23 ديسمبر، 2024 3:12 ص

التظاهر حق للمطالب ولكن بعد دحر ألآرهاب التكفيري المحارب

التظاهر حق للمطالب ولكن بعد دحر ألآرهاب التكفيري المحارب

قضية التظاهر في هذا الظرف الذي يمر به وطننا العزيز تحتاج أن نفكر فيها بعمق
الفساد المستشري بلا رادع والمشتركة فيه كل أحزاب السلطة ومن هم في محور الكيد للعراق الذي عرفنا كل أساليبه ووسائله , وأنهيار منظومة القيم لدى قطاعات واسعة في البنية ألآجتماعية العراقية حتى شملت شرائحا لايمكن أنكار أهمية وجودها في التنمية البشرية كألآطباء والمهندسين ومعلمي ومدرسي الملاك ألآبتدائي والثانوي , وكالمحامين والقضاة , وأرباب العمل والتجارة , ومن يخدمون في الجيش والشرطة من ضباط وجنود وشرطة , وبلد يفتقد حرص هذه الشرائح لايمكن أن يكون وضعه معافى أبدا .

فكيف أذا كان بلدنا يتعرض الى هجمة أرهابية تكفيرية أذا تركت على هوى عصاباتها ومن يدعمها  فأنها لاتبقي ولاتذر .

وأريد من أخوتي القراء والمتابعين أن  نستحضر أمثلة عملية من واقع الحياة حتى لانذهب بعيدا في التنظير كما قد يتصور البعض لاسيما الذين لايتابعون كل ما نكتب وفي مختلف الشؤون التي تهم وطننا ومواطنينا والناس أجمع , فيصدرون أحكاما لاتنتمي للواقع الذي نعيش ونتحرك فيه .

لو أفترضنا أن عائلة ما أرادت أن تجتمع وتتدارس تصرفات أبناءها مع الجيران أو في المدرسة , وأثناء أجتماعهم أندلع حريق في المطبخ مثلا , هل يمكن أن يستمر أعضاء العائلة بذلك ألآجتماع ؟ أم أنهم يسارعوا لآخماد الحريق في المطبخ ؟ وهذا التصرف تمليه الحاجة الى ألآمان , مثلما يمليه المنطق والعقل .

ونحن اليوم في العراق نواجه ما هو أكبر وأخطر من الحريق ذلك هو العدوان الهمجي التكفيري ألآرهابي الذي تمارسه عصابات شباب من بلدان وقوميات كثيرة ضيعوا بوصلة التفكير السليم وتعرضوا لعملية غسيل دماغ , فأصبحت مفاهيم الجهاد لديهم مقلوبهم , وأصبحت نظرتهم للآخرين تعاني من أنفصام لا علاج له , وأصبحت نظرتهم للحياة سوداوية مغلوطة لذلك أصبح مشروعهم هو ألآنتحار والعبث والدمار والبحث عن الفناء لكل شيئ , وحالة من هذا النوع لاتجعل صاحبها مؤهلا للحوار والتفاهم , بأستثناء من لازالوا على الهامش وهؤلاء يمكن أن يرجعوا الى الرشد وطريق الصواب .

لذلك فنحن في العراق أمام أبتلاء وأمتحان كبير وخطير ومصيري ووجودي , ومن لم يحسن التفكير فيما نحن فيه , فأنه من حيث يشعر أو لايشعر سيمنح ألآرهابيين التكفيريين فرصة العبث بوطننا أكثر وعبثهم كما عرفته عوائلنا في الموصل والرمادي يشمل ألآعراض والمال وكل ماهو موجود , وأعز الوجود هو الكرامة والسيادة يقول الشاعر العربي :-

يهون علينا أن تصاب جسومنا .. وتسلم أعراض لنا وعقول

من هنا نقول لآعزتنا العراقيين من الموصل ودهوك وأربيل والسليمانية مرورا بكركوك وصلاح الدين وألآنبار وديالى الى بغداد وكل محافظات الوسط والجنوب أن ماتعانونه من ضياع الحقوق , ونقص الخدمات , ومن فساد أستفحل في كل شيئ حتى جعلكم تعيشون فقراء وأنتم في بلد ثري وغني بموارد كثيرة ومعروفة , وجعلكم محرومين من أبسط متع الحياة , وعلى رأس الحرمان يبقى الفقر هو ألآخطر وألآسوأ ولذلك قال ألآمام علي عليه السلام : لوكان الفقر رجلا لقتلته ؟

وقال عليه السلام : عجبت لمن لايجد قوت يومه كيف لايشهر السيف في وجه الناس ” ويقصد بهم الظلمة وأعوانهم ” وهم في العراق أحزاب السلطة وأباطرة المال لاسيما حديثي النعمة الذين سرقوا ونهبوا المال العام وهو ملك العراقيين جميعا , لذلك ما أريده من أحبتنا المتظاهرين أن يكونوا على أشد الحذر من المندسين وهم كثر , ويكونوا على وعي كبير بخطورة المرحلة ومتطلباتها , وعلى رأس متطلباتها بأجماع أهل العقل والخبرة من الوطنيين : هو توجيه كل الجهود لمحاربة داعش وعصابات التكفير ألآرهابي ومن يحتمي بظلهم من متربصي الشر بوطننا لآغراض عنصرية , طائفية , فئوية ,  ونزوات شخصية .

على شبابنا المتظاهر الذي له كل الحق في التظاهر أن يجعل من تظاهره رديفا ومؤازرا للحشد الشعبي والجيش والشرطة وأبناء العشائر الذين هم جزء من الحشد الشعبي في المفهوم الوطني , وهذا الوعي للمتظاهرين كفيل بعدم أحداث فوضى في الشارع تشغل الحكومة وقوى ألآمن وتعطي صورة مشوه عن تظاهراتنا , وهذا مايريده أعداء العراق من داعش ومن يدعمها والصهيونية ومن يمشي في مخططاتها , وأعجبني شعار رفعه بعض المتظاهرين يقول : أنا معك يا أخي المقاتل في الحشد والجيش أنت تقاتل ألآرهابيين وأنا أقاتل الفساد , وهذا شيئ جميل فيه عقل وحكمة , ولكن لاننسى أن التظاهر معرض لآخطار المندسين , ومعرض للمزايدات وأصحاب المزايدات حاضرون وهم منافقو كل مجتمع وكل بلد .

لتكن تظاهراتنا منظمة محددة هادئة ولا تستمر طويلا حتى لا نساهم بشل الحركة اليومية والتي تعاني من تحديات كثيرة منها الكهرباء , وتلوث المياه والبطالة والغلاء , وألآستيراد العشوائي , وبيع العملة ألآجنبية في البنك المركزي بشكل مشبوه , وتهريب العملة  , وتوقف حركة ألآستثمار , مع تدمير الصناعة وتخريب الزراعة , والتعمد على أفلاس الخزينة , وأفشال الدولة .

والخلاصة علينا أن نتظاهر ولكن لانجزع فمن يجزع يفقد توازنه وهذا مايريده داعش وأعداء العراق , وعلينا أن لانسبب أذا لقوات الجيش والشرطة ممن يقومون بحماية التظاهرات , وأفضل تشكيل فرق ولجان منظمات تحاور الحكومة وتفتح معها خطا للتواصل بعيدا عن التشنج والعصبيات , حتى نجعل من هذا التشكيل بديلا عن المتخاذلين والفاسدين ممن دخلوا البرلمان والحكومة ومجالس المحافظات ونسوا شعبهم وأنشغلوا بأمتيازاتهم ومنهم الذين رفضوا تخفيض رواتب الرئاسات والوزراء والنواب وأصحاب الدرجات الخاصة , ولنعمل بوعي ووضوح على أن لايكون لهؤلاء غطاء لافي ألآنتخابات ولا في ألآحزاب .

أن التنظيم المدني الرصين هو ثمرة للتظاهر المنضبط الواعي , وبهذا ينتصر العراق على داعش وجميع أعدائه .