23 ديسمبر، 2024 3:59 م

التفاعلية التلفزيونية …. عملا نقدياً – قراءة في كتاب

التفاعلية التلفزيونية …. عملا نقدياً – قراءة في كتاب

تتنوع الرسائل والأطاريح الجامعية تبعا لتنوع موضوعاتها ، فمنها ما لا يقدم جديدا ، ولا يضيف شيئا ، ومنها ما تراه وليد ساعته ، ورهن حاضره ، بل قد يتجاوز البعض من تلك الاعمال حاجة حاضره الى استشراف المستقبل ، وهذا ما يمكن ان نطلق عليه : العمل الاكاديمي المثمر الذي يستحق القراءة .
  ويأتي كتاب الاستاذ عمار ياسر المعنون : البرامج التفاعلية التليفزيونية ، تمظهرات الشكل وبناؤه الدرامي والدلالي ضمن تلك الاعمال الاكاديمية الرصينة ، فقد كان الكتاب في اصله رسالة ماجستير ، تقدم بها الكاتب الى كلية الفنون الجميلة ، جامعة بغداد وقد تكفلت دار الرضوان لطباعته ، طباعة انيقة .
   يناقش الاستاذ عمار الياسري في كتابه هذا قضية معاصرة في غاية الاهمية ، فقد باتت التكنولوجيا العالمية بتمثلاتها كافة من : الانترنيت والمحطات الفضائية ، والهواتف الذكية ، تمثل واقعا لا يمكن التغاضي عنه ، ونظرا لهذه الاهمية يحاول الكاتب استقراء اليات التفاعلية التليفزيونية بوصفها تمثل مسارا للتواصل والتفاعل بين المتلقي والبرامج المقدمة ، فالكتاب في صميمه معني بالتأثيرات التي اضافتها التقنيات التفاعلية داخل بنية البرامج التلفزيونية ، لتصب النتائج التي اقترحها الكاتب كلها في الاجابة عن السؤال المحوري : ما هو نوع البرامج التي تماهت مع التفاعلية ، وما هو شكلها الجمالي ودلالاتها العامة ؟
والمتصفح للكتاب ربما يجزم بنتيجة تحسب للكاتب وتتمثل في تركيزه على ما أسماه : برامج تلفزيون الواقع ، ويريد الكاتب بهذا المصطلح : تلك البرامج التي يمتزج فيها : الفعل الدرامي  مع الاحالات الاجتماعية والدلالات الشمولية المتنوعة الاخرى ، والتي غالبا ما تجري مساراتها بصورة عفوية ، ودون اي تقاليد مسبقة .
ومن اجل ما تقدم عالج الاستاذ عمار الياسري التفاعلية التليفزيونية بين نشأتها تاريخيا وتصنيفاتها المعاصرة كأجراء تمهيدي للتعريف بمحور القضية التي عالجها ، موضحا قضايا التعليم التفاعلي والادب التفاعلي والاذاعة التفاعلية والتلفزيون التفاعلي ، لتكون هذه المعالجات مدخلا للغوض في تمظهر الشكل التليفزيوني التفاعلي من : افلام تلفزيونية ، ونظرية الكاميرا ، والواقعية بتياراتها المتنوعة ، ثم يخوض الكاتب ببراعته المعهودة :  قضايا الشكل في البرامج التفاعلية من الناحية البنيوية ، وقد احسن الكاتب في معالجته قضايا مهمة وحيوية مثل : التصوير ، والاضاءة واللون والمكياج والديكور ، ثم ينقلنا الكاتب وبحرفية رصينة الى الخوض في بنية التراكيب الدرامية متمثلة : بالفكرة والشخصية والحبكة والحوار والجو العام . ليخلص بعد ذلك الى معالجة التراكيب الدلالية العامة في بنية البرامج التفاعلية ، ثم يعزز الكاتب تنظيراته بفصل تطبيقي توج به رسالته .
ويمكن القول ــ دون ادنى شك ــ ان الاستاذ الياسري في كتابه هذا قد كشف النقاب عن اهم المفصليات التي تتحكم بآليات التفاعلية التليفزيونية ، وازاح الغموض الذي يلازم تناول هكذا مواضيع ، حتى يمكن القول : اننا ازاء عمل جدير بالقراءة والتأمل .