23 ديسمبر، 2024 6:31 ص

العالم أمام مواجهة مصيرية غير مسبوقة تسببت بها الثورة الصناعية , التي وصلت إلى ذروتها في هذا العصر , وبرزت دول تمكنت من إحتكار التصنيع والهيمنة على الأرض بصناعاتها , وها هي الدول القوية تقف واجمة متحيرة مأزومة , وهي غير قادرة على توفير الحاجات البسيطة التي تحميها من الوباء.
وتحتكر الصين هذه الصناعات وتعتمد الدول عليها , وتتوسل إليها بتزويدها بحاجاتها من المستلزمات الوقائية التي تنتجها مصانعها بأعداد مليونية.
وهذا الحال لا يمكنه أن يستمر , لما يترتب عليه من مخاطر وتفاعلات تنافسية عدوانية ضارة بالوجود البشري , مما يتطلب إعادة النظر بآليات التصنيع وتوزيع الصناعات على دول الدنيا كافة , وفقا لقدراتها وما تمتلكه من طاقات ومصادر وإمكانات أخرى.
فلا يجوز للدول الصناعية أن تتنازل عن الصناعات الخفيفة , وتتركها للصين التي لا تفرط بأي نوع من التصنيع , وتتجاهل الدول الفقيرة والمتأخرة في العالم , التي لا يجد الناس فيها عملا , أي أن تجعل العالم منقسم إلى دول قليلة مصنعة ودول كثيرة مستهلكة.
بينما التوازن والعدالة الصناعية تستوجب أن تكون جميع الدول مستهلكة ومصنعة , فهذه صناعاتها ثقيلة وتلك خفيفة وأخرى تجمعهما , وبهذا يتحقق التكافل والتعاون الدولي الساعي للوصول إلى السعادة البشرية.
أي أن مفهوم الدول المستهلكة والدول المصنعة عليه أن ينتهي , وأن يتحقق التداخل في الدولة الواحدة ما بين الإستهلاك والتصنيع , وعندها تكون المجتمعات البشرية في وئام وإعتماد على بعضها البعض , بدلا من الهيمنة والإرتهان بهذه القوة أو تلك , لأنها مستهلكة وبلا قدرة للتأثير الفعال على غيرها.
وبمعنى آخر , على الدول أن تتحرر من إرادة الغاب وقوانينها , وأن ترتقي إلى معايير الوجود الإنساني الرحيم , الذي يحترم المكان والزمان والحيوان والإنسان.
فهل للبشرية أن تتعظ من صولة الكورونا التي وضعت المصير البشري على المحك؟!!