22 ديسمبر، 2024 8:47 م

التعليم العالي في العراق يحتاج معجزة لأنقاذه من التردي

التعليم العالي في العراق يحتاج معجزة لأنقاذه من التردي

خلال ساعات فقط بين التنويه على نية كتابة هذا المقال والمباشرة بالكتابة وردتني العشرات من المكالمات والمئات من الرسائل لأعزاء من الكفاءات العلمية الوطنية والموظفين العاملين في التعليم العالي وهم يتحدثون عن ظلم كبير وحيف وقع عليهم يبدو انه منظم يهدف الى تدمير التعليم العالي في العراق كقطاع مهم تعتمد عليه الشعوب لبناء بلدانها .

من الجدير ذكره ان الاحتلال الأمريكي كان قد خرب كل القطاعات التي كانت عاملة في دولة تحكمها المؤسسات رغم ان نظامها كان دكتاتوري يعتمد الحزب الواحد . ومن تلك القطاعات التي خربها وأساء اليها الأحتلال البغيض هو قطاع التعليم العالي خاصة عندما احتل عدد من الجامعات ليتخذ منها قواعد عسكرية له داخل المدن ولتبدأ مرحلة سوداء جديدة في تأريخ العراق بحجة التحرير .

منذ العام 2005 بدأ الحراك الوطني الرافض للأحتلال الأمريكي . وتحت ضغط الأحتجاجات الشعبية والأكاديمي أنسحب الأحتلال من بنايات الجامعات والمؤسسات التعليمية ولتبدأ مرحلة جديدة من البناء في مؤسسات التعليم العالي ليتولى الدكتور طاهر البكاء اول وزارة في زمن الأحتلال لكنها كانت وزارة رغم قصر عمرها الا انها كانت ناجحة حيث أسست لقواعد سلوك يعتمدها العالم في المجال الجامعي والأكاديمي وكرست سياسة ثابته تعتمد العلاقات الجامعية وقانون التعليم العالي كمعايير مهمة للعمل ومنثم جائت وزارة العالم الجليل والمربي الفاضل الدكتور سامي المظفر لتسهم وبشكل فاعل في بناء التعليم العالي ولتعزز رصانته رغم الهجمة القاصرة لدى المليشيات المنفلتة آنذاك لكن المظفر كان حاسما في منع كل اشكال التدخل السياسي والمليشياوي في عمل الجامعات والمؤسسات الأكاديمية وكان ناجحا بكل المقاييس ثم جاء الدكتور عبد ذياب العجيلي ليستفيد من حالات التأسيس الجديدة للتعليم العالي وليواصل بجد تطويرها وتثبيتها وكانت الوزارة ومؤسساتها في تلك المراحل وزارة مستقلة ومؤسساتها اكثر استقلالية بعيدة عن التدخل الحزبي والنزعة الطائفية القذرة حتى جاء علي الأديب ليقلب كل المقاييس ولتبدأ مرحلة الأنهيار للتعليم العالي تلك المرحلة التي جاء بها الأديب الوزير الخطأ في الزمن الخطأ أشاع فيها روح الأنتقام من كل نفس وطني وأسس لمرحلة جديدة كرست الأحقاد والعنتريات داخل الأروقة الجامعية والأكاديمية ! ليف لايحصل هذا وهو الرجل المشكوك في شهادته العلمية صاحب الماجستير ليكون مسؤولاً عن خبرات وكفاءات يحملون ألقاب ومراتب علمية تفوق مايحمل أضعاف أضعاف .

لاشك ان الحكومة التي جائت بالأديب وزيرا للتعليم العالي هي حكومة مخربة وعميلة لاهم لها سوى الأنتقام من العراقيين ونهب ثرواتهم بشكل منظم وبدعم ورعاية من جارة السوء ايران وبعض الدول الأقليمية الأخرى .

انتهت وزارة الاديب ومن بعده الشهرستاني الذي اكمل التخريب ليأتي عبد الرزاق العيسى وكنا نأمل به خير لكنه كان قد كرس ذات السياسة الأنتقامية التي اسس لها الأديب وحزبه . وعندما تولى بعده قصي السهيل تفائل الكثير من الناس وأنا منهم لأنه أبن التعليم العالي وكنا نعتقد انه سيعمل على انتشال هذا القطاع من واقعه المؤلم لكنه ومع كل اسف اثبت انه ابن الكتلة الحزبية التي جائت به وزيرا ليستمر في تنفيذ رغباتها في الأستهانة والتنكيل بالآلاف من العاملين في التعليم العالي .

وبالرغم من ان وزارة قصي السهيل كانت قصيرة واجبرها الحراك الشعبي على الأستقالة لكنها كانت وزارة تستهين بالكفاءات العلمية والوظيفية الوطنية وتبطش بهم انتقاما لحبهم لوطنهم وعملهم . وبمراجعة بسيطة لسياسات حزب الدعوة في التعليم العالي مذ الأستيلاء عليها بوساطة أحد قياداته علي الأديب نستطيع أن نؤشر الحالات التالية والتي جعلت التعليم العالي في حالة من الأنهيار يحتاج الى معجزة لأصلاحه .

أولا.. كرست سياسات الأديب ومن تبعه سياسة الأنتقام من الكفاءات العلمية والوظيفية بحيث كانت ومن خلال اتباعها تفبرك الآلاف من الملفات ضدهم لتشكل لجان تحقيقية صورية تقصر كل الوطنيين ولا تسمح بالطعون بل تردها والهدف الحقيقي من تلك الملفات هو ابعاد كل المستقلين الوطنيين عن تولي اي مسؤولية حتى وصل التكليف والأعفاء في زمن السهيل الى مهزلة أثارت الشكوك على انها فاسدة بحيث يتم تكليف زيد من الناس وبعد اقل من شهرين ودون سبب يتم اعفائه ليأتوا بشخص آخر وفق معايير الأنتقاص والأهانة التي كرستها سياسات حزب الدعوة ومرشحيها لتولي الوزارة .

ثانياً .. كرست سياسة الأديب ومن تلاه طابع البلطجة وأعادت سياسات الأمن والأستخبارات داخل الجامعات من خلال مايسمى بالتصاريح وغيرها من شعب يديرها أشخاص أميون بالفطرة لايصلحون سوى عملاء ينفذون أجندات التخريب حتى وصلنا الى مرحلة نزعت فيها الروح الوطنية من الوظيفة الحكومية داخل قطاعات التعليم العالي وبات الموظف والتدريسي يخاف ان يوقع على أي شيء لكي لا يساق الى لجان تحقيقية لأتفه الأسباب بل ان الموظف اليوم والتدريسي يتوسط لكي يبتعد عن العمل في أي لجنة يكلف العمل فيها .

ثالثا.. بكل أسف كرست مرحلة الأديب ومن تلاه ظاهرة قيام البعض من الكفاءات العلمية بمراجعة مقرات الأحزاب وتقديم فروض الطاعة لها أملا في ترشيحهم لمناصب العميد أو رئيس جامعة أو رئيس قسم وتلك كاؤثة حلت بالتعليم العالي نحتاج الى معجزة لنتخلص منها ..

رابعاً .. أسست مرحلة الأديب ومن جاء بعده الى مفاهيم خاطئة أبعدت أصحاب الخبرة والكفاءة في أعمال بعينها بحجة ان الأماكن التي يعمل بها هؤلاء تحتاج الى تدريسي وهو بعيد عن هذه الأعمال ..

اليوم تولى الدكتور نبيل كاظم عبد الصاحب وزارة التعليم العالي وهو واحد من الكفاءات التي وقع عليها الحيف والظلم من قبل السهيل ومن قبله العيسى لذلك نجد انه سيكون نصيرا لكل مظلوم ومستهدف بعقوبات ظالمة طالت الآلاف من الأكاديميين والموظفين . كلنا أمل في ان يعود التعليم العالي الى رصانته المعهودة .

هل سيحقق الدكتور نبيل ذاته ويكون كما عهدناه لينقذ التعليم العالي ؟