الأمة فيها الطيب والخبيث , وأمّارات السوء الفاعلة فيها في الزمن المعاصر , ربما تتفوق على إرادات الخير والألفة والمحبة.
فالسيئون يتصدرون الواجهات , والطيبون في السجون والمعتقلات , وأكثر أبنائها يُشردون ويُهجَّرون في بقاع الدنيا , التي تستفيد من طاقاتهم وثرواتهم العلمية والفكرية والثقافية والروحية.
ومجتمعات الأمة تطبّل للمساوئ , وتقدّس تجار الضلال والبهتان , المتوهمون بأنهم رمزٌ للدين وعنوان , وهم من أشرس أعداء الدين , بسلوكهم الناسف لأقوالهم , والفاضح لما يصدحون به على المنابر.
فواقع الأمة فيه كينونات متصومعة , متمترسة , متخندقة , متطامية في حفر الويلات والتداعيات , وكأنها العقارب التي تخرج من جحورها لتلسع , أو كالأفاعي التي تلدغ , وتسرط وتميت أهدافها.
فتجد الكينونات المتدرعة بمعتقداتها قد تنافرت , وتناطحت وتحاربت وسفكت دماءها , وبددت طاقات الأمة بالشحناء والبغضاء , والعدوان على ذاتها وموضوعها وجوهرها الإنساني.
والطاقات الإيجابية العربية ليست ذات نزعة تفاعلية مثمرة , وإنما الطاقات السلبية تتراكم وتتعاظم , وتتعزز من قبل الطامعين بالأمة والمعادين لوجودها الحضاري.
ويأنس السيئون بما يساعدهم على العدوان على إخوانهم وأبناء أمتهم , فيأخذون السلاح من اعدائهم بالمجان , لقتل الإنسان الذي عليهم أن يتفاعلوا معه لبناء الحياة الأفضل للجميع.
وهذا ما يجري في واقع الأمة ومنذ عصور , وسبب الإنحراف السلوكي المتكرر في واقع الأجيال المتعاقية , فأن الخيبات والويلات تتوالى , والتخاطب بمفردات اليأس والإحباط والضغينة هو السائد , في واقع ينقض أبناؤه بنيانه , وكأنهم يهيلون التراب على رؤوسهم.
ولابد من التنبه واليقظة قبل فوات الأوان , والعودة إلى قلب الأمة وجوهرها , ومنابع صيرورتها , وإستحضار أمهات الرؤى الحضارية , الكفيلة برأب صدع وجودها المتعثر بالعسير.
والأمل بشبابها الواعد المتعلم الواعي المتنوِّر بمعطيات العصر , الفياض بالإبداعات الإنسانية المتألقة في ربوع المعمورة.
والثقة كبيرة والأمل يتدفق في الصدور والعقول والأرواح , ولسوف تكون أمة ذات جذور في عين اليقين!!