22 ديسمبر، 2024 5:48 م

التعسف بالرأي إرث ثقافي غربي .. ضحيته المهاجر والمرتد !

التعسف بالرأي إرث ثقافي غربي .. ضحيته المهاجر والمرتد !

في المقدمة التي تقول ; كل شيء يتغير في الغرب بلحظة , يمكن ان يتغيّر في الشرق بلحظة أيضا , ولكن في مسألة التعبير عن الرأي فذلك أمر لا يتغير به الغرب في تعسفهم به , لأنهم يرون ذلك فنآ ممتعآ عند المواجهة مع آراء أي شخصية في الحياة عندما تتغير بوتيرتها لتصبح رهن خدمتهم في كل شيء ,
وقد ادخلوا هذا الفن الذي ابتلت به العرب بشكل خاص في السياسة لينتجوا منه المكاسب التي تلحق الضرر بدور المهاجرين المسلمين في ضوء التراجع والتفكك في الروابط والعلاقات التي يحدثونها بينهم لتعيق حياتهم واجبارهم على العودة الى بلدانهم ,
مؤمنين في ذلك ان السلالة البشرية تتغير بآرائها عند مطاردتها , وفي هذا الصدد تقول فرجينيا وولف على لسان احدى شخصياتها القصصية ; ” فقد تغيّرت جميع العلاقات الإنسانية – تلك التي بين السادة والعبيد , والأزواج والزوجات , والآباء والأطفال , وعندما تتغير العلاقات الإنسانية فلابد ان يحدث تغيير في الدين , والسلوك , والسياسة , والأدب ” .
إذن عقلية الغرب عبر الأجيال تمتلك هذا الإرث الثقافي في المهارة والخبرة على مطاردة الفرد وبالأخص المهاجر اليائس والمتضايق الذي يعاني وفي عينيه شيء من الخوف من امر مرتقب , ليفرغوه من مضامينه التي يؤمن بها بما فيها العقائد الدينية , وبالنهاية يتسلطون عليه فكريآ لينقاد طيّعآ لخدمة سعادتهم وراحتهم ومصالحهم .
ومما يبدو واضحآ ان المرء في عالم الشرق وبالأخص المسلم لاتتغير مفاهيمه بالسهولة التي يظنها احد , ولكن تتغير تلك المفاهيم في حالة الحرب أو القمع الذي يتعرض له في بلده عندما لا يجد مفرآ أو ملجأً سوى الهجرة الى الغرب من دون رغبة منه , وهذا ماحدث اثناء سيطرة الأسبان على الأندلس فهاجر من هاجر من المسلمين واليهود , وتحوّل من تحوّل الى ديانة المسيحية مضطرآ لبقائه في الأندلس ,
والمهاجر عندما يقع في براثن الغرب كما تقع دودة القز, كمثال موازي بالتشبيه , بين احضان شجرة الكابرس ذات الرائحة النتنة , فهو يتنافر مع الغرب ولايترابط معه بأشياء كثيرة , كما تتنافر دودة القز مع تلك الشجرة النتنة , بينما تنجذب وتترابط مع شجرة التوت بشكل طبيعي , وبالهجرة تبدأ اجهزة الحكومات الغربية حكاياتها التلفيقية معه ,
فتطارد شخصيته بإجراءات واساليب متنوعة ومفتعلة تهدد وجوده اولآ , ومن ثم يتم إخضاعه وفق مفهوم فرجينيا وولف الى تغيير مفاهيمه بما ينسجم مع اهدافهم , فالمهاجر الى السويد , على سبيل المثال , يخضعونه الى تجارب الإتهام وإلزامه على الإعتراف باقتراف اساءات ضد ابنه او ابنته مما يتيح لهم بحسب قوانينهم السارية التي تشرعن هذا الغرض في البلاد , بإرساله الى عائلة اخرى ليتبنوه وان كانت في مدينة بعيدة ومن ديانة اخرى ,
وهم بهذا الرأي او الفكرة المتعسفة التي يفرضونها عليه , يضعون امامه امرين ; إما ان يطلب العودة الطوعية الى بلاده , وإما يرضخ الى الاعيبهم المهينة سواء الحالية منها أو الفوضوية اللاحقة , وخاصة عندما يجدون المهاجر اليائس والمحبط على شاكلة مدنس القرآن المدعو سلوان موميكا ,
وقد حشّد لنفسه كل مستلزمات الجذب التي اظهر بها انه مسيحي سرياني , وكان منتسبآ الى فصائل مسلحة تم اعدادها لمحاربة المتطرفين الدواعش , وكان مسؤولآ عن رهط تحت اسم ” مجموعة عيسى بن مريم ” , معتقدآ في ذلك انها ستجعل منه متميزآ بين اقرانه ,
بينما هم يرونها وثيقة الصلة بمشاكله الخاصة التي يبحث بها عن راع او معين يساعده على التقدم بالحياة بينهم بغض النظر عن خلفيته الثقافية وإن كانت المسيحية التي يعكسها المهاجر احيانآ , إلا ان طراز حاملها المميز بالمفاهيم الإجتماعية الإسلامية التي نشأ عليها وشكلت شخصيته تعتبر شاذة لديهم وينبغي ان تتغيّر بالإنتماء العلني والخطي,
ان المستلزمات التي وضعها هذا السرياني المرتد في حساباته قبل الهجرة , لتقربه من الغرب للحصول على إقامة لجوء او عمل , يراها طرقآ لمعالجة صراعه مع الحياة , بينما الغرب المتمثل بالسويد رآها غير ذلك , فهم كعادتهم ابتدعوا له مسرحية تدنيس القرآن ضمن إطار قوانينهم التي تسمح بحرية الرأي ,
ليجذبوه الى ضرب عصفورين بحجر واحد ; العصفور الأول لإثارة الجالية المسلمة في السويد لكي تحتج او تلجأ الى العنف وبذلك تقع في حبائلهم فيتم ترحيلهم الى بلدانهم بالجرم المشهود , وإذا لم تحتج فيكفي انهم اذلّوها بين اوساطهم الاجتماعية للهيمنة عليها ,
اما العصفور الثاني فقد اثبتوا ان التصورات المسبقة عن المرتد التي اراد بها تحقيق اهدافه بالتقرب بعلاقات معهم , لم تضللهم عن مبدأهم الثابت وهو ان التقرب بالعلاقات لايتم إلا بتغيير الآراء والمفاهيم التي ذكرناها آنفآ .
لذلك كان المرتد ذو قيم واخلاق عندما انضم الى تلك القوى المسلحة لمحاربة الدواعش , اما عندما دنّس القرآن فقد اظهر الحاده وسوء خلقه وهو محاط بقوى الأمن , الى المدى الذي طلبوه منه ليصل الى مبتغاه .
هكذا ايضآ تمت مطاردة شخصية الرئيس بوتن بشكل تعسفي بعد ان انتهكوا التفاهمات السابقة التي ابرموها مع اسلافه من القادة الروس ببقاء النيتو بعيدآ عن روسيا , وضربوا بآرائه التي تدعوهم الى عدم تمدد الحلف نحو الشرق , او اعطائه المواثيق لأمنه القومي لإجباره على التخلي عن ذلك الرأي في تمسكه بوحدة الوجود الروسي والحذر من انضمام اوكرانيا الى حلف النيتو ,
وكانت المطاردة ان امريكا بمعاونة الغرب بدأت بالتنقيب عن اتهامات تكيلها له كالدكتاتور والمتبجح والمغرور , إلا انها كانت مجرد اوصاف كلامية , تتناقض الى حد شديد مع شخصيتة التي ترعرعت على تعاليم كبار الساسة والادباء الروس والمدرسة الفكرية الروسية , لذلك تحطمت امامها تلك الاتهامات ,
ولكن عندما تغيرت سياسة الغرب مع بوتن من التعسف السلمي الى الحرب واشعلوا نارها في الدونتسك ولوغانسك , بعقلية آمنت بتغيير التأريخ مثلما آمنت بالتعسف بالرأي تتغير مفاهيم الفرد , كأن الحرب ستؤثر في سياسة بوتن ,
وخاصة عندما يُجر اليها ,عندئذ ستمنحه مظهر الدكتاتورية التي وصموها به بشكل واقعي أمام شعبه , أو تدفع به الى الحرب بإرادته لينشغل بها حتى يفقد مجده بها , أو لغاية بروز شخصيات روسية معارضة او مارقة كالتي تمثلت ببرغوزين (فاغنر) , وتم لهم ذلك فعلآ , وطفت نتائج التعسف بالرأي ومطاردة الشخصية بهذه الحرب نحو السطح .
في ضوء ماذكرناه , نستخلص ان الغرب تمسك بالتعسف بالرأي على حساب حرية الرأي وخلقوا الأساليب التي تجبر المهاجرين من المسلمين بشكل خاص والمسيحيين بشكل عام , الى ترك رأيهم وعواطفهم لأنفسهم من اجل البقاء على قيد الحياة بينهم بأرضية ثقافية مشتركة , إما المسيحية بكل اصنافها وإما الإلحاد , على الرغم من تعارضها مع الطبيعة والقوانين الإنسانية , لأنها في نظرهم عديمة الفائدة لهم سواء كانوا مسيحيين او ملحدين ,
ولكي يعيش المهاجر بينهم ويسافر بالحياة معهم بعربة واحدة , ينبغي ان يتبع ثقافتهم وتقاليدهم كبديل عن ثقافته وتقاليده ليأمنوا جانبه , اما ان يصر او يحتج فهناك خيارات اخرى تجعله يعود الى الخلف نحو وطنه أو يهاجر الى بلد مسلم بأرضية اخلاقية يراها مشتركة .