18 ديسمبر، 2024 6:06 م

التقوى هي المقياس وليس التشيع أو التسنن أوغيره

التقوى هي المقياس وليس التشيع أو التسنن أوغيره

لقد حدد القرآن الكريم بكل وضوح أن المائز والمقياس في التفاضل بين البشر، هو العمل الصالح ومقدار ما يقدّمه الفرد من خير، قال الله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ [الحجرات:13]. فلا اعتراف ولا اعتبار بأي مائز عنصري أو طائفي أو قبلي أو اقتصادي أو ثقافي أو اجتماعي أو فكري أو سياسي ، بل يعتبر كل هذه الأمور وغيرها ليست معياراً للتمايز والتفاضل، إنّما ملاك التمايز والتفاضل عنده هو التقوى، كونها تمثل قوة وقائية ومحصنة للإنسان من الوقع في مهاوي الشرور والمفاسد والظلام، إضافة إلى أن التقوى تشكل الطاقة المحركة للإنسان، للقيام بالمسؤوليات والواجبات الخاصة والعامة، ولإنجاز العمل الصالح الذي تنتفع به الإنسانية جمعاء، كما أن التقوى تساهم في تقوية وحدة المجتمعات وتماسكهم و بناء علاقات سليمة بين الناس على اختلاف توجهاتهم، قائمة على أساس العدل والمساواة والحرية والسلم والسلام والتعايش السلمي وغيرها من المثل والقيم الرسالية والأخلاقية والإنسانية….
وبهذا الصدد يقول أحد العلماء الرساليين المعاصرين:
((التقوى هي المحك، لا يوجد عندنا نسب، ولا شياع إعلامي، ولا عمالة، ولا طائفية، ولا كثرة عددية، ولا انتماء للعائلة الفلانية أو للشخص الفلاني أو للجهة الفلانية أو للحزب الفلاني أو للدولة الفلانية أو للقومية الفلانية، فالتقوى هي المائز والمقياس وليس التشيع أو التسنن أو الانتماء للنبي أو للإله أو لهذه الطائفة أو لتلك الطائفة هذا غير مجدٍ )).
الانتماء لهذا المذهب أو ذاك أو لهذه الطائفة أو تلك أو للكثرة العددية أو للحزب الفلاني أو الكتلة الفلانية أو غيرها من انتماءات بل حتى للإله لا يسمن ولا يغني ولا ينجي ولا يُجدي ولا يعطي الأفضلية من دون التقوى ومن دون العمل الصالح وتجسيد القيم الأخلاقية والإنسانية….
وبهذا يتضح أن المعايير الطائفية أو العرقية أو الحزبية أو العددية أو غيرها ليست من وحي السماء ولا الإنسانية وإنما هي ظاهرة سرطانية ومدمرة للمجتمعات والأوطان وسموم سوقتها قوى الشر والظلام والإنتهازييون، وشماعات يعلقون عليها مشاريعهم ومواقفهم وسلوكياتهم فهما يلعبون على إثارة وتفعيل وتكريس تلك المعايير المقيتة من أجل أن يستقطبوا الناس لتحقيق مصالحهم الشخصية حتى وإن كان على حساب مصالح الناس بل حتى ولو كان على حساب مصالح أبناء مكوناتهم كما شاهدنا ونشاهده في الواقع،
فالعودة إلى المحك والمائز والمعيار الإلهي والأخلاقي والإنساني والحضاري فهو المُجدي والمنجي والكفيل في بناء الفرد والمجتمع والوطن والسير به نحو الرقي والكمال والهناء، وليس المائز العرقي والطائفي والقبلي والعددي والحزبي… وغيره،