المواطن العراقي ، تتقاذفه الآفات من كل جهة ، داخليا وإقليميا وعالميا ، أحد هذه الآفات الكبيرة هي تصرفات الحكومة ، وكأنها تنتهز أي فرصة للإنتقام من المواطن المسكين ، الذي صار ليس محترما ، ومشكوك به ، ويُنظر إليه بعين الريبة ، ويتعرّض لشتى ألوان الإذلال ، أمام كل سكان الكوكب ، وقد فقد هذا المواطن المسكين ثقته بالدولة منذ أمد بعيد ، وصار كل همه أن يتقي شرّها الذي يحيط به من كل جنب وكأنها عدو ، وهي بالفعل كذلك !.
قرأت هذا اليوم خبرا منسوبا لمديرية المرور العامة عن إستخدامها لأحدث التقنيات ، ولكن لأي شيء ؟، هذا يشبه البشائر التي تزفها إلينا وزارات الدولة التي أعلم جيدا أن خدمة المواطن هو آخر ما تفكر به، رغم أنها من المفترض أن تخدم المواطن وهذا عرف عالمي ، منها تخفيض سعر البنزين المحسّن ، وأتضح أنه ربما أسوأ من الوقود العادي (الأسوأ عالميا) ، ومثل جعجعة وزارة الإتصالات عن عملية “الصدمة” ، التي وعدت المواطن “بتحسين” خدمة الإنترنيت ، لكنه من سيء إلى أسوأ ، أضرط إنترنيت بالعالم وأغلاه سعرا ، وعذرا للغتي !.
وتصورت أن إستخدام التقنية العالية لمديرية المرور لخدمة المواطن ، ، لكني سرعان ما طردت هذه الفكرة من رأسي حتى قبل أن أنهي قراءة الخبر ، لأني أعرف جيدا التصرفات النمطية للحكومة التي عادة لا تكون في صالح المواطن ، بل لغرض الإضرار به ، فبدلا من أن يكون الهدف من هذه التقنية “العالية” ، هي لتسهيل معاملات المرور التي لطالما أذلّت وأنهكت المواطن وأستنزفت وقته وماله وأعصابه ، شأنها شأن كافة دوائر الدولة ، لكن تحت باب الغرامات ! ، التي تصل إلى 200 ألف دينار ، وقد تتضاعف خلال شهر فيصير المبلغ 400 ألف دينار ، وهو الراتب الكلي (المهدد بالقطع) لأغلب المتقاعدين ! ، أعلى التقنيات في بلدي تُجرّب لإستهداف جيب المواطن ! ، قرار قرقوشي آخر بحق مواطن لا تستطيع هذه “الدولة” ، تسديد راتبه أصلا ! .
دولة مترهلة متآكلة فاسدة ، لا تُسير البلد إلا بقدرة الله وحده ، الموظف فيها كثير الأخطاء ، لأنه أصيب بعدوى (اللامواطنة) ، والهدف الوحيد من عمله الذي لا يحبّه ، هو الراتب ، والراتب فقط ، وعلى المواطن دفع ثمن تلك الأخطاء التي طالما عانى منها ، ومنهم كاتب هذه السطور ، ومنها مديرية المرور وخطئها أما في تدوين (رقم الشاصي) أو في النظام “الحاسوبي” ، الذي كلفني جولات مكوكية وحرق للمال والأعصاب لأجل تحويل سيارتي المتهالكة ! ، ومنها ما جرى عليّ منذ ثلاثة أيام وأنا أراجع مراكز التموين بسبب إستبدال أسم أحد أبنائي في البطاقة التموينية بأسم غريب ، وهنالك خطأ في العنوان ، أسأل الله أن يكسر يد هذا الموظف التي تسبب لي بهذه المأساة ! ، طُلِبَ مني ترويج معاملة (رفع اسم وهمي) ، ومعاملة (بحث مصير فرد) ، والمقصود إبني ، وعندما أكملت المعاملة وجئت بأبني ، فوجئت أنهم يطلبون معاملة (صحة صدور) لهوية الأحوال المدنية لأنه لم يُجرِ استبدالها بالبطاقة الوطنية ، الدولة لا تعترف بهوية الأحوال المدنية ، فكيف تريد الإعتراف بجواز سفرها دوليا وهو الأسوأ على مستوى العالم لعقد من الزمن ؟! ، ومن المفترض أن معاملات صحة الصدور هو لمنع التزوير ، لكنه طالما كان بابا كبيرا من أبواب الفساد ، أسهمت بظهور طبقة طفيلية لا تنقصنا ، هي طبقة (المعتمدين) ، ويكون المواطن عادة ، ضحية لهكذا هفوات ! .
قبل أيام ، ظهر أحدهم على الفضائيات يقول ، أن الدولة إستغنت عن 99% من المعاملات الورقية ! ، لكنا لا نزال ، أكثر دولة على الكوكب ، تقوم باستنساخ الوثائق ، لتكون في النهاية ، جبال ورقية تتحول إلى نفايات ليست ذات فائدة لأنها لا تُخزن نظاميا ، وغير مبوبة ! ، وفي أحد المرات ، فُقِدَت معاملة السيارة كاملة في المرور أيام (جائحة المنفيست) ، وبقيت ثلاثة شهور أبحث عنها وسط ركام هائل من المعاملات التي تحمل بصمات الأحذية ! ، لكن بمجرد إستئجاري لمعقب بمبلغ 200 دولار ، وجدها بنفس اليوم ، فسبحان الله !.
دولة أخلفت كل وعودها ، خانت كل ما ائتُمنت عليه ، كذبت في كل أحاديثها ، فمن يتصف بنلك الصفات القبيحة ؟! .