لقد أتعبت وأربكت الساحة الشيعية منذ عشرات السنين المواقف والأكاذيب والإشاعات التي تطلق بين فترة وأخرى ضد المرجعية الشيرازية ، واختلفت المصالح والمقاصد وراء هذه المواقف العدائية تارةً تكون للسيطرة على الساحة الشيعي وتارة تكون للسيطرة على الشارع الشيعي ويحدد هذه المصالح نوع الجهة التي تتبنى هذه المواقف إن كانت دولة أو حكومة أو حزب ، ويعتقد متبني هذه الحملات التي تريد تسقيط المرجعية الشيرازية أنه بهذه المواقف سوف يضعف هذه المرجعية أو يحددها من خلال إبعاد العامة من الناس عنها نتيجة الدعايات والإشاعات الكاذبة والخطيرة التي يطرحها من خلال وسائل الإعلام المختلفة ، وقد اجتهدت هذه الجهات في خلق الأكاذيب والإشاعات فتارة تطرح فكرة الخيانة من خلال ارتباط هذه المرجعية الكبيرة ببريطانيا وأمريكا وتارة بالسعودية وفي بعض الأحيان تقوم هذه الجهات بإخراج هذه المرجعية الأصيلة من المذهب وتغليفها بغلاف الفرقة الشيرازية ، وغيرها من الإشاعات الكاذبة التي تظهر حقد وجهل وحماقة هذه الجهات التي تفتقر الى ابسط المعلومات التاريخية التي تؤكد على المواقف البطولية التي قامت بها المرجعية الشيرازية خلال القرنين الماضيين ، ولم تحدد هذه المرجعية الحدود المصطنعة بل كان كل همها التشيع بشكل عام ،
فهذا السيد محمد حسن الشيرازي يقود ثورة التنباك (1891-1892) في إيران من سامراء العراق بعد أن أصدر فتواه الشهيرة التي أفشلت كل مخططات الاستعمار البريطاني للسيطرة على الاقتصاد الإيراني حتى جعل الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس تتقهقر أمام قيادة المرجعية الشيرازية المتمثلة بمرجعية المجدد الشيرازي ، ومن ثمار هذه الفتوى والثورة المباركة نتجت الثورة الدستورية (حركة المشروطة) عام 1905 التي نتج عنها قيام الملكية الدستورية في إيران ، وإن أنهى البهلوي الأول هذه الملكية عام 1925 ولكن بقت بعض ثمار هذه الثورة وهي منع إعدام المجتهد في إيران وهذا القانون الذي أنقذ حياة السيد الخميني عندما أعتقل عام 1963 ومن ثم نفي الى تركيا ومن بعدها قدم الى العراق ففرنسا وبعدها عاد ليؤسس الجمهورية الإسلامية في إيران ، وقد أوقف السيد المجدد الشيرازي المجازر التي كان يتعرض لها شيعة أفغانستان ( الهزارة) على يد الملك عبد الرحمن وجنوده من خلال الرسالة التاريخية التي بعث بها الميرزا محمد حسن الشيرازي الى ناصر شاه سنة 1893 ليضغط على بريطانيا من أجل إيقاف تلك المذابح التي يندى لها جبين الإنسانية والتي ذهب ضحيتها الألأف من الشيعة الهزارة وبالفعل تم ذلك ، وقد أكمل مسيرة النضال ومقاومة الاستعمار البريطاني تلميذه الشيخ محمد تقي الشيرازي قائد ثورة العشرين في العراق ، هذه الثورة التي هزت العرش البريطاني وجعلته يرضخ لمطالب الثوار في تنصيب ملك عربي على الدولة العراقية على الرغم من استشهاد قائدها الشيخ الشيرازي مسموماً بعد ستة اشهر لقيادته للثورة ، وتعتبر هذه الثورة التي قتلت الألأف من الضابط والجنود البريطانيين والهنود القاعدة الأساسية التي اعتمدت عليها الدولة العراقية المعاصرة ، فجميع التنظيمات السياسية العراقية الإسلامية وغير الإسلامية تعتبر ثورة العشرين التي قادتها المرجعية الشيرازية المتمثلة بالشيخ الشيرازي الانطلاقة الحقيقية للخط الثوري المقاوم للاستعمار والاستبداد والظلم في العراق المعاصر ، هذه نبذة مختصرة عن المواقف الوطنية للمرجعية الشيرازية ضد الاستعمار بشكل عام والبريطاني بشكل خاص ، وأما موقعهم في جسد المرجعية الشيعية فهو في القلب ومن أراد أن يطعن بهم ويحدد حجمهم من خلال نعتهم بالفرقة الشيرازية فهذه طعنة في قلب المذهب الحق ، لأن أغلب المرجعيات في القرنيين التاسع عشر والعشرين من ثمار هذه المرجعية وقد تخرجوا على يد الميرزا المجدد الشيرازي ومنهم المحدث الشهير الشيخ الميرزا حسين النوري وصاحب كفاية الأصول الأخوند ملا محمد كاظم الخراساني وصاحب العروة الوثقى السيد محمد كاظم اليزدي والسيد محمد فشاركي والشيخ المحقق النائيني والشيخ محمد تقي الشيرازي وغيرهم كثير ،
وقد خرج هؤلاء المراجع أغلب مراجع القرن العشرين كأبي الحسن الأصفهاني والسيد محسن الحكيم والسيد عبد الهادي الشيرازي والسيد مهدي الشيرازي والسيد الخوئي والسيد الكلبالكاني والسيد المرعشي النجفي وغيرهم العشرات من مراجع التقليد في النجف وكربلاء وقم ، وقد شهد المراجع والعلماء بفضل هذه المرجعية التي خدمت المذهب وأتباعه بل الإنسانية قاطبةً على مدى ثلاثة قرون ، ومن العوامل المهمة التي دفعت أصحاب المواقف العدائية لهذه المرجعية هي نظرية شورى الفقهاء التي يتبناها المجدد الثاني السيد محمد الشيرازي ، هذه النظرية التي تحل كل مشاكل الدولة الإسلامية العالمية بكل مذاهبها وفرقها ولكن الحسد والأنانية الحزبية والشخصية دفعت هؤلاء من معارضتها وتضعيفها وتسقيطها من خلال محاربة مرجعية السيد محمد الشيرازي ، ولكن أثبتت السنين والتجربة على أن هذه النظرية الطريق الوحيد لحل مشكل الدولة والتنظيمات معاً وقد شهد بذلك كبار السياسيين منهم الشيخ علي أكبر رافسنجاني عندما قال الحل الوحيد بعد ولاية السيد الخامنئي هي شورى الفقهاء وكذلك السيد علي العلاق عندما قال الحل الوحيد لحل مشكلة قيادة حزب الدعوة هي شورى الفقهاء.
وقد واجهت المرجعية الشيرازية الخط التكفيري الوهابي بشكل فعال من خلال مختلف وسائل الإعلام والفضيات المتعددة ، وقد أظهرت فساد وظلم آل سعود من المحاضرات والخطب والكلمات والمواقف وما الشهيد الشيخ النمر إلا ثمرة من ثمار هذه المرجعية الصابرة البطلة ، وأن الدافع الحقيقي وراء هذه المواقف العدائية للسادة الشيرازية هو ضرب المرجعية الشيعية بشكل عام التي تمثل صمام أمان المذهب من أجل إرضاء السعودية وعلماءها والتقرب منهم تحت عنوان الوحدة الإسلامية ، لأن المرجعية الشيعية الأصيلة مواقفها واحدة في جميع الحوزات العملية في النجف وقم وكربلاء ومشهد وباقي الحوزات العملية ، ولكن لا يمكن لهم أن يضربوا جميع المرجعيات بوقت واحد لهذا ركزوا إشاعاتهم وأكاذيبهم على السادة الشيرازية من أجل تضعيفهم وإسقاطهم في أعين الناس وبالتالي سوف تحجم جميع المرجعيات لأن أراهم وأفكارهم واحدة ومتطابقة تخرج من نبع ومصدر واحد وهو علوم محمد وآل محمد صلوات الله عليهم أجمعين ، فالتعرض للسادة الشيرازية هو تعرض للمرجعية الشيعية كافة ، وقد يعتقد جهلاً البعض أن تضعيف هذه المرجعية هو تقوية لمرجعيات أخرى أو هو يصب في توحيد الصف الإسلامي ما هي إلا أفكار حمقى يراد منها تمزيق وحدة الصف الشيعي ومن ثم إضعاف المذهب والدين وإن خرجت من حسن نية ولكنها عن جهل والإمام علي بن الحسين عليه السلام يقول (وإياك ومصاحبة الأحمق فإنه يريد أن ينفعك فيضرك) .