22 ديسمبر، 2024 11:05 م

ما دام النفط يتدفق من أرضنا فلن تعرف السعادة , فالنفط أسود ويستحضر كل لون أسود , فهل وجدتم سعادة ذات لون أسود؟

اللون الأسود يمتص جميع الألوان , والنفط في بلادنا عدو الإنسان , لأنه يستحضر مفردات قتل سعادته وتدمير معالم حياته.

فالحضارات التي نتغنى بها في ديارنا تألقت بغياب النفط , وما أن برز المارد النفطي حتى تدهورت أحوالنا نحو الأسوأ , وكلما زادت عائداته , أصابتنا ويلاتها , فهي النقمة لا النعمة.

لو تفحصنا أحوال بلادنا في النصف الأول من القرن العشرين لوجدناها أفضل مما عليه في النصف الثاني منه , والعامل الأساسي الفاعل في النصفين هو النفظ الذي تزايد الطلب عليه وإرتفعت أسعاره , وصارت عائداته تمول مصانع الأسلحة في الدول الصناعية , فتأتينا منتجاتها لتقتلنا وتدمر وجودنا.

فعندما بلغت عائدات النفط ذروتها دخلنا أطول الحروب , وفي القرن الحادي والعشرين , ومع تعاظم العائدات النفطية , تفاقمت التفاعلات التدميرية والتخريبية في أرجاء البلاد , وفتكت بالعباد , حتى صارت تنادي حي على الرحيل والهجرة إلى بلاد الآخرين.

فالحديث عن السعادة الوطنية في زمن النفط أشبه بمطاردة السراب على أنه ماء.

فلا سعادة ما دام النفط سلطان.

ربما سنشم بعض نسائم السعادة الوطنية في النصف الثاني من القرن الحادي والعشرين عندما يأفل بريق النفط , وتجد الدنيا بدائل له.

فالمجتمعات الريعية الرتعية لن تعرف السعادة , لأنها تتحقق بالجد والإجتهاد , وقطف أثمار العمل الجاد المبدع الأصيل.

ومَن يرضع  نفطا من أثداء الأرض , لن يجيد صناعة الحياة الطيبة والرقاء.

فمجتمعات النفط تعيسة لأن قلة يصبحون أثرياء وكثرة يُمسون فقراء , ويتأسد الأثرياء على الناس الذين أفقروهم.

فالسعادة تولد عندما نتمكن من قتل النفط , والتحرر من لونه الأسود!!

د-صادق السامرائي