بلا شك كان استئصال الفاسدين و محاربة الفساد حلماً عراقيا كبيراً ، ولم يتحقق رغم الجهود التي بذلتها الاطراف السياسية المشاركة في تيسير عملية البناء السياسي للعراق بل وأخفقت في تحقيقها نتيجة تداخل الاوراق السياسية مع بعضها البعض ، وشكلت عائقا امام اي تقدم باتجاه حصر الفساد وإنهائه كليا في العراق ، بمعنى ان تلك المحاولات باءت بالفشل ، وبقيت الفساد والفاسدين يسرحون ويمرحون في البلاد لمدة ثلاثة عشر عاما من عمر تحرير العراق دون خوف من المحاسبة ، ونتيجة لهذا الاهمال المقصود احتشدت الالاف من المتظاهرين في ساحة التحرير مطالبين بالاصلاح السياسي وانهاء هذه الحقبة الزمنية السوداء من تاريخ العراق ، والعمل على تشكيل حكومة تكنوقراط بعيدة عن المحاصصة الحزبية والطائفية ، ووضع العملية السياسية في نصابها الصحيح لتكملة مشوارها دون اية ضغوطات التي تعرقل مسيرتها السياسية الى امام …..
ومن هنا يمكن القول ان الفساد وعمليته باستقطاب الفاسدين اصبحت من الامور البديهية في حياة العراقيين ، خصوصا بعد ان تحول الفساد المالي عند البعض من المسؤولين الى عادة يرغبونها في كل وقت دون الرجوع الى القيم الاخلاقية التي لابد للمسؤول ان يتحلى بها بعد ان منحته الشعب ثقته به ليكون ممثله وحارسه على ممتلكاته ، لست في موقع انزال التهم ، ولكن الذي اراه يندى لها الجبين الانساني ، حيث تحول المسؤولية في العراق الى بؤرة للفساد المالي ولن يعد المسؤول يسيطر على رغباته الا بالانجرار وراء رغباته الدنيئة ، واصبح ضعيفاً امام شهواته حتى بلغت به الامور انه يبحث عنه بل ويتفق على صفقات مشبوهة مع مشابهين له التي تدر عليها بالفوائد المالية ،و لنجده في النهاية خرج وفي جيبه من اصحاب الملايين التي لم يحلم بها ابداً ، ولهذا نجده يدفع الالاف الدولارات ليتسنم منصبا اداريا او يصبح مديرا لاحدى المعامل الانتاجية التي توفر له اضعاف ما دقعه من رشاوي لحين استلامه المنصب….
لذلك فحين خرجت الناس من صمتها تعددت الاراء حول هويتهم ومن يقف وراء اندفاعهم هذا ..؟؟ لكي نكون صادقين في طرحنا وما يجول في خواطرنا ، لابد لنا ان نكون بمستوى الحدث التي دفعت الامور في البلاد الى ما هو مجهول ومخيف الذي لايدفع من اثاره وتداعياته من ضرائب سوى المسحوقين من ابناء هذا الشعب ، بمعنى ان الذي يتسنم المناصب لا يتذكر سوى نفسه بل وافرادا من االمحسوبين عليه ليعتاشوا على كل ما هو منكر من سحت الحرام ، لست مبالغاً اذا قلت ان الذي يجري في البلاد بحاجة الى دكتاتور عادل يميز الصحيح عن الخطأ ويقارن اعماله بما يقدمه له الوطن من اسباب الراحة والعيش الآمن حتى يكون مخلصا في عمله ومؤهلاً ان يكون مسؤولاً بمستوى اخلاصه للوطن ، لذلك كنت اتمنى ان يحكمنا دكتاتور ليقتحم مضاجع الفاسدين دون هوادة ، وليطهر البلد من فسادهم ومكرهم التي تجاوزت كل شيء ، لسبب واحد هو اننا لم نعد نرى شيئاً نظيفا الا والفساد قد خيم عليه من كل صوب….
بمعنى لست متحمساً بتحديد هوية المتظاهرين ومن يقف وراءهم ، بل اجد نفسي ملًزما ان احييهم على جرئتهم وشجاعتهم في كسر طوق الخوف الذي تحول الى شبح يطادرنا في كل وقت ، ولكن ما يؤسف ان العديد من المتظاهرين قد كسروا قواعدها واساءوا الى القيمة الروحية لتظاهرهم هذا بالاعتداء على ممتلكات الشعب ، و خلق حالة فوضى عارمة التي لا تدل على التظاهر من اجل الحقوق بل تدل على حالة اللاوعي تجاه ما فعلوه واسموها في قواميسهم بالبطولة ، خصوصا حين تحولت ساحات التظاهر الى للدماء الطاهرة الزكية ، وتركت في قلوبنا اكثر من سؤال ، وبقيت مفتوحة لطرحها هو الى متى يظل الناس عبيدا لشخصيات صقلتها الايام ، ولم تدرك معنى للرفض والقبول ، وفي اي منعطف يواجهون بها تحديات هذا الزمن..؟؟ و لهذا اقولها بصراحة ان الذين دفعوا بأنصارهم الى فعل الخطأ هم الجهلة الذين يعيشون باستمرار على الفوضى والألاعيب الصبيانية ، ويجدون يها متعتهم ورغباتهم الشنيعة ، وان التظاهر من اجل حقوق الشعب والاصلاح ومحاربة الفساد واستئصال الفاسدين هي غاية وطنية كبرى لم يدركها الشعب منذ ثلاتة عشر عاما او اكثر، ولم يدركها احد ما دام في الساحة السياسية مليئة بأقزامها يعيشون بطول قامتهم وسط هذا الشعب المبتلي بهم وباجتهاداتهم السخيفة …….