22 ديسمبر، 2024 10:10 م

المجتمعات المبتلاة بالديمقراطية الخديجة , تحسبها تهريج وفوضى وتظاهرات صاخبة ترتجي منها ما لا يُرتجى , وكأن التعبير عن الرأي يجب أن يترافق مع العنف والعدوانية والإنتقامية , وهذه تفاعلات أولية ساذجة لا قيمة لها ولا دور في صناعة الحياة الأفضل , لأنها ستثير بالمقابل مشاعر مناهضة لها , وربما عدائية ودموية بحجة ضبط الأمن , والحفاظ على مصالح المواطنين.
ومن الأمثلة القريبة جدا , تظاهرات الأخوة التونسيين ضد الدستور الجديد الذي عليهم التصويت عليه , فإذا كان الموضوع يمكن حسمه بالتصويت , فما الداعي للتظاهرات.
ليصوت الشعب , ويقر أو يدحض الدستور المطروح , وعندها يُلزم أصحابه بنتائج التصويت , ويكون قرارا لا مناص منه.
إن مجتمعاتنا صارت ضحية للدعوات الديمقراطية , التي يتحقق إستثمارها لزعزعة الإستقرار وإذكاء الصراعات الداخلية , ودفع المجتمع إلى حروب أهلية فتاكة.
وتلعب الأحزاب المؤدينة في مجتمعاتنا دورها السلبي التدميري , وفقا لعمائها العقائدي وقدرتها على تأجيج الإنفعالات , ودفع الناس إلى التصادم بذرائع وتسويغات إهلاكية قاسية.
ففي معظم دول اللعبة الديمقراطية حصلت تظاهرات تسببت بتداعيات مروعة وتفاعلات خسرانية مشينة , وكأن هناك قوى ترعاها وتستثمرها لتأمين مصالحها , وتتغافل عن مصالح البلاد والعباد.
والمطلوب أن يكون الوطن ومصالح المواطنين خط أحمر , وأن يتمتع المواطن بحرية الإدلاء برأيه والتعبير عن إرادته , وما يراه مناسبا وضروريا للحياة الحرة الكريمة التي تتأمن فيها حقوقه الإنسانية , فمعظم التظاهرات تنتهي بدموية كما حصل في العراق , وعندما تجري الإنتخابات تتولد عنها تداعيات مريرة , لأن الناخب لا يدلي برأية بل برأي الذي يتبع , وينفذ وصايا المتنفذين وفقا لمفهوم السمع والطاعة , فتكون الديمقراطية عبثقراطية وبهتانقراطية.
فهل سنستوعب معنى الديمقراطية المعاصر , ونتحرر من المفاهيم القديمة التي تجاوزتها الشعوب المعاصرة , فالديمقراطية بمفهومها القديم ذهبت مع الريح , وتسيّدت في العالم المصالحقراطية , فلا مسمى فوق المصالح , مهما توهم المغفلون!!
فهل أن ما يتحقق في بلداننا يخدم مصالحنا؟!!