تقديس الرجل: تطهيره ومباركته , وتأتي بمعنى التنزيه أيضا.
مَن يتابع سلوك التقديس ويتأمل ذروته , يجد له جذورا أزلية , وفي عصرنا تحقق الإستثمار السياسي فيه , بتأسيس الأحزاب التي تسمي نفسها دينية في بداية الربع الثاني من القرن العشرين , وتواصل التفاعل الذي أخرج العديدين من بشريتهم , وأضفى عليهم صفات ومميزات لا تمت إلى البشر بصلة.
بل أن لبعضهم صارت معجزات , وتراكمت الإفتراءات والقصص الخيالية والتداعيات الفنتازية , حتى لتجدنا في محنة التفاعلات التبعية والطاعة العمياء , ونكران العقل وتعطيله بالتمام , وإطلاق العاطفة , والتحرك في دائرة الإنفعالات المؤججة المعززة بما يديمها , ويؤهل البشر للإنهراس في سنابكها راضيا مرضيا.
إن معظم الأشخاص الذين إكتسبوا التنزيه من أي خطأ وأضفيت إليهم صفات خيالية , لم يكونوا كذلك في زمانهم , أو في أعين الناس الذين عايشوهم , وإنما كالآخرين.
فتجدنا ننظر بعيون اليوم إلى حالات بأعمار قرون , وقد إكتسبت هالات تراكمية تكررت عبر الأجيال , وصارت ثوابت راسخة في الوعي الجمعي , وما هي إلا أوهام وتصورات وخيالات , يتحقق المتاجرة بها , وإستعباد الناس بموجبها , فالمقدس يحكم , وبه يتمكن الطامعون الإستثمار بالحالة وتطويرها , لتخنيع الناس وإمتلاك مصيرهم.
والمقدس مرهوب , ويحكم المتوهمين به , والمؤمنين بحقيقته وما تمليه عليهم النوازع الغيبية , التي تُغذى بالمزيد من عناصر القبض على الناس , وتوجيههم وفقا لإرادة المعنين بأمر السيطرة وتنفيذ الأجندات المرسومة بدقة وإحكام.
ووفقا لهذه الآلية تُحشَر الأجيال في مسارات مسيطر عليها , ويؤخذون إلى سوء المصير وهم صاغرين , بموجب إملاءات المقدس الذي عليه أن يدوم فاعلا فيهم , ومستلبا لعقولهم , ومؤججا لنفوسهم وما فيها من نوازع ودوافع وتطلعات نحو ما لا يدرون.
وتجدنا في محنة الخضوع والخنوع لما يُراد تقديسه , لتمرير مشاريع الطامعين بالبلاد والعباد , والساعين إلى تدمير الدين بالدين!!
فهل من نور مبين؟!!