الانطلاق من الشعار إلى الواقع، يمثل مرحلة انحدار المتوقع إلى ما دون هامش الخسارة، الموضوع سلفًا، لأن معادلة الأرض ستكون سالبة بإنتفاء التهيؤ.
تحتل المطالبة بالتغيير أغلب مناحي حياتنا، والتي من المفترض إن تكون دافعة باتجاه التجديد الإيجابي، لا للصيرورة المجردة للتسمية، ولمعانها الأخاذ في التضمين الخطابي أو الوعود، ومن هنا فأن التغيير قد خرج من معناه المتعارف إلى التزويق الواقف عند حدود اللغة، فلا يتعداه، ولاهو الراجع عنه، مادام قد صُير كسلعة استهلاكية للتلاقف الجماهيري.
إن المطالبة بالتغيير بشكل عام تجري من خلال مستويين سياسي وشعبي مفتعل، فالأول يشير للأحزاب والثاني يشير إلى جهات بشكل عام (من ضمنها الأحزاب أيضًا) تطالب من خلال الجماهير، بشكل يدفع إلى القول بأنها مطالب شعبية، ولكن في الحقيقة أنها عملية متكاملة من التغذية المتنوعة، والتي تعتمد الضخ المستمر عبر الإعلام، وهذا الأخير يمثل أداة مزدوجة التمظهر، سوى من خلال المباشرة المتمثلة برسمية الطارح، وغير مباشرة من خلال منصات السوشل ميديا، التي تمتلك فاعلية التنويع المتناثر والذي يصب في النهاية بخانة معينة، وسائل عدة لغاية واحدة، والتي تمارس بحسب الطبيعة الفكرية والمناخ المقبول الذي يلائم كل فئة على حدة، ومن الأمثلة على ذلك، إن الموضوع الواحد لكي يكتسب فعالية الرواج في داخل المزاج العام، عليه إن يُصدر بقوالب مختلفة، للنمط المدني شكل، والجمهور الملتزم دينيًا شكل مغاير آخر، من ثم استخدام تقنية التكرار المتنوع بحسب الفئات محل الاستهداف وصولًا إلى الرسوخ في ذهنيتها، بشكلٍ يخرج الأمر كما لو أنه إرادة شعبية خالصة.
من هذا المنطلق فأن أي تغيير لكي يأخذ مجراه المفضي إلى وصول, عليه أن يراعي الأرضية الموجودة, ويتحرك تبعا لمتطلباتها وموجوداتها, وفرضياتها المتجذرة, تفاديًا لحالة الانغلاق, أن التأكيد المستمر على الواقع, من حيث كونه العنصر الثابت في أي معادلة, يأتي من الحرص على حفظ كينونة التغيير من الشعاراتية المفرغة, لأن استمرار الحال على ما هو عليه, معناه انتقال الفشل الثابت في الحاضر, إلى مقدمات المستقبل, باعتبار الصيرورة التاريخية, والتجارب غير المفضية لشيء, والتي ستلقي بظلالها عليهم حتمًا, سوى على فكر الفاعلين من جهة, وأمل الجماهير من جهة أخرى.
—