أذهاننا بحاجة لأجسام مضادة لأوبئة الأضاليل والبهتان , والعدوان على قيمة الإنسان , وحقه في التعليم والرعاية الصحية.
ولابد من أخذ جرع متوالية من اللقاحات اللازمة لبناء المناعة القيمية والأخلاقية والسلوكية , ضد ما يُراد لنا أن نُصاب به ونعبر عنه من إنكسارات وخيبات , وتداعيات في خنادق الخنوع والفقدان , والتوهم بأننا خارج دائرة الزمان.
التلقيح الذهني يتم بضخ المفردات الإيجابية , والعبارات التنويرية , والجرعات المركزة من حقن الوميض الإدراكي , اللازم لإستنهاض ما فينا وتنوير مداركنا وتطلعاتنا.
فالواقع التخميدي الذي نغطس فيه , يستحضر مفردات السوء والبغضاء , ويبني ما يناهض الحياة , ويدعونا للسبات والرقاد والموت , الذي يوهمنا بإمتلاك جوهر الحياة وذروتها , وما لذ وطاب منها.
وتلعب آليات المتاجرة بالعقائد والأديان دورها النشيط في صناعة طوابير القطيع , المؤهلة لخوض معترك المآسي والويلات , بنفوس راضية متوثبة إلى سوء المصير , الذي منه تنتقل إلى أوهام غيبية ذات مذاقات عسلية.
ويبدو أن البشر يتحول بسهولة إلى ضحية , عندما تتحكم به أجندات غيبية ذات تصورات خيالية , فسلوك الغيب يحكمنا , ومن الوسائل الفعالة لصيد البشر , والقبض المحكم على وجوده وإستعباده , وتفريغه من طاقاته والإستحواذ عليه.
ولابد للأنوار الفكرية أن تسطع في دياجير الإعتام والإظلام , التي يُراد للبشر أن يتخبط فيها ويتعثر ببعضه , ليتحول إلى فرائس سهلة للطامعين بوجوده , والساعين لتعويقه وردمه في مستنقعات الويلات.
فالتلقيح الذهني يستند على أفكار واضحة , ذات أدلة راسخة ومقنعة , تزعزع ما يُزرَع في الأفهام , وتكون كالأنوار المتوهجة القادرة على إكتساح عواصف الظلام البائسة , المتدحرجة في أوعية تعفنها وإزدرائها لذاتها وموضوعها , فلابد لمشاعل الكواكب المعرفية أن تنير مسارات الأجيال , وترسم لها خارطة الصعود إلى قمم المجد المتوائم مع ما فيها من كينونة شماء.
فهل لنا أن نتمسك بينابيع النور الفياضة؟!!