في ظل التطور الحضاري والتغيرات التي طرأت على المجتمع، اخذت التقاليد المجتمعية تأخذ منحنى اخر وتنحرف عن مسارها الطبيعي الذي لطالما نشأنا وتربينا عليها.
لتتغير معالم المجتمع بصورة قد تكون جزئية وفي بعض الاحيان كليا.
ونبدأ من مراسم العزاء التي كانت بنصب الخيمة لمدة 3 ايام متتالية للقيام بالواجب قد يحضر في العزاء ما يسمى بالدراويش والدفافة الذين يقومون بأحياء العزاء بغرز السكاكين في اجسادهم ونفث النار وغيرها من الأمور المرعبة داخل مجلس عزاء الرجال وغالباً ما يكون في اليوم الثالث من عزاء الميت، اختفى هذا التقليد بصورة نهائية حتى انه لا يوجد ذكر له في الوقت الحالي، كما ان خيمة العزاء اختفت من المحلات والازقة ليكون المجلس داخل حسينيات يتم تأجيرها لساعات محددة من اليوم وتقلصت عدد ايام الفاتحة ( مجلس العزاء) من ثلاثة ايام ليكون مدة يومين فقط يختم بها العزاء. ولم تتغير مراسم العزاء فحسب فقد تغيرت مراسم الزفاف هي الاخرى . فبعد ان كان عقد القران يتم بواسطة المأذون الشرعي (السيد) عند منزل العروس مع تقاليد معينة تقوم بها العروس في عقد قرانها( صينيه المهر)، اصبح الزفاف بشكل مختلف تماما حيث يذهب المجمع زوجهما الى مكتب المأذون الشرعي وعقد القران دون الرجوع الى التقاليد التي تقوم بها الفتاة داخل منزلها، كما ان الحنة والزفة تغيرت معالمها المعتادة، حيث تقوم الحنه للعروس لتليها يوم استراحة وبعدها بليلة تكون ليلة الزفاف.ولم يقتصر التغيير فقط على مراسم الاحزان والافراح، فنجد العادات البغدادية الجميلة بتبادل صحون الطعام وخاصة في شهر رمضان قد زالت بشكل نهائي من الموائد العراقية مكتفي كل دار بما له لتزول الالفة والمحبة الاخوة بين الجيران الذين يتقاسمون الزاد فيما بينهم.وحتى عادات تربية الاطفال بتخويفهم ب البعبع و الطنطل و السعلوة، الشخصيات الوهمية الخرافية التي كانت تلعب دوراً مهماً في تغيير سلوك الاطفال الخاطئة وتقويمها قد اندثرت هي الاخرى، اضافة الى الحكايات القديمة الهادفة ذات الحكم والمواعظ في تربيتهم، لينشئ جيل الكتروني لايعرف سوى العاب الايباد.ثم نعود ونقول “الناس تغيرت مو مثل قبل” فكيف لا تتغير ونحن غيرنا اسسس معالم وتقاليد جميلة بل دفناها بأيدينا بحجة التطور وهذا تخلف ” العالم وين وصلت”. لم يكن ما يفعله اجدادنا عبثاً بل كانوا يربوا اجيالا بأيمان وقيم ومبادئ ومعتقدات مترابطة مع الواقع الذي نعيشه.عندما يموت شخص من المحلة الجميع يفزع ويحزن لحزنه ويؤجل افراحه فترة وهذا ما لانراه الان، ولم نسمع بحالات طلاق الا القليل النادر جداً، والان حالات لاتعد ولاتحصى، كما ان الالفة والاخوة بين جميع الطوائف الدينية من المحلة بحكم الزاد بينهم، والان جار لا يحترم جاره، واخيرا وصلنا لاطفال لاتعرف السلوك القويم وسليطي اللسان على اوليائهم ولا يوجد ما يردعهم.فما الذي نفعله بأنفسنا يا ترى؟ وكيف لنا ان نحيي تقاليدنا .