تظاهرات الشعب العراقي المتواصلة.. هي نتيجة حتمية للظلم والإهمال وحماية الفاسدين الذي وصلت بهم الجرأة – بل الاستهزاء – أن يظهروا في وسائل الأعلام ويطالبوا بمحاربة الفساد! ثم يتمادوا في فسادهم مستغلين صبر وحِلْم أكثرية الشعب العراقي وقبولهم بوعود الحكومة وأقطابها الثلاثة سنة بعد سنة والأحوال مستمرة بالسوء ولا حلول لمشاكل الشعب ولا وفاء بالوعود ولا بالقليل منها!
ومما زاد الغضب الشعبي هو محاربة الحكومة باسم تطبيق القوانين فقط في رفع التجاوزات والعشوائيات من دون إنذار أو بديل وبأسلوب قاس متعمد ورمت بالآلاف من المواطنين الذين ينتظرون تحقيق وعود الحكومات بتوفير فرص العمل لهم وتشغيل المصانع وتوظيف الخريجين ومنع العمالة الأجنبية والتقليل من الاستيراد للبضائع والمواد الغذائية والزراعية التي يمكن توفيرها محلياً لو قدمت المساعدات اللازمة لهذه القطاعات العراقية؛ ومما زاد الطين بلة إجراءات “أمينة زبالة بغداد”!.. – عضو هيئة العراق للأمم المتحدة- !! فبدلا من الاهتمام برفع أكوام الزبالة في بغداد وأطرافها؛ عمدت إلى إزالة مصادر رزق آلاف من العائلات في بغداد من دون تقديم البديل لكسب رزق هؤلاء؛ والمؤلم أنها استعانت بالقوات الأمنية لإجبار الكسبة لرفع أكشاكهم وبسطاتهم العشوائية في عراق العشوائيات في كل شي!!.. هذه الإجراءات والمشابهة لها في مجالات أخرى أضافت شريحة بل شرائح كبيرة من الناقمين على الحكومة المستعدين للتظاهر حيث أن – قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق- من دون أن ينسقهم أحد فإجراءات السلطة وظلمها أو السلطات الفردية بإجراءاتها غير المدروسة هي التي “نسقتهم” وخلقت قيادات عفوية – بعيدا عن الأحزاب والجماعات المشاركة في الفساد – يدفعهم حجم الظلم والتعسف الأهوج الذي تقوم به بعض المؤسسات الحكومية وبدوافع وأهواء شخصية من دون حساب وتخطيط يؤمن مصلحة المواطن وفق القوانين التي تنظم حياة المواطن العراقي المنصوص عليها في الدستور والقوانين المنبثقة منه.
هذه باختصار أسباب الإنفجارات الشعبية التي تحدث بعد كل موجة من الوعود والتطمينات العاجزة عن التحقيق لأسباب مجهولة رغم إمكانية السلطات الحاكمة لتلبيتها وتهدئة وطمأنت الناس لحياة أفضل في ظل الأمن والاستقرار والعمل من أجل العراق ومستقبل شعبه.
أفضل حل لهذه الأزمات قبل أن تتفاقم وتتسع هو البدء الفوري والملموس بالإجراءات الصادقة والحاسمة التي لا تحتاج إلى الجلوس مع “المنسقين”!! ودراسة طلباتهم!! تلك الطلبات التي أصبحت محفوظة ترددها الأوساط الشعبية إصلاح التربية والتعليم وتوفير المدارس؛ رعاية الصحة وبناء المستشفيات؛ توفير العمل بإقامة المشاريع المختلفة؛ رعاية الزراعة والفلاحين؛ حماية المنتجات المحلية وتقليص الاستيراد؛ رعاية الفقراء والمسنين؛ حماية الشباب وصيانة الطفولة .. من أجل ذلك كله تهب جماهير شعبنا بين الحين والآخر لضمان مستقبل حياتها وأجيالها الذي بات مجهولا ويجب أن يضع له حد حتى لو قدم الشعب العراقي المغلوب على أمره من حكامه أرواحه في سبيل ذلك {فإما حياة تسر الصديق ** وإما ممات يغيض العدى}.. إن الشعب العراقي اليوم يشعر أن أعداءه الحقيقيين هم الحكومة والفاسدين فيها وليس الدواعش ولا القاعدة ولا حتى الأميركان وإسرائيل!!؟