22 ديسمبر، 2024 6:55 م

التطرف الشعبي وتأثيره في كيان الدولة

التطرف الشعبي وتأثيره في كيان الدولة

الشعب مصدر السلطات …
من هنا ينطلق الشعب في فرض سلطته الشعبية على جميع الأشياء بدرجات متفاوتة بين الإيجابية والسلبية … فتارة يمارس حقه القانوني وحتى الشرعي بمواقف نابعة عن دراسة وتعمق أو تبعا لما يطرحه أهل الخبرة في مجال ما …
وهذا شئ إيجابي يحتاج الى تفعيل ودعم أكبر لأهميته في التقييم والتقويم … لكن ذلك لا يعني أبدا أن يكون مسوغا لممارسة الصلاحايات المطلقة بما يلائم المزاج العام الشعبي في كل القضايا … وخصوصا إذا كان هذا الرأي العام او المزاج ليس وعيا ولا رأي يصنعه المتخصصون بمقدار ما هو رأي يصنع من قبل الماكينات الإعلامية ويصدر شعبيا وكأنه رأي عام او رأي خاص بالجماهير … فيسري ويفرض نفسه بقوة الضغط الشعبي حيث الإنقياد والإندفاع الأعمى الذي يأخذ مجراه الواسع وربما يساهم في إحداث تغييرات سلبية في الواقع لكنها إيجابية بنظر السلطة الشعبية بسبب الفهم الخاطئ او الإعلام المضلل وفعل الماكينات الإعلامية.
هذا هو ما يمكن أن نطلق عليه التطرف الشعبي الذي يكون عادة جزءا من عملية الهدم في الكيان العام من خلال :
إحداث وعي مضلل لدى الشعب وخلق معارضة فاشلة وخلق تيار يحمل وعيا مضللا يكون سببا في ضياع جهود الوعي الحقيقي والمعارضة الواعية وتشويه صورتها وتصدير الحالة الشعبية المتطرفة على أنها حالة صحية تمثل طيف واسع مما يساهم بتقويتها وزيادة تأثيرها وتأثير صناعها وجعل قوة الرأي الشعبي تحت سلطة الماكينات الصانعة للحدث و أصحاب الوعي والإدراك الوهمي والنفعيين من أصحاب المصالح الخاصة .
التأثير على أصحاب القرار في اصدار قرارات سلبية المنحى لكنها شعبية التوجه والتأثير وإهمال المصالح العليا وذلك لإرضاء الجمهور ليس إلا . سواء كان ذلك في الجانب السياسي او الإقتصادي او القانوني مما يتيح للسلطة الشعبية ممارسة صلاحياتها الواسعة مستندة لظهر القانون الذي سخرته لما يلائم اهواءها ومصالحها .
فشل في المجالات التي تتدخل فيها الحالة الشعبية المتطرفة ورمي الكرة في ملعب المجتمع وإخلاء ساحة اصحابها من الأخطاء والسلبيات وصنع حالة هجومية لكل المنظومات التي تخالف او تنقد او تحاول تصحيح الحالة وإيقاف المد الشعبي مما يخلق صراعا مجتمعيا يشتت الأهداف ويضلل الصورة ويقلل من أهمية المجتمع ومنظوماته بإختلافها ويخفف من تأثيرها الإيجابي فيما يخص الرقابة المجتمعية وتصحيح المسارات الخاطئة ودعم مشاريع الوعي الحقيقي.
لذا صار لزاما على أصحاب الوعي الحقيقي عدم النكوص والإنزواء في مواجهة المد الشعبي المتطرف للتخلص من مواجهة ردود أفعاله غير المنضبطة او التسقيطية … وإن كان لا بأس على الأقل في اختراقه في محاولة لتصحيح نظرته ومساراته وشخوصه مع الحفاظ على الخطوط العامة والمبادئ التي لا يمكن تتغير مهما كانت التبريرا ت , كما هي مسؤولية الجميع كل حسب نظرته وطريقته في المساهمة بالضغط الشعبي لتصحيح المسارات الخاطئة للسلطات ومحاولة تقويم وتقوية كيان الدولة الذي هو ليس حكرا لأحد دون آخر ومسؤولية الحفاظ عليه والدفاع عنه تخص الجميع مهما اختلفت الوسائل سياسيا وعسكريا واقتصاديا واعلاميا .