22 ديسمبر، 2024 7:41 م

التغير المنتظر.. متى وكيف؟

التغير المنتظر.. متى وكيف؟

سيكولوجية المجتمعات تختلف من بيئة لأخرى، حسب الظروف المكونة للنسيج المجتمعي هناك، كذلك الخطاب الديني السياسي، الجامع والقائد للعقل الجمعي للفئات الناشئة، فهو مؤثر أساسي في تكوين مسيرة الأمة، نحو أن تكون متطرفة أم معتدلة.

دائماً ما تتولد رغبة في التغيير لدى الأجيال المتعاقبة على الحكم، فكل منها يأخذ حيزاً يقارب الثلاثين عاما، وبعدها يبدأ الصاعدون بالتطلع إلى إيجاد بدائل في الأنظمة الحاكمة، لخلق قواعد تتناسب مع ما يطمحون إليه، لذلك يكون أمام الشباب ثلاث خيارات لا رابع لها، أحلاهما مُرّ..

أولهما أن يسير جزء منهم خلف الأحزاب التقليدية الماسكة لدفة الحكم، لأنها تتماشى مع أيدلوجيتهم السياسية والعقلية، يجدون أن ما يفعلونهُ من تأييد ومناصرة لسلوكيات قادتهم في السلطة، برأيهم صواب وما عداه خطأ.. وهؤلاء غالبيتهم يكونون من الطبقة الفقيرة، التي تعيش في ظروف معيشية صعبة..

أما الجزء الآخر فيكون ثورياً يريد تغيير واقعهُ مهما كلفه الأمر، ودائماً ما يفكرون بالطرق غير السلمية، لأنهم ينظرون إلى أن المسيطرين على الحكم هم عدوهم الأكبر، الذي لن يخضع لمطالبهم إلا بالقوة، لأن عقلهم الباطن فيه تفكير واحد “أن الحكومات تأخذ ماتريد بالقوة، ولا تتنازل إلا بالقوة” لذلك يلجؤن إلى التظاهرات دائما، وغالباً ينشأون من الطبقة الفقيرة أيضاً التي لاتملك عملاً لها، محبطون منكسرون وهناك دوما من يدفعهم إلى نار المواجهة، حتى لو كلفهم ذلك حياتهم..

الإنسان الثوري لايمكن له أن يكون قائداً في المجال السياسي، لذلك نرى وبعد إنتهاء الثورات تنتج أنتهازيين هدفهم الوصول للسلطة، للأنتعاش من منافعها بعمل تيارات وأحزاب ناشئة، كل هذا على حساب دماء الفقراء، ولا يستمرون لمدة أكثر من التي تكفي حصولهم على الأموال والمناصب، ومن ثم تختفي شعاراتهم الرنانة، ويبقى الفقراء والمندفعون كما هم، لا يزدادون درهماً ولا ينقصون!

أما الجزء الأخير فيمثل الطبقة الأكبر، التي ليس لديها ردة فعل تجاه الأحزاب التقليدية، ولا هم مع الشباب الثوريين، وإنما يبحثون عن كل ماهو هادئ، سواء كان نظاماً دكتاتورياً أم ديمقراطياً، وغالباً ما يكون خيارهم الهرب خارج البلاد في حال تأزم الصراع بين المتناحرين، فتجدهم يهربون من الخوف، ويرتمون في حضن الذل، خارج أسوار الوطن.

إذاً بعد ما ذُكرَ أعلاه سينتج لنا ثلاث توصيفات للأجيال، الأول أما يحمل راية الفكر المدافع عن قائده، أو يرفع العصي والسلاح في وجه من يحتج على أنظمة الحكم، الثاني هم الجيل الذي يُضرَبْ بالعصي والنار، من قبل أخوتهم في الدين والوطن، الطرفان يفكرون أن ما يفعلونه من أجل الوطن، وكلاً منهم يرى فعلهُ هو الصائب.

أما المهاجرون من البلاد، السائرون نحو المجهول، الهاربون من شعارات” أمة عربية حرة.. ” و ” حكم الشعب.. ” فلن يجدوا سوى ما حصل للمرأة السورية العجوز في تركيا، عندما ركلها شاب تركي على عينها، ولم يتدخل أحد لإنصافها..

كذلك من يثورون لأجل لقمة العيش أو فرصة عمل، فلن يجدوا سوى جندياً يضربهم أمام الناس ولا معين، فالظلم هو نفسه..

هذا يضعنا أمام حقيقة ثابتة، أن الثائر في النظام المستبد، والمهاجر من الحرب، لن يجدوا سوى محاولات للإذلال والمهانة، ومن يريد التغيير الحقيقي في الأنظمة الديمقراطية ولو شكلياً، عليه أن يختار مرشحهُ بوعي، ويدفع الشباب إلى المشاركة الفاعلة في الإنتخابات، وإلا لن نحقق سوى شعارات خيالية لاتغني ولا تسمن من جوع.