19 ديسمبر، 2024 3:02 ص

التطور التاريخي للدعاية الانتخابية في العراق

التطور التاريخي للدعاية الانتخابية في العراق

وضعت الحكومات العراقية المتعاقبة وفي إطار النظام السياسي العراقي وعبر تاريخه المعاصر العديد من الضوابط والإجراءات القانونية والإعلامية والتعليمات للدعاية الانتخابية بدءًا من تأسيس الدولة العراقية الحديثة عام 1921 وحتى عام 2010 ففي مرحلة العهد الملكي بين عامي 1921 حتى 1958 وعبر مجالس نيابية وصل عددها إلى 17 مجلس نيابي تطورت الدعاية الانتخابية وفق ما نصت عليه ضوابط الحملات الانتخابية وظهرت بوادر الدعاية الانتخابية في العراق عام 1939 وبالرغم من استخدام أساليب للدعاية في الانتخابات إلا أنها كانت ضعيفة ولم تنظم بشكل جيد يتلاءم مع الحدث الانتخابي المهم .
ولقد كان للدعاية الانتخابية البرلمانية في العراق عام 1952 قوانين خاصة لتنظيم العملية الانتخابية، وصدر المرسوم الانتخابي بإرادة ملكية رقم 6 لسنة 1952 بوضع ضوابط وتعليمات سير الانتخابات وإشارة المادة 29 من المرسوم الملكي بأن تكون الدعاية الانتخابية حرة وضمن حدود المنطقة وفقاً للضوابط والقوانين، كما حددت المادة 30 من المرسوم نفسه على ضرورة تحديد الأماكن الخاصة للدعاية الانتخابية ونصت على ما يلي (لا يجوز تعليق لو لصق إعلانات أو بيانات للدعاية الانتخابية في زمن الانتخابات إلا في الأماكن التي تقررها البلديات( فالمادة الحادية والثلاثون من نفس المرسوم أشارت إلى إعفاء الوسائل المستعلمة للدعاية الانتخابية في زمن الانتخابات من جميع الرسوم والأجور)، وأشارت المادة الثانية والثلاثون من نفس القانون على منع إلصاق أو توزيع أي مطبوع كالإعلان والبيان والتعميم وغيرها من الوسائل للدعاية الانتخابية إعتباراً من صباح اليوم الثاني الذي يسبق يوم الانتخاب).
وتوالت بعد ذلك القوانين الخاصة بالعملية الانتخابية لتنظيم هذه الممارسة وصدرت الضوابط المعنية بإنتخابات سنة 1954 والتي نظمت العملية الانتخابية بشكل يسير وبسيط وعدت تلك الانتخابات بأنها أكثر نزاهة ومشاركة في نفس الوقت، كما تم بموجبها تحديد عدد المقاعد النيابية في الانتخابات التشريعية لمجلس النواب بـ 135 مقعداً نيابياً وقد تنافس في تلك الانتخابات 466 مرشحاً، وسمح لكل من المرشحين وفقاً للقوانين والضوابط التي درجت من ضمن التعليمات وأن يختاروا الوسيلة التي يرونها مناسبة لهم في الدعاية الانتخابية داخل منطقة الانتخابات والإطلاع من قبل هيئة الناخبين على البرنامج الانتخابي لكل مرشح والذي تم إعداده لذلك واستمرت العملية النيابية بإصدار تعليمات وقوانين تخص الدعاية الانتخابية وتنظيمها، وقد تطرق قانون الانتخابات عام 1956 إلى البقاء على قانون الدعاية للانتخابات السابقة مع إضافة فقرة واحدة على المواد الخاصة بالقانون وهي (لا يجوز مطلقاً الكتابة أو النقش على الجدران للدعاية الانتخابية)، وتميزت فترة الحكم الملكي في العراق صدور أربعة قوانين خاصة لتنظيم إنتخابات المجالس النيابية وهذه القوانين هي:
1. القانون الأول: صدر القانون بتاريخ 2/8/1924 بعد مصادقة المجلس التأسيسي الأول عليه والمتضمنة مبادئ تنظيم العملية الانتخابية وبموجبها تكون الانتخابات على مرحلتين، وعلى أثر ذلك تم تحديد سن الرشد السياسي للناخب بـعشرين سنة فضلاً عن التزام الناخب بأداء الضريبة للدولة، واعتبر كل لواء (محافظة) من الوية العراق دائرة إنتخابية مستقلة وقسمت المملكة العراقية إلى ثلاثة مناطق انتخابية (شمالية، وسطى ،جنوبية).
2. القانون الثاني: صدر القانون الثاني رقم 11 لتنظيم الانتخابات في عام 1946 وكان من ضمن آلية تنظيم الانتخابات بعض المبادئ والشروط، ومن أهمها أن يكون الناخب من دافعي الضرائب وتم تحديد المناطق الانتخابية نزولاً عند المراكز (القضاء) وليس المحافظة (اللواء) وعلى من يجد في نفسه القدرة أو الرغبة في الترشح يقوم بإيداع مبلغ قدره 100 دينار عراقي، وفي حالة عدم حصول المرشح على 10% من الأصوات اللازمة فإن المبلغ يصبح بذمة “المملكة العراقية” ويذهب إيرادات إلى بلدية الدائرة الانتخابية (القضاء) أو المركز حصراً وفقاً للتعليمات.
3. القانون الثالث: هو المرسوم الذي صدر بإرادة ملكية في عطلة مجلس الأمة العراقي برقم 6 لسنة 1952 والذي اعتبر الانتخابات حق مشروع على أساس أن الانتخابات المباشرة إستجابة لنداء القوى الوطنية .
4. القانون الرابع: هو الإطار القانوني الذي شرع به للانتخابات بعد أن كانت وفق القانون السابق (مرسوم) وصدر القانون برقم 53 لسنة 1954 ولم يتضمن تغيير عن المرسوم السابق وبقي على آلية سير الانتخابات والمضامين القانونية له .
وبعد قيام ثورة تموز/ يوليو 1958 وانتقال العراق من الحكم الملكي إلى الحكم الجمهوري تم على أثر ذلك إلغاء القانون الأساسي للدولة العراقية والصادر عام 1925 والذي أطلق عليه (الدستور الأول) فتم إلغاء جميع المؤسسات القائمة بموجبه بما فيها مجلس الأمة بهيئتيه (مجلس الأعيان ومجلس النواب) واهتمت التشريعات الانتخابية في القوانين التي صدرت بعد العهد الملكي بتنظيم عمل الدعاية نظراً لأهميتها في العملية الانتخابية وتأثيرها المباشر على هيئة الناخبين كما حددت بعض تلك القوانين من حرية العمل الدعائي بما يناسب والنظام السياسي القائم في تلك الفترة، وشرعت عدة قوانين لهذه الممارسة منها قانون رقم 25 لسنة 1963 وقانون المجلس الوطني رقم 61 لسنة 1964 وقانون مجلس الأمة لسنة 1967 وقانون المجلس الوطني برقم 228 لسنة 1980 وقانون المجلس الوطني رقم 55 لسنة 1980 وقانون المجلس الوطني رقم 26 لسنة 1995 .
وكانت الدعاية الانتخابية في تلك الفترة يشوبها نوعاً من الميول نحو السلطة الحاكمة وتمت الإشارة إلى الصلاحيات الممنوحة وفقاً لهذه القوانين وللهيئة المشرفة على الانتخابات وإصدارها التعليمات والإجراءات التي توضح كيفية استخدام المرشحين السياسيين لوسائل الدعاية الانتخابية ضمن الإطار القانوني، كما أشار بذلك قانون رقم 55 لسنة 1980 فقد نصت المادة الرابعة والأربعون من القانون على تحمل الدولة كافة أعباء العملية الانتخابية بما فيها الدعاية والنشاطات التي يقيمها المرشحون ويتم استرداد نصف المبلغ في حالة عدم حصول المرشح على 100 ألف صوت ضمن دائرته الانتخابية.
وأشار هذا القانون إلى عملية تمويل الدعاية الانتخابية من جهات محلية أو خارجية، فقد أشارت المادة 45 من القانون نفسه “أنه وفي حالة تسلم كل مرشح لعضوية المجلس الوطني مبالغ مالية بقصد التأثير على نتائج الانتخابات من أي جهة محلية أو خارجية يعاقب وفق المادة 156 من قانون العقوبات العراقي”، وأشارت المادة 46 من القانون ذي الرقم 55 لسنة 1980 إلى موعد انطلاق الدعاية الانتخابية، التي تبدأ في اليوم التالي لإعلان الأسماء والمصادق عليها رسمياً وتنتهي بيوم (الصمت الانتخابي)، قبل يوم الاقتراع بـ24 ساعة.
وفي آخر انتخابات للمجلس الوطني العراقي قبل عام 2003 صدر قانون المجلس ذي الرقم 26 لسنة 1995 والذي أشار فيه إلى أن تكون الدعاية الانتخابية حرة ضمن حدود القانون كما تبنت “وزارة الثقافة والإعلام” وضع التعليمات الخاصة بآلية استخدام وسائل الدعاية الانتخابية في التلفزيون الرسمي العراقي والإذاعات والصحف مع إصدار ملحق خاص بالإنتخابات ولمرة واحدة، على أن تتحمل الحكومة العراقية النفقات المالية لطبعه وتوزيعه ويحتوي الإصدار معلومات عامة عن المرشحين تتضمن السيرة الذاتية C.V مع صورته الشخصية، ويتم تكرار الإعلان الانتخابي عن طريق التلفزيون العراقي الرسمي، وصدرت التعليمات بإعداد اللافتات والملصقات والبطاقات الخاصة بالانتخابات، مع ضرورة تكافؤ الفرص والتساوي بين كافة المرشحين وعلى مستوى 15 محافظة عراقية باستثناء منطقة الحكم الذاتي (كردستان العراق)، والتي كانت خارج سلطات الحكومة المركزية في تلك الفترة.
وسمحت اللجنة المشرفة على الانتخابات المرشح بالمشاركة في انتخابات المجلس الوطني العراقي بعد استيفائه للإجراءات القانونية والسماح له بتشكيل فريق عمل خاص به للمساعدة في إدارة الحملة الانتخابية خلال فترة الانتخابات وممارسة حقه القانوني في الدعاية الانتخابية من توزيع صور وبوسترات وإقامة الندوات والمؤتمرات الخاصة بذلك، على أن لا يتجاوز التوزيع عدد المراكز الواقعة ضمن منطقته الانتخابية (الدائرة الانتخابية) للمرشح .
أما في الفترة التي تلت ما بعد عام 2003 فكانت الدعاية الانتخابية نشطة وفعالة ففي إنتخابات مجلس النواب العراقي الدورة الأولى عام 2005 التي جرت وفقاً لقانون الانتخابات وقسم العراق إلى عدة دوائر إنتخابية وفقاً للتقسيم الإداري للمحافظات وبموجب قانون الانتخابات، قامت المفوضية بتسجيل الكيانات السياسية والإئتلافات الانتخابية المشاركة وصدرت ورقة اقتراع خاصة لكل محافظة من المحافظات العراقية الثماني عشرة.
وأقر قانون الانتخابات وفقاً للدستور بأن يتكون اعضاء مجلس النواب العراقي في دورته الأولى من (275) عضواً، تخصص (230) مقعداً من مجموع المقاعد على اساس الدوائر الانتخابية، فيما ستكون المقاعد التعويضية (45) المتبقية ستوزع على الائتلافات الفائزة، وفقاً للقاسم الانتخابي (حساب الأصوات).
وقد طلبت مفوضية الانتخابات من كل الكيانات السياسية المشاركة في الانتخابات البرلمانية الالتزام بالقوانين “الانتخابية والمدنية والجزائية” السارية والتي صدرت عن المفوضية ومنها:
1- خوض الحملة الانتخابية بشكل يسهم في إشاعة أجواء سلمية خلال العملية الانتخابية.
2- الالتزام بقانون إدارة العراق المؤقت والصادر من سلطة الائتلاف لإدارة الدولة.
3- تنفيذ وقبول القرارات التي تتخذها المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق.
4- الالتزام باللوائح والإجراءات والتوجيهات المتعلقة بالتجمعات العامة.
5- عدم السماح باستخدام لغة الكراهية والتخويف والتحريض على العنف ويمنع الكلام في ذلك.
6- الالتزام بالحظر المفروض على دعم الإرهاب وممارسته واستخدامه.
7- ضمان التزام جميع المرشحين بالمعايير الدستورية لإكمال الأهلية القانونية.
8- ضمان سلامة المرشحين من العنف أو الإهانة أو المخاطر أو التهديد خلال حملاتهم الانتخابية.
9- قبول النتائج التي تسفر عنها أي إنتخابات وتصادق عليها المفوضية العليا المستقلة للانتخابات وتأييد لهذه النتائج.
10- احترام حق الكيانات السياسية الأخرى وحريتها في المشاركة بالحملة الانتخابية والتعبير عن أفكارها وبرامجها علناً.
11- التعاون مع الكيانات السياسية الأخرى لتفادي عقد اللقاءات أو الإجتماعات أو غيرها من النشاطات الأخرى في نفس الوقت والمكان.
12- السعي إلى تحقيق شفافية كاملة في الشؤون المالية السياسية والمصروفات.
13- احترام حقوق الناخبين وغيرهم من أفراد المجتمع.
14- احترام حقوق المسؤولين وأفراد قوى الأمن والصحفيين ومراقبي الانتخابات ووكلاء الأحزاب السياسية والتعاون معهم.
15- اتخاذ كل الخطوات الممكنة لضمان سلامة الناخبين وغيرهم من أفراد المجتمع ضد العنف أو الإهانة أو المخاطر أو التهديد خلال مشاركتهم في العملية الانتخابية.
16- احترام الأشخاص الآخرين والكيانات السياسية وممتلكاتها.
وفي ضوء ذلك يتطلب من الكيانات السياسية المشاركة في الانتخابات أن تمتنع عن :
1- نشر أو تكرار مزاعم كاذبة أو تشهيرية أو تحريضية عن الخصوم أو أي مشارك آخر في العملية الانتخابية بمن فيهم المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق.
2- يمنع تقليد أسم أي كيان سياسي آخر أو شعاره.
3- تقديم مذكرات لا يعتد بها أو إساءة استخدام حق الشكوى إلى المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق.
4- سرقة المواد الانتخابية لأي كيان سياسي آخر أو أتلافها أو تشويهها.
5- استخدام لغة أو صور أو رموز تُشجع على الكراهية تجاه الآخرين أو من الجائز أن تحرض على أي عمل من أعمال العنف .
6- عدم السماح بحمل أو عرض الأسلحة في اللقاءات أو الإجتماعات.
7- إمتلاك قوة مسلحة أو ميليشيا أو ممولاً منها بصورة مباشرة من مخلفات النظام السابق أو الارتباط بها.
8- منع أو محاولة منع أي مسؤول إنتخابي أو فرد من افراد قوى الأمن أو صحفي أو مراقب أو وكيل حزب سياسي من القيام بواجباته القانونية.
9- أفساد لقاءات أو اجتماعات أي كيان سياسي أو منعها.
10- منع أو محاولة المنع لأي شخص من ممارسة حقوقه وخاصة حقه في الانتخاب.
11- يمنع تعطيل عملية تسجيل الناخبين أو عملية الإقتراع أو عملية فرز الأصوات .
12- التعهد بدفع أو تقديم أي مبلغ أو خدمة أو هدية لغرض كسب تأييد أحد الناخبين (إلا إذا كان مثل هذا العهد إعلانا مشروعاً عن سياسة عامة أو وعد بعمل عام).
13- نشر أو توزيع أي مواد معروفة بكونها زائفة لغرض تضليل الناخب.
14- عرض علامات أو ملصقات أو وضع أسم أو شعار على ممتلكات عامة أو ممتلكات خاصة من دون موافقة صريحة من أصحابها.
15- استغلال موارد العراق العامة أو مواقع القوة أو النفوذ لإغراض سياسية.
وعلى أثر ذلك تم التعميم من قبل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق أنه وفي حالة اكتشاف أن أي “كيان سياسي” مهما كانت مكانته وقوة نفوذه وسلطة قادته وشعبية مرشحيه أو أعضائه أو مؤازريه، قد خرقوا قواعد “السلوك الانتخابي” المعمول بها فإن للمفوضية الحق القانوني في فرض غرامات مالية على الكيان السياسي المخالف للتعليمات أو منعه من المشاركة في الانتخابات استناداً للصلاحيات الممنوحة.

أحدث المقالات

أحدث المقالات