عناصر الإنبهار وعوامل الإستياء تتقدمهما كوكبة من كلا علائم الإستفهام والتعجب , يلتقون مع بعضهم أممياً وانسانياً وقومياً .!
شاهدنا وقرأنا وسمعنا جميعاً او معظمنا مديات التعاون والمساعدات ” مجاناً ! ” بين دولٍ من جنوب شرق آسيا وسيّما الصين , وروسيا وسواهم يرسلون طائرات مدنيةٍ وعسكريةٍ عملاقة , محمّلة بفرق من الأطباء والأدوية ووسائل الوقاية الفنية الأخرى الى دولٍ تحمّلت اكثر من سواها من اعداد الموتى الكبيرة جرّاء فيروس كورونا الجاثم على صدر الكرة الأرضية , ومن الملفت للنظر ومن اكثر من زاوية أنّ هذه الدول التي بادرت بإبداء وتقديم تلك المساعدات القيّمة الى دولٍ تتقاطع معها سياسياً وايديولوجياً ودينياً وحتى ثقافياً , وهو أمرٌ يدعو الى التقدير الفائق , ومدى ترسّخ وحضور التوجهات الأجتماعية والأخلاقية في سيكولوجيا وسوسيولوجيا تلك الدول وتجاوزها لكلّ الإعتبارات الأخرى حتى لو كانت خلف ذلك اهداف سياسية مبيّتة ومفترضة , بينما لم نلحظ مثل ذلك ولا اقلّ منه على الصعيد القومي العربي ولا حتى على صعيد الدول الأسلامية عموماً , فلم تبادر دول الخليج الثرية الى تقديم المساعدات المالية والطبية والوقائية الى اقطارٍ عربيةٍ اخرى تعاني من ذات المعضلة الكورنية العامة وتتفوق عليها من ناحية اعداد الضحايا ازاء هذا المرض , بل أنّ هذه الدول الخليجية لم تبادر قبل ذلك الى مساعدة دولة لبنان الشقيقة في ازمتها الأقتصادية الخانقة منذ شهورٍ طوال وانطلقت التظاهرات الكبيرة في معظم المدن اللبنانية جرّاء هذه المعاناة والتي زادتها كورونها بمعاناةٍ مضاعفة , فلو قامت كل دولةٍ من دول الخليج بالتبرع بنصف مليار دولارٍ او اكثر ” كمثالٍ او انموذجٍ ” الى القطر اللبناني منذ بداية الأزمة واستمرايتها , فلعلّ ذلك يحلّ جزءاً ن مأساة هذا الشعب العربي العريق , لكننا ومنذ سنين لاحظنا وعرفنا كم من بعض هذه الدول الخليجية تقدّم وبأسرافٍ مفرط المساعدات المالية واللوجستية والتسليحية الى فصائلٍ مسلحة ومجاميعٍ ارهابية ” جبهة النصرة ” والى قوى الظلام الصفراء في سوريا وليبيا والعراق ومصر وسوها وسيّما إمارة قطر الصغيرة الحجم والوزن .
الأمة العربية بعربها واعرابها العاربة والمستعربة فقدت بريقها المعنوي ليس منذ عقد السادات معاهدة كامب ديفيد مع اسرائيل عام 1978 فقط , لكنه ومنذ حرب 1991 وحرب 2003 على العراق اللتين شاركوا فيها العرب بدورٍ فاعل ومؤثر , فلم يبق من العروبةِ على صعيد عنوانها السياسي شيءٌ يذكر , إلاّ مؤتمرات القمة العربية التي وكأنها كمامات بالية ومتهرئة لِ Covid – 19 والذي يعني لغوياً < الأطماع بالقتل والموت > مع تصرّف ضئيل في الترجمة .
وقد قادوا القادة العرب هذه الأمة الى مرحلة الإقتتال العربي وبأموالٍ عربية وهذا هو الوضع الراهن والسائد والى غاية الأطلالة الكورونية .. والى ذلك فأنّ الجماهير العربية التي تبدو وكأنها مكبّلة من حواسها الخمس , ولم يبق لديها من رهانٍ ما سوى ولادة او انبثاق زعيمٍ عربيٍ جديد يعيد لهذه الأمة كبرياءها .!