يعيش العراق اليوم في ظل ظروف اقل ما يقال عنها بانها حرجة وقد يصفها البعض بالخطيرة او المأساوية الى حد كبير, لما تكالبت علية من ابتلاءات ومشاكل جمة, فوضع سياسي متخبط يقابله وضع اقتصادي هزيل و مزري ووضع اجتماعي لا يحسد علية.
وقد ولدت من رحم هذه “المنغصات مشكلة خطيرة لا تقل خطورة عن اخواتها وهي اعلان حالة التقشف الكبرى في البلاد.
ففي الوقت الذي يقاتل فيه الشرفاء من ابناء البلد التنظيمات الارهابية التي باتت تقطع أوصاله وتلوث ترابة الطاهر في ذات الوقت يخوض حربا ضروسا اخرى وفي جبهات متعددة وهي ايجاد البدائل لمعالجة حالات التقشف التي بلغت اوجها منذ مطلع هذا العام وهي مستمرة الى العام المقبل حسب ما اقر في ميزانية عام 2016من جهة ومحاربة المفسدين وسبل الخلاص من حالة الركود الاقتصادي والوضع المزري الذي لا مناص منة من جهة اخرى
من المؤسف القول ان الحكومات المتعاقبة لم تنجح في اي الملفات رغم توفر الطاقات الشبابية والامكانيات المادية الهائلة والميزانيات الانفجارية التي كانت بين ايديها ولنتحدث اليوم عن القطاع التربوي الذي يعاني من امراض مزمنة تراكمية وهي لا تحتاج الى دراسات ولا للجان، بل أجزم بأن أحد الأسباب الرئيسة في عدم تجاوز مشكلات التعليم يرجع إلى الوقوف طويلاً أمام دراسات لا يلتفت إلى نتائجها، وإلى لجان لا تنهي مهماتها على الوجه المطلوب، أو بسبب إسناد جملة من المهمات إلى شخص أو أشخاص قد لا تتحقق فيهم الكفاية المرجوة؛ لذا فكل ما تحتاج إليه مشكلات التعليم اتخاذ قرارات جريئة، ومواقف حازمة.!
فمن خلال ذلك اهدرت ملايين الدنانير في مشاريع او افكار وهمية غير واقعية واضيع معها الوقت الذي لم يعد له اي قيمة تذكر! والنتيجة اننا اليوم نعيش في ظل وضع تربوي متقشف لم يستثني حتى مدارس الاطفال في الابتدائية عندما يحرم التلميذ الصغير من كتاب جديد ذو الالوان الزاهية البراقة وذات الملمس الناعم وينبهر لرونق وجمال حروفه والبياض الناصع للكتاب وما يحتويه من صور وقصص ,فقد اثار قرار اعادة توزيع الكتب المستخدمة سابقا في العام المنصرم الى التلاميذ العام الدراسي الجديد تساؤلات كثيرة عن ماهية هذا الوضع التربوي المزرى وكيف ننهض به في ظل هذه المعطيات التي تعصف بالبلد, ان اقحام القطاع التربوي بحالة التقشف هذا سوف لا يؤدي الا مزيد من الترهل في الواقع التربوي المترهل اصلاً ,
فعندما لا توفر وزارة التربية الحد الكافي من الكتب الى تلاميذها وتجبر ادارت المدارس على اعادة الكتب المستخدمة فهذا امر يستحق ان نقف معه فالتلميذ في الابتدائية ليس بمستوى المسؤولية ليحافظ على الكتاب 100% ليصل في العام القادم الى تلميذ اخر بالصورة التي يتمناها التلميذ الجديد ومن ثم ان هذا الكتاب المستخدم فقد الكثير من رونقه وجمال صورة وهذه الوسائل هي من تحبب التلميذ و تشوقه الى الكتاب فا بمقدار ما يحتويه الكتاب من صور والوان زاهية يكون للتلميذ شوقا للدرس وتشده نحو الكتاب والمعلم هذا من جانب “الكتاب المنهج”
وعندما تفتح النار على حجم النقص في عديد المدارس فسوف تصاب بالدوار لا نها باتت مشكلة مركبة ومستعصية حيث الى اليوم لاتزال بناية المدرسة الواحدة عبارة عن مدرستين او ثلاثة مدارس اي ما بات يسمى ثنائية او الدوام الثلاثي ناهيك عن فقدان بعض المدارس لا بسط مقومات المدرسة , وعن المعلم المنهك في شغف العيش ” فالحديث عنه يحتاج الى مزيد من الوقت لسنا بصدده الان؟
وقد يطرح السؤال ما ذنب هولاء التلاميذ الصغار ولماذا يتحملون اخطاء الكبار من الحكومات السابقة وكيف يتم اقناعهم باننا نعيش التقشف ووسائل الاعلام تتحدث عن فساد وهدر الاموال من قبل الطبقات السياسية المتنفذة فقد يضطرب عليهم الامر!؟
اننا نخشى ان يكون تحميل مدارس الاطفال تبعات الوضع المتقشف سوف ينعكس سلبا على الوضع التربوي وقد يكون بابا لإهمال هذا القطاع الحيوي المهم الذي يعاني ما يعانيه من اهمال وسوء تخطيط وتخبط .
وعلينا ان نخاطب الكوادر التعليمية “ما دمتم اقحتم بالتقشف الذي لا مناص منة نتمنى ان لا يكون هذا الحال سبباً وعذراً للتكاسل فهذا الكتاب الذي بين ايديكم هو بمثابة الامانة التي اودعت لديكم فعندما يصل الكتاب نظيفا معافى في العام القادم لتلميذ اخر فهذا يعني أنك وفرت ملايين الدنانير على دولتك كانت تنفقها في صفقات مشبوهة لمطابع خارج البلاد وانك ساهمت في قتل الاعداء الذين يعتاشون على جهل الامة وتخلفها فالمحافظة على الكتاب واجب شرعي واخلاقي وهو جزء من المواطنة الصالحة وتحمل المسؤولية فاذا كان الكبار يسرقون فهذه مشكلتهم اما اتنم يا خيرة المجتمع يقع عليكم العبء الاكبر في محاربتهم والرد عليهم بالعلم لا غيرة , وعلى الحكومة ان تعلم بان دولاً عديدة ما كان لها ان تتقدم الا بعدما وضعت التعليم في سلم اولوياتها والتعليم يبدا من الصغر وكما يقال” التعلم في الصغر كالنقش على الحجر