره حقيقة واقعة، “فمن يرغب بأن يتملق الآخرون له، هو أخطر من الشخص المتملِق. الظلم وانعكاساته على الإنسانية –

أن المحترفون في هذا النوع من الممارسات ” التّملق ” لا يدركون أنَّ مثل هذا السلوك المنحرف هو يخالف مسار الضّبط القيمي و الشرعي والتربوي و الفطرة الإنسانية قبل مخالفته للنظام الإنساني العام لتناقضه مع منطق اللاعدالة بينه وبين من يعلوه كفاءة، ولا يوجد مبررًا للتملُّقِ حتى في حالة الضرورة اذا كان الانسان واثق من نفسه و يؤكد عدم تطابقه بأخلاقيات المسلم المنبثقة من قواعد الشريعة الإسلامية ومنهجها القويم، “يقول الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله: إن مَن خاف من الله خافَه كلُّ شيء، ومَن كان مع الله جعل الله الخلق كلَّهم معه، ومن أطاب مطعمه ومشربه استجاب الله دعاءه، وتبعا لذلك فإنَّ الموظف المؤمن بعمله صاحب المبادئ السامية والقيم الواعية والأخلاق الفضيلة يفرض احترامه بجده وقمة نشاطه وجمال مصداقيته ونزاهة ممارسته وأمانته، وبالتالي تبنى ثقته برب عمله والرغبة تكون لإرضائه ويجعل إنتاجيته في مجال عمله وسيلة نجاحه الوظيفي وارتقاءه في أعين رب عمله، “